الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 52 ] كرع

                                                          كرع : كرعت المرأة كرعا فهي كرعة : اغتلمت وأحبت الجماع . وجارية كرعة : مغليم ، ورجل كرع ، وقد كرعت إلى الفحل كرعا . والكراع من الإنسان : ما دون الركبة إلى الكعب ، ومن الدواب : ما دون الكعب ، أنثى . يقال : هذه كراع ، وهو الوظيف ; قال ابن بري : وهو من ذوات الحافر ما دون الرسغ ، قال : وقد يستعمل الكراع أيضا للإبل كما استعمل في ذوات الحافر ; قالت الخنساء :


                                                          فقامت تكوس على أكرع ثلاث ، وغادرت أخرى خضيبا

                                                          فجعلت لها أكارع أربعا ، وهو الصحيح عند أهل اللغة في ذوات الأربع ، قال : ولا يكون الكراع في الرجل دون اليد إلا في الإنسان خاصة ، وأما ما سواه فيكون في اليدين والرجلين ، وقال اللحياني : هما مما يؤنث ويذكر ، قال : ولم يعرف الأصمعي التذكير ، وقال مرة أخرى : هو مذكر لا غير ، وقال سيبويه : أما كراع فإن الوجه فيه ترك الصرف ، ومن العرب من يصرفه يشبهه بذراع ، وهو أخبث الوجهين ، يعني أن الوجه إذا سمي به أن لا يصرف لأنه مؤنث سمي به مذكر ، والجمع أكرع ، وأكارع جمع الجمع ، أما سيبويه فإنه جعله مما كسر على ما لا يكسر عليه ، مثله فرارا من جمع الجمع ، وقد يكسر على كرعان . والكراع من البقر والغنم : بمنزلة الوظيف من الخيل والإبل والحمر ، وهو مستدق الساق العاري من اللحم ، يذكر ويؤنث ، والجمع أكرع ثم أكارع . وفي المثل : أعطي العبد كراعا فطلب ذراعا ؛ لأن الذراع في اليد ، وهو أفضل من الكراع في الرجل . وكرعه : أصاب كراعه . وكرع كرعا : شكا كراعه . ويقال للضعيف الدفاع : فلان ما ينضج الكراع . والكرع : دقة الأكارع ، طويلة كانت أو قصيرة ، كرع كرعا ، وهو أكرع ، وفيه كرع أي دقة . والكرع أيضا : دقة الساق ، وقيل : دقة مقدمها وهو أكرع ، والفعل كالفعل والصفة كالصفة . وفي حديث الحوض : فبدأ الله بكراع أي طرف من ماء الجنة مشبه بالكراع لقلته ، وإنه كالكراع من الدابة . وتكرع للصلاة : غسل أكارعه ، وعم بعضهم به الوضوء . قال الأزهري : تطهر الغلام وتكرع وتمكى ، إذا تطهر للصلاة . وكراعا الجندب : رجلاه ، ومنه قول أبي زبيد :


                                                          ونفى الجندب الحصى بكراعي     ه ، وأوفى في عوده الحرباء



                                                          وكراع الأرض : ناحيتها . وأكارع الأرض : أطرافها القاصية ، شبهت بأكارع الشاء ، وهي قوائمها . وفي حديث النخعي : لا بأس بالطلب في أكارع الأرض أي نواحيها وأطرافها . والكراع : كل أنف سال فتقدم من جبل أو حرة . وكراع كل شيء : طرفه ، والجمع في هذا كله كرعان وأكارع . وقال الأصمعي : العنق من الحرة يمتد ; قال عوف بن الأحوص :


                                                          ألم أظلف عن الشعراء عرضي     كما ظلف الوسيقة بالكراع ؟



                                                          وقيل : الكراع ركن من الجبل يعرض في الطريق . ويقال : أكرعك الصيد وأخطبك وأصقبك وأقنى لك بمعنى أمكنك . وكرع الرجل بطيب فصاك به أي لصق به . والكراع : اسم يجمع الخيل . والكراع : السلاح ، وقيل : هو اسم يجمع الخيل والسلاح . وأكرع القوم إذا صبت عليهم السماء فاستنقع الماء حتى يسقوا إبلهم من ماء السماء والعرب تقول لماء السماء إذا اجتمع في غدير أو مساك : كرع . وقد شربنا الكرع وأروينا نعمنا بالكرع . والكرع والكراع : ماء السماء يكرع فيه . ومنه حديث معاوية : شربت عنفوان المكرع أي في أول الماء ، وهو مفعل من الكرع ، أراد به عز فشرب صافي الماء وشرب غيره الكدر ; قال الراعي يصف إبلا وراعيها بالرفق في رعاية الإبل ، ونسبه الجوهري لابن الرقاع :


                                                          يسنها آبل ، ما إن يجزئها     جزأ شديدا ، وما إن ترتوي كرعا


                                                          وقيل : هو الذي تخوضه الماشية بأكارعها . وكل خائض ماء كارع ، شرب أو لم يشرب . والكراع : الذي يسقي ماله بالكرع ، وهو ماء السماء . وفي الحديث : أن رجلا سمع قائلا يقول في سحابة : اسق كرع فلان ، قال : أراد موضعا يجتمع فيه ماء السماء فيسقي به صاحبه زرعه . ويقال : شربت الإبل بالكرع إذا شربت من ماء الغدير . وكرع في الماء يكرع كروعا وكرعا : تناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا بإناء ، وقيل : هو أن يدخل النهر ثم يشرب ، وقيل : هو أن يصوب رأسه في الماء وإن لم يشرب . وفي الحديث : أنه دخل على رجل من الأنصار في حائطه فقال : إن كان عندك ماء بات في شنه وإلا كرعنا ; كرع إذا تناول الماء بفيه من موضعه كما تفعل البهائم ؛ لأنها تدخل أكارعها ، وهو الكرع ; ومنه حديث عكرمة : كره الكرع في النهر . وكل شيء شربت منه بفيك من إناء أو غيره فقد كرعت فيه ، وقال الأخطل :


                                                          يروي العطاش لها عذب مقبله     إذا العطاش على أمثاله كرعوا


                                                          والكارع : الذي رمى بفمه في الماء . والكريع : الذي يشرب بيديه من النهر إذا فقد الإناء . وكرع في الإناء إذا أمال نحوه عنقه فشرب منه ; وأنشد للنابغة :


                                                          بصهباء في أكنافها المسك كارع



                                                          قال : والكارع الإنسان أي أنت المسك لأنك أنت الكارع فيها المسك . ويقال : اكرع في هذا الإناء نفسا أو نفسين ، وفيه لغة أخرى : كرع يكرع كرعا ، وأكرعوا : أصابوا الكرع ، وهو ماء السماء ، وأوردوا . والكارعات والمكرعات : النخل التي على الماء ، وقد أكرعت وكرعت ، وهي كارعة ومكرعة ; قال أبو حنيفة : هي التي لا يفارق الماء أصولها ; وأنشد :


                                                          أو المكرعات من نخيل ابن يامن     دوين الصفا اللائي يلين المشقرا



                                                          قال : والمكرعات أيضا النخل القريبة من المحل ، قال : والمكرعات أيضا من النخل التي أكرعت في الماء ; قاللبيد يصف نخلا نابتا على الماء :

                                                          [ ص: 53 ]

                                                          يشربن رفها عراكا غير صادرة     فكلها كارع في الماء مغتمر



                                                          قال : والمكرعات أيضا الإبل تدنى من البيوت لتدفأ بالدخان ، وقيل : هي اللواتي تدخل رءوسها إلى الصلاء فتسود أعناقها ، وفي المصنف المكربات ; وأنشد أبو حنيفة للأخطل :


                                                          فلا تنزل بجعدي إذا ما     تردى المكرعات من الدخان



                                                          وقد جعلت المكرعات هنا النخيل النابتة على الماء . وكرع الناس : سفلتهم . وأكارع الناس : السفلة شبهوا بأكارع الدواب ، وهي قوائمها . والكراع : الذي يخادن الكرع ، وهم السفل من الناس ، يقال للواحد : كرع ثم هلم جرا . وفي حديث النجاشي : فهل ينطق فيكم الكرع ؟ قال ابن الأثير : تفسيره في الحديث الدنيء النفس . وفي حديث علي : لو أطاعنا أبو بكر فيما أشرنا به عليه من ترك قتال أهل الردة لغلب على هذا الأمر الكرع والأعراب ; قال : هم السفلة والطغام من الناس . وكراع الغميم : موضع معروف بناحية الحجاز . وفي الحديث : خرج عام الحديبية حتى بلغ كراع الغميم ، وهو اسم موضع بين مكة و المدينة . وأبو رياش سويد بن كراع : من فرسان العرب وشعرائهم ، وكراع اسم أمه لا ينصرف ، قال سيبويه : هو من القسم الذي يقع فيه النسب إلى الثاني ؛ لأن تعرفه إنما هو به كابن الزبير وأبي دعلج ، وأما الكراعة التي تلفظ بها العامة فكلمة مولدة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية