الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 129 ] فصل : وصفة الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم سبب هذا الكتاب أطال الله بقاء من يصل إليه من قضاة المسلمين وحكامهم ، أنه ثبت عندي في مجلس حكمي وقضائي ، الذي أتولاه بمكان كذا . وإن كان نائبا ، قال : الذي أنوب فيه عن القاضي فلان ، بمحضر من خصمين ; مدع ، ومدعى عليه ، جاز استماع الدعوى منهما ، وقبول البينة من أحدهما على الآخر ، بشهادة فلان وفلان ، وهما من الشهود المعدلين عندي ، عرفتهما ، وقبلت شهادتهما ، بما رأيت معه قبولها معرفة فلان بن فلان الفلاني ، بعينه واسمه ونسبه .

                                                                                                                                            فإن كان في إثبات أسر أسير قال : وإن الفرنج ، خذلهم الله ، أسروه بمكان كذا ، في وقت كذا ، وأخذوه إلى مكان كذا ، وهو مقيم تحت حوطتهم ، أبادهم الله ، وإنه رجل فقير من فقراء المسلمين ، ليس له شيء من الدنيا ، ولا يقدر على فكاك نفسه ، ولا على شيء منه ، وإنه مستحق للصدقة ، على ما يقتضيه كتاب المحضر المشار إليه ، المتصل أوله بآخر كتابي هذا ، المؤرخ بكذا .

                                                                                                                                            وإن كان في إثبات دين كتب : وإنه استحق في ذمة فلان بن فلان الفلاني - ويرفع في نسبه ، ويصفه بما يتميز به من الدين - كذا وكذا ، دينا عليه حالا ، وحقا واجبا لازما ، وإنه يستحق مطالبته واستيفاءه منه .

                                                                                                                                            وإن كان في إثبات عين ، كتب : وإنه مالك لما في يدي فلان من الشيء الفلاني - ويصفه صفة يتميز بها - مستحق لأخذه وتسليمه ، على ما يقتضيه كتاب المحضر المتصل بآخر كتابي هذا ، المؤرخ بتاريخ كذا ، وقال الشاهدان المذكوران : إنهما بما شهدا به منه عالمان ، وله محققان ، وإنهما لا يعلمان خلاف ما شهدا به إلى حين أقاما الشهادة عندي ، فأمضيت ما ثبت عندي من ذلك ، وحكمت بموجبه بسؤال من جازت مسألته ، وسألني من جاز سؤاله ، وسوغت الشريعة المطهرة إجابته المكاتبة بذلك إلى القضاة والحكام ، فأجبته إلى ملتمسه ; لجوازه له شرعا ، وتقدمت بهذا الكتاب فكتب ، وبإلصاق المحضر المشار إليه فألصق ، فمن وقف عليه منهم ، وتأمل ما ذكرته ، وتصفح ما سطرته ، واعتمد في إنفاذه والعمل بموجب ما يوجبه الشرع المطهر ، أحرز من الأجر أجزله . وكتب من مجلس الحكم المحروس ، من مكان كذا ، في وقت كذا .

                                                                                                                                            ولا يشترط أن يذكر القاضي اسمه في العنوان ، ولا ذكر اسم المكتوب إليه في باطنه . وبهذا قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : إذا لم يذكر اسمه ، فلا يقبل ; لأن الكتاب ليس إليه ، ولا يكفي ذكر اسمه في العنوان دون باطنه ; لأن ذلك لم يقع على وجه المخاطبة . ولنا ، أن المعول فيه على شهادة الشاهدين على القاضي الكاتب بالحكم ، وذلك لا يقدح فيها ، ولو ضاع الكتاب أو امتحا ، سمعت شهادتهما ، وحكم بها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية