الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8268 ) فصل : فأما الرشوة في الحكم ، ورشوة العامل ، فحرام بلا خلاف . قال الله تعالى { أكالون للسحت } قال الحسن ، وسعيد بن جبير ، في تفسيره : هو الرشوة . وقال : إذا قبل القاضي الرشوة ، بلغت به إلى الكفر وروى عبد الله بن عمرو قال : { لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي . } قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . ورواه أبو هريرة ، وزاد : " في الحكم " . ورواه أبو بكر ، في " زاد المسافر " ، وزاد : " والرائش " وهو السفير بينهما .

                                                                                                                                            ولأن المرتشي إنما يرتشي ليحكم بغير الحق ، أو ليوقف الحكم عنه ، وذلك من أعظم الظلم . قال مسروق : سألت ابن مسعود عن السحت ، أهو الرشوة في الحكم ؟ قال : لا ، { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } و { الظالمون } و { الفاسقون } ولكن السحت أن يستعينك الرجل على مظلمة ، فيهدي لك ، فلا تقبل . وقال قتادة : قال كعب : الرشوة تسفه الحليم ، وتعمي عين الحكيم . فأما الراشي فإن رشاه ليحكم له بباطل ، أو يدفع عنه حقا ، فهو ملعون ، وإن رشاه ليدفع ظلمه ، ويجزيه على واجبه ، فقد قال عطاء ، وجابر بن زيد ، والحسن : لا بأس أن يصانع عن نفسه . قال جابر بن زيد : ما رأينا في زمن زياد أنفع لنا من الرشا .

                                                                                                                                            ولأنه يستنقذ ماله كما يستنقذ الرجل أسيره . فإن ارتشى الحاكم ، أو قبل هدية ليس له قبولها ، فعليه ردها إلى أربابها ; لأنه أخذها بغير حق ، فأشبه المأخوذ بعقد فاسد . ويحتمل أن يجعلها في بيت المال ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر ابن اللتبية بردها على أربابها . وقد قال أحمد : إذا أهدى البطريق لصاحب الجيش عينا أو فضة ، لم تكن له دون سائر الجيش . قال أبو بكر : يكونون فيه سواء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية