الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كمم

                                                          كمم : الكم : كم القميص . ابن سيده : الكم من الثوب مدخل اليد ومخرجها ، والجمع أكمام ، لا يكسر على غير ذلك ، وزاد الجوهري في جمعه كممة مثل حب وحببة . وأكم القميص : جعل له كمين . وكم السبع : غشاء مخالبه . وقال أبو حنيفة : كم الكبائس يكمها كما وكممها جعلها في أغطية تكنها كما تجعل العناقيد في الأغطية إلى حين صرامها ، واسم ذلك الغطاء الكمام ، والكم للطلع . وقد كمت النخلة ، على صيغة ما لم يسم فاعله ، كما وكموما . وكم كل نور : وعاؤه ، والجمع أكمام وأكاميم ، وهو الكمام ، وجمعه أكمة . التهذيب : الكم كم الطلع ، ولكل شجرة مثمرة كم ، وهو برعومته . وكمام العذوق : التي تجعل عليها ، واحدها كم . وأما قول الله تعالى : والنخل ذات الأكمام فإن الحسن قال : أراد سبائب من ليف تزينت بها . والكمة : كل ظرف غطيت به شيئا وألبسته إياه ، فصار له كالغلاف ، ومن ذلك أكمام الزرع غلفها التي يخرج منها . وقال الزجاج في قوله : ذات الأكمام ، قال : عنى بالأكمام ما غطى . وكل شجرة تخرج ما هو مكمم فهي ذات أكمام . وأكمام النخلة : ما غطى جمارها من السعف والليف والجذع . وكل ما أخرجته النخلة فهو ذو أكمام ، فالطلعة كمها قشرها ، ومن هذا قيل للقلنسوة كمة لأنها تغطي الرأس ، ومن هذا كما القميص لأنهما يغطيان اليدين ؛ وقال شمر في قول الفرزدق :


                                                          يعلق لما أعجبته أتانه بأرآد لحييها جياد الكمائم



                                                          يريد جمع الكمامة التي يجعلها على منخرها لئلا يؤذيها الذباب . الجوهري : والكم ، بالكسر ، والكمامة وعاء الطلع وغطاء النور ، والجمع كمام وأكمة وأكمام ؛ قال الشماخ :


                                                          قضيت أمورا ثم غادرت بعدها     بوائج في أكمامها لم تفتق



                                                          [ ص: 113 ] وقال الطرماح :


                                                          تظل بالأكمام محفوفة     ترمقها أعين حراسها



                                                          والأكاميم أيضا ؛ قال ذو الرمة :


                                                          لما تعالت من البهمى ذوائبها     بالصيف وانضرجت عنه الأكاميم



                                                          وكمت النخلة فهي ، مكمومة ؛ قال لبيد يصف نخيلا :


                                                          عصب كوارع في خليج محلم     حملت ، فمنها موقر مكموم



                                                          وفي الحديث : حتى ييبس في أكمامه ، جمع كم ، وهو غلاف الثمر والحب قبل أن يظهر . وكم الفصيل إذا أشفق عليه فستر حتى يقوى ؛ قال العجاج :


                                                          بل لو شهدت الناس إذ تكموا     بغمة ، لو لم تفرج غموا



                                                          وتكموا أي أغمي عليهم وغطوا . وأكمت وكممت أي أخرجت كمامها . قال ابن بري : ويقال كمم الفصيل أيضا ؛ قال ابن مقبل :


                                                          أمن ظعن هبت بليل فأصبحت     بصوعة تحدى كالفصيل المكمم



                                                          والمكم : الشوف الذي تسوى به الأرض من بعد الحرث . والكم : القشرة أسفل السفاة يكون فيها الحبة . والكمة : القلفة . والكمة : القلنسوة ، وفي الصحاح : الكمة القلنسوة المدورة لأنها تغطي الرأس . ويروى عن عمر - رضي الله عنه : أنه رأى جارية متكمكمة فسأل عنها فقالوا : أمة آل فلان ، فضربها بالدرة ، وقال : يا لكعاء أتشبهين بالحرائر ؟ أرادوا متكممة فضاعفوا ، وأصله من الكمة وهي القلنسوة فشبه قناعها بها . قال ابن الأثير : كمكمت الشيء إذا أخفيته . وتكمكم في ثوبه تلفف فيه ، وقيل : أراد متكممة من الكمة القلنسوة . وفي الحديث : كانت كمام أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطحا ، وفي رواية : أكمة ، قال : هما جمع كثرة وقلة للكمة القلنسوة ، يعني أنها كانت منبطحة غير منتصبة . وإنه لحسن الكمة أي التكمم ، كما تقول : إنه لحسن الجلسة ، وكم الشيء يكمه كما : طينه وسده ؛ قال الأخطل يصف خمرا :


                                                          كمت ثلاثة أحوال بطينتها     حتى اشتراها عبادي بدينار



                                                          وهذا البيت أورده الجوهري وأورد عجزه :


                                                          حتى إذا صرحت من بعد تهدار



                                                          وكذلك كممه ؛ قال طفيل :


                                                          أشاقتك أظعان بحفر أبنبم     أجل بكرا مثل الفسيل المكمم



                                                          وتكممه وتكماه : ككمه ؛ الأخيرة على تحويل التضعيف ؛ قال الراجز :


                                                          بل لو رأيت الناس إذ تكموا     بغمة لو لم تفرج غموا



                                                          قيل : أراد تكمموا من كممت الشيء إذا سترته ، فأبدل الميم الأخيرة ياء ، فصار في التقدير تكميوا . ابن شميل عن اليمامي : كممت الأرض كما ، وذلك إذا أثاروها ثم عفوا آثار السن في الأرض بالخشبة العريضة التي تزلقها ، فيقال : أرض مكمومة . الأصمعي : كممت رأس الدن أي سددته . والمغمة والمكمة : شيء يوضع على أنف الحمار كالكيس ، وكذلك الغمامة والكمامة . والكمام : ما سد به . والكمام ، بالكسر ، والكمامة : شيء يسد به فم البعير والفرس لئلا يعض . وكمه : جعل على فيه الكمام ، تقول منه : بعير مكموم أي محجوم . وفي حديث النعمان بن مقرن أنه قال يوم نهاوند : ألا إني هاز لكم الراية فإذا هززتها فليثب الرجال إلى أكمة خيولها ويقرطوها أعنتها ؛ أراد بأكمة الخيول مخاليها المعلقة على رءوسها وفيها علفها يأمرهم بأن ينزعوها من رءوسها ويلجموها بلجمها ، وذلك تقريطها ، واحدها كمام ، وهو من كمام البعير الذي يكم به فمه لئلا يعض . وكممت الشيء : غطيته . يقال : كممت الحب إذا سددت رأسه . وكمم النخلة : غطاها لترطب ؛ قال :


                                                          تعلل بالنهيدة حين تمسي     وبالمعو المكمم والقميم



                                                          القميم : السويق . والمكموم من العذوق : ما غطي بالزبلان عند الإرطاب ليبقى ثمرها غضا ولا يفسدها الطير والحرور ؛ ومنه قول لبيد :


                                                          حملت فمنها موقر مكموم



                                                          ابن الأعرابي : كم إذا غطي ، وكم إذا قتل الشجعان ؛ أنشد الفراء :


                                                          بل لو شهدت الناس إذ تكموا



                                                          قوله : تكموا أي ألبسوا غمة كموا بها . والكم : قمع الشيء وستره ؛ ومنه كممت الشهادة إذا قمعتها وسترتها ، والغمة ما غطاك من شيء ؛ المعنى بل لو شهدت الأصل تكممت مثل تقميت ، الأصل تقممت . والكمكمة : التغطي بالثياب . وتكمكم في ثيابه : تغطى بها . ورجل كمكام : غليظ كثير اللحم . وامرأة كمكامة ومتكمكمة : غليظة كثيرة اللحم . والكمكام : قرف شجر الضرو ، وقيل : لحاؤها وهو من أفواه الطيب . والكمكام : المجتمع الخلق . وكم : اسم ، وهو سؤال عن عدد ، وهي تعمل في الخبر عمل رب ، إلا أن معنى كم التكثير ومعنى رب التقليل والتكثير ، وهي مغنية عن الكلام الكثير المتناهي في البعد والطول ، وذلك أنك إذا قلت : كم مالك ؟ أغناك ذلك عن قولك : أعشرة مالك أم عشرون أم ثلاثون أم مائة أم ألف ؟ فلو ذهبت تستوعب الأعداد لم تبلغ ذلك أبدا لأنه غير متناه ، فلما قلت كم ، أغنتك هذه اللفظة الواحدة عن الإطالة غير المحاط بآخرها ولا المستدركة . التهذيب : كم حرف مسألة عن عدد وخبر ، وتكون خبرا بمعنى رب ، فإن عني بها رب جرت ما بعدها ، وإن عني بها ربما رفعت ، وإن تبعها فعل رافع ما بعدها انتصبت ، قال : ويقال إنها في الأصل من تأليف كاف التشبيه ضمت إلى ما ، ثم قصرت ما فأسكنت الميم ، فإذا عنيت بكم غير المسألة عن العدد ، قلت : كم هذا الشيء الذي معك ؟ فهو مجيبك : كذا وكذا . وقال الفراء : كم وكأين لغتان وتصحبها من ، فإذا ألقيت من ، كان في الاسم النكرة النصب والخفض ، من ذلك قول العرب : كم رجل [ ص: 114 ] كريم قد رأيت ، وكم جيشا جرارا قد هزمت ، فهذان وجهان ينصبان ويخفضان ، والفعل في المعنى واقع ، فإن كان الفعل ليس بواقع ، وكان للاسم جاز النصب أيضا والخفض ، وجاز أن تعمل الفعل فترفع في النكرة فتقول كم رجل كريم قد أتاني ، ترفعه بفعله ، وتعمل فيه الفعل إن كان واقعا عليه فتقول : كم جيشا جرارا قد هزمت ، فتنصبه بهزمت ؛ وأنشدونا :


                                                          كم عمة لك يا جرير وخالة     فدعاء ، قد حلبت علي عشاري



                                                          رفعا ونصبا وخفضا ، فمن نصب قال : كان أصل كم الاستفهام وما بعدها من النكرة مفسر كتفسير العدد ، فتركناها في الخبر على ما كانت عليه في الاستفهام فنصبنا ما بعد كم من النكرات كما تقول عندي كذا وكذا درهما ، ومن خفض قال : طالت صحبة من النكرة في كم فلما حذفناها أعملنا إرادتها ؛ وأما من رفع فأعمل الفعل الآخر ونوى تقديم الفعل كأنه قال : كم قد أتاني رجل كريم . الجوهري : كم اسم ناقص مبهم مبني على السكون ، وله موضعان : الاستفهام والخبر ، تقول إذا استفهمت : كم رجلا عندك ؟ نصبت ما بعده على التمييز ، وتقول إذا أخبرت : كم درهم أنفقت ، تريد التكثير ، وخفضت ما بعده كما تخفض برب لأنه في التكثير نقيض رب في التقليل ، وإن شئت نصبت ، وإن جعلته اسما تاما شددت آخره ، وصرفته فقلت أكثرت من الكم ، وهو الكمية .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية