الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8267 ) مسألة ; قال : ( ولا يقبل هدية من لم يكن يهدي إليه قبل ولايته ) وذلك لأن الهدية يقصد بها في الغالب استمالة قلبه ، ليعتني به في الحكم ، فتشبه الرشوة . قال مسروق : إذا قبل القاضي الهدية ، أكل السحت ، وإذا قبل الرشوة ، بلغت به الكفر .

                                                                                                                                            وقد روى أبو حميد الساعدي ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد ، يقال له ابن اللتبية على الصدقة ، فقال : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي . فقام النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله ، وأثنى [ ص: 118 ] عليه ، ثم قال : { ما بال العامل نبعثه ، فيجيء فيقول : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، ألا جلس في بيت أمه ، فينظر أيهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده ، لا نبعث أحدا منكم ، فيأخذ شيئا ، إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته ، إن كان بعيرا له رغاء ، أو بقرة لها خوار ، أو شاة تيعر . فرفع يديه حتى رأيت عفرة إبطيه ، فقال : اللهم هل بلغت ثلاثا ؟ } متفق عليه .

                                                                                                                                            ولأن حدوث الهدية عند حدوث الولاية يدل على أنها من أجلها ، ليتوسل بها إلى ميل الحاكم معه على خصمه ، فلم يجز قبولها منه كالرشوة ، فأما إن كان يهدي إليه قبل ولايته ، جاز قبولها منه بعد الولاية ; لأنها لم تكن من أجل الولاية ; لوجود سببها قبل الولاية ، بدليل وجودها قبلها . قال القاضي : ويستحب له التنزه عنها . وإن أحس أنه يقدمها بين يدي خصومه ، أو فعلها حال الحكومة ، حرم أخذها في هذه الحال ; لأنها كالرشوة . وهذا كله مذهب الشافعي .

                                                                                                                                            وروي عن أبي حنيفة وأصحابه ، أن قبول الهدية مكروه غير محرم . وفيما ذكرناه دلالة على التحريم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية