الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8288 ) فصل : فأما إن قال في ولايته : كنت حكمت لفلان بكذا . قبل قوله ، سواء قال : قضيت عليه بشاهدين عدلين . أو قال : سمعت بينته وعرفت عدالتهم . أو قال : قضيت عليه بنكوله . أو قال : أقر عندي فلان لفلان بحق ، فحكمت به . وبهذا قال أبو حنيفة ، والشافعي ، وأبو يوسف . وحكي عن محمد بن الحسن : أنه لا يقبل حتى يشهد معه رجل عدل ; لأن فيه إخبارا بحق على غيره ، فلم يقبل قول واحد ، كالشهادة .

                                                                                                                                            [ ص: 134 ] ولنا ، أنه يملك الحكم ، فملك الإقرار به ، كالزوج إذا أخبر بالطلاق ، والسيد إذا أخبر بالعتق ، ولأنه لو أخبر أنه رأى كذا وكذا ، فحكم به ، قبل ، كذا هاهنا ، وفارق الشهادة ، فإن الشاهد لا يملك إثبات ما أخبر به .

                                                                                                                                            فأما إن قال : حكمت بعلمي ، أو بالنكول ، أو بشاهد ويمين في الأموال . فإنه يقبل أيضا . وقال الشافعي : لا يقبل قوله في القضاء بالنكول . وينبني قوله : حكمت عليه بعلمي . على القولين في جواز القضاء بعلمه ; لأنه لا يملك الحكم بذلك ، فلا يملك الإقرار به .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه أخبر بحكمه فيما لو حكم به لنفذ حكمه ، فوجب قبوله ، كالصور التي تقدمت ، ولأنه حاكم ، أخبر بحكمه في ولايته ، فوجب قبوله ، كالذي سلمه ، ولأن الحاكم إذا حكم في مسألة ، يسوغ فيها الاجتهاد لم يسغ نقض حكمه ، ولزم غيره إمضاؤه ، والعمل به ، فصار بمنزلة الحكم بالبينة العادلة ، ولا نسلم ما ذكره .

                                                                                                                                            وإن قال : حكمت لفلان على فلان بكذا . ولم يضف حكمه إلى بينة ولا غيرها ، وجب قبوله . وهو ظاهر مسألة الخرقي ; فإنه لم يذكر ما ثبت به الحكم ، وذلك لأن الحاكم متى ما حكم بحكم يسوغ فيه الاجتهاد ، وجب قبوله ، وصار بمنزلة ما أجمع عليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية