الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كني

                                                          كني : الكنية على ثلاثة أوجه : أحدها أن يكنى عن الشيء الذي يستفحش ذكره ، والثاني أن يكنى الرجل باسم توقيرا وتعظيما ، والثالث أن تقوم الكنية مقام الاسم فيعرف صاحبها بها كما يعرف باسمه ، كأبي لهب اسمه عبد العزى ، عرف بكنيته فسماه الله بها . قال [ ص: 124 ] الجوهري : والكنية والكنية أيضا واحدة الكنى ، واكتنى فلان بكذا . والكناية : أن تتكلم بشيء وتريد غيره . وكنى عن الأمر بغيره يكني كناية : يعني إذا تكلم بغيره مما يستدل عليه نحو الرفث والغائط ونحوه . وفي الحديث : من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بأير أبيه ولا تكنوا . وفي حديث بعضهم : رأيت علجا يوم القادسية وقد تكنى وتحجى أي تستر ، من كنى عنه إذا ورى ، أو من الكنية ، كأنه ذكر كنيته عند الحرب ليعرف ، وهو من شعار المبارزين في الحرب ، يقول أحدهم : أنا فلان وأنا أبو فلان ؛ ومنه الحديث : خذها مني وأنا الغلام الغفاري . وقول علي - رضي الله عنه : أنا أبو حسن القرم . وكنوت بكذا عن كذا ؛ وأنشد :

                                                          وإني لأكني عن قذور بغيرها وأعرب أحيانا بها فأصارح

                                                          ورجل كان وقوم كانون . قال ابن سيده : واستعمل سيبويه الكناية في علامة المضمر . وكنيت الرجل بأبي فلان وأبا فلان على تعدية الفعل بعد إسقاط الحرف كنية وكنية ؛ قال :


                                                          راهبة تكنى بأم الخير



                                                          وكذلك كنيته ، عن اللحياني ؛ قال : ولم يعرف الكسائي أكنيته ، قال : وقوله ولم يعرف الكسائي أكنيته يوهم أن غيره قد عرفه . وكنية فلان أبو فلان ، وكذلك كنيته أي الذي يكنى به ، وكنوة فلان أبو فلان ، وكذلك كنوته ؛ كلاهما عن اللحياني . وكنوته : لغة في كنيته . قال أبو عبيد : يقال كنيت الرجل وكنوته لغتان ؛ وأنشد أبو زياد الكلابي :


                                                          وإني لأكنو عن قذور بغيرها



                                                          وقذور اسم امرأة ؛ قال ابن بري : شاهد كنيت قول الشاعر :

                                                          وقد أرسلت في السر أن قد فضحتني وقد بحت باسمي في النسيب وما تكني

                                                          وتكنى : من أسماء النساء . الليث : يقول أهل البصرة فلان يكنى بأبي عبد الله ، وقال غيرهم : فلان يكنى بعبد الله ، وقال الجوهري : لا تقل يكنى بعبد الله ، وقال الفراء : أفصح اللغات أن تقول كني أخوك بعمرو ، والثانية كني أخوك بأبي عمرو ، والثالثة كني أخوك أبا عمرو . ويقال : كنيته وكنوته وأكنيته وكنيته ، وكنيته أبا زيد وبأبي زيد تكنية ، وهو كنيه : كما تقول سميه . وكنى الرؤيا : هي الأمثال التي يضربها ملك الرؤيا ، يكنى بها عن أعيان الأمور . وفي الحديث : إن للرؤيا كنى ولها أسماء فكنوها بكناها واعتبروها بأسمائها ؛ الكنى : جمع كنية ؛ من قولك كنيت عن الأمر وكنوت عنه إذا وريت عنه بغيره ، أراد مثلوا لها أمثالا إذا عبرتموها ، وهي التي يضربها ملك الرؤيا للرجل في منامه لأنه يكنى بها عن أعيان الأمور ، كقولهم في تعبير النخل : إنها رجال ذوو أحساب من العرب ، وفي الجوز : إنها رجال من العجم ؛ لأن النخل أكثر ما يكون في بلاد العرب ، والجوز أكثر ما يكون في بلاد العجم ، وقوله : فاعتبروها بأسمائها ؛ أي اجعلوا أسماء ما يرى في المنام عبرة وقياسا ، كأن رأى رجلا يسمى سالما فأوله بالسلامة ، وغانما فأوله بالغنيمة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية