الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كنف

                                                          كنف : الكنف والكنفة : ناحية الشيء ، وناحيتا كل شيء كنفاه ، والجمع أكناف . وبنو فلان يكنفون بني فلان أي هم نزول في ناحيتهم . وكنف الرجل : حضنه يعني العضدين والصدر . وأكناف الجبل والوادي : نواحيه حيث تنضم إليه ، الواحد كنف . والكنف : الجانب والناحية ، بالتحريك . وفي حديث جرير - رضي الله عنه : قال له أين منزلك ؟ قال : بأكناف بيشة أي نواحيها . وفي حديث الإفك : ما كشفت من كنف أنثى ؛ يجوز أن يكون بالكسر من الكنف ، وبالفتح من الكنف . وكنفا الإنسان : جانباه وكنفاه ناحيتاه عن يمينه وشماله ، وهما حضناه . وكنف الله : رحمته . واذهب في كنف الله وحفظه أي في كلاءته وحرزه وحفظه ، يكنفه بالكلاءة وحسن الولاية . وفي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في النجوى : يدنى المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه ؛ قال ابن المبارك : يعني يستره ، وقيل : يرحمه ويلطف به ، وقال ابن شميل : يضع الله عليه كنفه أي رحمته وبره وهو تمثيل لجعله تحت ظل رحمته يوم القيامة . وفي حديث أبي وائل - رضي الله عنه : نشر الله كنفه على المسلم يوم القيامة هكذا ، وتعطف بيده وكمه . وكنفه عن الشيء : حجزه عنه . وكنف الرجل يكنفه وتكنفه واكتنفه : جعله في كنفه . وتكنفوه واكتنفوه : أحاطوا به ، والتكنيف مثله . يقال : صلاء مكنف أي أحيط به من جوانبه . وفي حديث الدعاء : مضوا على شاكلتهم مكانفين أي يكنف بعضهم بعضا . وفي حديث يحيى بن يعمر : فاكتنفته أنا وصاحبي أي أحطنا به من جانبيه . وفي حديث عمر - رضي الله عنه : فتكنفه الناس . وكنفه يكنفه كنفا وأكنفه : حفظه وأعانه ، الأخيرة عن اللحياني . وقال ابن الأعرابي : كنفه ضمه إليه وجعله في عياله . وفلان يعيش في كنف فلان أي في ظله . وأكنفت الرجل إذا أعنته ، فهو مكنف . الجوهري : كنفت الرجل أكنفه أي حطته وصنته ، وكنفت بالرجل إذا قمت به وجعلته في كنفك . والمكانفة : المعاونة . وفي حديث أبي ذر - رضي الله عنه : قال له رجل : ألا أكون لك صاحبا أكنف راعيك وأقتبس منك ؟ أي أعينه وأكون إلى جانبه وأجعله في كنف . وأكنفه : أتاه في حاجة فقام له بها وأعانه عليها . وكنفا الطائر : جناحاه . وأكنفه الصيد والطير : أعانه على [ ص: 121 ] تصيدها ، وهو من ذلك . ويدعى على الإنسان فيقال : لا تكنفه من الله كانفة أي لا تحفظه . الليث : يقال للإنسان المخذول لا تكنفه من الله كانفة أي لا تحجزه . وانهزموا فما كانت لهم كانفة دون المنزل أو العسكر أي موضع يلجؤون إليه ، ولم يفسره ابن الأعرابي ، وفي التهذيب : فما كان لهم كانفة دون العسكر أي حاجر يحجز عنهم العدو . وتكنف الشيء واكتنفه : صار حواليه . وتكنفوه من كل جانب أي احتوشوه . وناقة كنوف : وهي التي إذا أصابها البرد اكتنفت في أكناف الإبل تستتر بها من البرد . قال ابن سيده : والكنوف من النوق التي تبرك في كنفة الإبل لتقي نفسها من الريح والبرد ، وقد اكتنفت ، وقيل : الكنوف التي تبرك ناحية من الإبل تستقبل الريح لصحتها . واطلب ناقتك في كنف الإبل أي في ناحيتها . وكنفة الإبل : ناحيتها . قال أبو عبيدة : يقال ناقة كنوف تبرك في كنفة الإبل مثل القذور إلا أنها لا تستبعد كما تستبعد القذور . وحكى أبو زيد : شاة كنفاء أي حدباء . وحكى ابن بري ناقة كنوف تبيت في كنف الإبل أي ناحيتها ؛ وأنشد :


                                                          إذا استثار كنوفا خلت ما بركت عليه يندف ، في حافاته العطب



                                                          والمكانف : التي تبرك من وراء الإبل ؛ كلاهما عن ابن الأعرابي . والكنفان : الجناحان ؛ قال :


                                                          سقطان من كنفي نعام جافل



                                                          وكل ما ستر ، فقد كنف . والكنيف : الترس لستره ، ويوصف به فيقال : ترس كنيف ، ومنه قيل للمذهب كنيف ، وكل ساتر كنيف ؛ قال لبيد :


                                                          حريما حين لم يمنع حريما     سيوفهم ولا الحجف الكنيف



                                                          والكنيف : الساتر . وفي حديث علي - كرم الله وجهه : ولا يكن للمسلمين كانفة أي ساترة ، والهاء للمبالغة . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها : شققن أكنف مروطهن فاختمرن به أي أسترها وأصفقها ، ويروى بالثاء المثلثة ، وقد تقدم . والكنيف : حظيرة من خشب أو شجر تتخذ للإبل ، زاد الأزهري : وللغنم تقول منه : كنفت الإبل أكنف وأكنف . واكتنف القوم إذا اتخذوا كنيفا لإبلهم . وفي حديث النخعي : لا تؤخذ في الصدقة كنوف ، قال : هي الشاة القاصية التي لا تمشي مع الغنم ، ولعله أراد لإتعابها المصدق باعتزالها عن الغنم ، فهي كالمشيعة المنهي عنها في الأضاحي ، وقيل : ناقة كنوف إذا أصابها البرد فهي تستتر بالإبل . ابن سيده : والكنيف حظيرة من خشب أو شجر تتخذ للإبل لتقيها الريح والبرد ، سمي بذلك لأنه يكنفها أي يسترها ويقيها ؛ قال الراجز :


                                                          تبيت بين الزرب والكنيف



                                                          والجمع كنف ؛ قال :


                                                          لما تآزينا إلى دفء الكنف



                                                          وكنف الكنيف يكنفه كنفا وكنوفا : عمله . وكنفت الدار أكنفها : اتخذت لها كنيفا . وكنف الإبل والغنم يكنفها كنفا : عمل لها كنيفا . وكنف لإبله كنيفا : اتخذه لها ؛ عن اللحياني . وكنف الكيال يكنف كنفا حسنا : وهو أن يجعل يديه على رأس القفيز يمسك بهما الطعام ؛ يقال : كله كيلا غير مكنوف . وتكنف القوم بالغثاث : وذلك أن تموت غنمهم هزالا فيحظروا بالتي ماتت حول الأحياء التي بقين فتسترها من الرياح . واكتنف كنيفا : اتخذه . وكنف القوم : حبسوا أموالهم من أزل وتضييق عليهم . والكنيف : الكنة تشرع فوق باب الدار . وكنف الدار يكنفها كنفا : اتخذ لها كنيفا . والكنيف : الخلاء ، وكله راجع إلى الستر ، وأهل العراق يسمون ما أشرعوا من أعالي دورهم كنيفا ، واشتقاق اسم الكنيف كأنه كنف في أستر النواحي ، والحظيرة تسمى كنيفا لأنها تكنف الإبل أي تسترها من البرد ، فعيل بمعنى فاعل . وفي حديث أبي بكر حين استخلف عمر - رضي الله عنهما : أنه أشرف من كنيف فكلمهم أي من سترة ؛ وكل ما ستر من بناء أو حظيرة ، فهو كنيف ، وفي حديث ابن مالك والأكوع :


                                                          تبيت بين الزرب والكنيف



                                                          أي الموضع الذي يكنفها ويسترها . والكنف : الزنفليجة يكون فيها أداة الراعي ومتاعه ، وهو أيضا وعاء طويل يكون فيه متاع التجار وأسقاطهم ؛ ومنه قول عمر في عبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما : كنيف ملئ علما أي أنه وعاء للعلم بمنزلة الوعاء الذي يضع الرجل فيه أداته ، وتصغيره على جهة المدح له ، وهو تصغير تعظيم للكنف كقول حباب بن المنذر : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ؛ شبه عمر قلب ابن مسعود بكنف الراعي لأن فيه مبراته ومقصه وشفرته ففيه كل ما يريد ؛ هكذا قلب ابن مسعود قد جمع فيه كل ما يحتاج إليه الناس من العلوم ، وقيل : الكنف وعاء يجعل فيه الصائغ أدواته ، وقيل : الكنف الوعاء الذي يكنف ما جعل فيه أي يحفظه . والكنف أيضا : مثل العيبة ؛ عن اللحياني . يقال : جاء فلان بكنف فيه متاع ، وهو مثل العيبة . وفي الحديث : أنه توضأ فأدخل يده في الإناء فكنفها وضرب بالماء وجهه أي جمعها وجعلها كالكنف وهو الوعاء . وفي حديث عمر - رضي الله عنه : أنه أعطى عياضا كنف الراعي أي وعاءه الذي يجعل فيه آلته . وفي حديث ابن عمرو وزوجته - رضي الله عنهم : لم يفتش لنا كنفا ؛ قال ابن الأثير : لم يدخل يده معها كما يدخل الرجل يده مع زوجته في دواخل أمرها ؛ قال : وأكثر ما يروى بفتح الكاف والنون من الكنف ، وهو الجانب ، يعني أنه لم يقربها . وكنف الرجل عن الشيء : عدل ؛ قال القطامي :


                                                          فصالوا وصلنا واتقونا بماكر     ليعلم ما فينا عن البيع كانف



                                                          قال الأصمعي : ويروى كاتف ؛ قال : أظن ذلك ظنا ؛ قال ابن بري : والذي في شعره :


                                                          ليعلم هل منا عن البيع كانف



                                                          قال : ويعني بالماكر الحمار أي له مكر وخديعة . وكنيف وكانف ومكنف ، بضم الميم وكسر النون : أسماء . ومكنف بن زيد الخيل [ ص: 122 ] كان له غناء في الردة مع خالد بن الوليد ، وهو الذي فتح الري ، وأبو حماد الراوية من سبيه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية