الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        255 - الحديث الأول : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : [ ص: 495 ] { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى . عن المنابذة - وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه ، أو ينظر إليه - ونهى عن الملامسة . والملامسة : لمس الثوب ولا ينظر إليه . }

                                        التالي السابق


                                        اتفق الناس على منع هذين . البيعين . واختلفوا في تفسير " الملامسة " فقيل : هي أن يجعل اللمس بيعا ، بأن يقول : إذا لمست ثوبي فهو مبيع منك بكذا وكذا . وهذا باطل للتعليق في الصيغة ، وعدوله عن الصيغة الموضوعة للبيع شرعا وقد قيل : هذا من صور المعاطاة . وقيل : تفسيرها أن يبيعه على أنه إذا لمس الثوب فقد وجب البيع ، وانقطع الخيار . وهو أيضا فاسد بالشرط الفاسد وفسره الشافعي رحمه الله : بأن يأتي بثوب مطوي أو في ظلمة ، فيلمسه الراغب ، ويقول صاحب الثوب : بعتك هذا ، بشرط أن يقوم لمسك مقام النظر . وهذا فاسد إن أبطلنا بيع الغائب . وكذا إن صححناه ، لإقامة اللمس مقام النظر . وقيل يتخرج على نفي شرط الخيار .

                                        وأما لفظ الحديث الذي ذكره المصنف . فإنه يقتضي أن جهة الفساد : عدم النظر والتقليب . وقد يستدل به من يمنع بيع الأعيان الغائبة ، عملا بالعلة . ومن يشترط الوصف في بيع الأعيان الغائبة لا يكون الحديث دليلا عليه ; لأنه ههنا لم يذكر وصفا .



                                        وأما " المنابذة " فقد ذكر في الحديث " أنها طرح الرجل ثوبه لا ينظر إليه " والكلام في هذا التعليل كما تقدم . واعلم أن في كلا الموضعين يحتاج إلى الفرق بين المعاطاة وبين هاتين الصورتين . فإذا علل بعدم الرؤية المشروطة : فالفرق ظاهر . وإذا فسر بأمر لا يعود إلى ذلك : احتيج حينئذ إلى الفرق بينه وبين مسألة المعاطاة عند من يجيزها .




                                        الخدمات العلمية