الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كوث

                                                          كوث : كوثى من أسماء مكة ; عن كراع . التهذيب : الكوثى القصير ، والكوثي مثله . النضر : كوث الزرع تكويثا إذا صار أربع ورقات ، وخمس ورقات ، وهو الكوث . وقال أبو منصور : وكأن المقطوع الذي يلبس الرجل ، سمي كوثا تشبيها بكوث الزرع ، ويقال له : القفش وكأنه معرب . قال : وأما كوثى التي بالسواد ، فما أراها عربية ، ولقد قال محمد بن سيرين : سمعت عبيدة يقول سمعت عليا - عليه السلام - يقول : من كان سائلا عن نسبتنا ، فإنا نبط من كوثى . وروي عن ابن الأعرابي أنه قال : سأل رجل عليا - عليه السلام - فقال : أخبرني يا أمير المؤمنين عن أصلكم ، معاشر قريش ، فقال : نحن قوم من كوثى . واختلف الناس في قوله : نحن قوم من كوثى ، فقالت طائفة : أراد كوثى العراق ، وهي سرة السواد التي ولد بها إبراهيم - عليه السلام - وقال آخرون : أراد كوثى مكة ، وذلك أن محلة بني عبد الدار يقال لها كوثى ، فأراد علي : إنا مكيون أميون ، من أم القرى ; وأنشد حسان :


                                                          لعن الله منزلا بطن كوثى ورماه بالفقر والإمعار     
                                                          ليس كوثى العراق أعني ولكن     كنثة الدار دار عبد الدار

                                                          أمعر الرجل إذا افتقر . قال أبو منصور : والقول الأول هو الأدل لقول علي - عليه السلام - : فإنا نبط من كوثى ، ولو أراد كوثى مكة ، لما قال نبط ، وكوثى العراق هي سرة السواد من محال النبط ، وإنما أراد - عليه السلام - أن أبانا إبراهيم كان من نبط كوثى وأن نسبنا انتهى إليه ، ونحو ذلك ; قال ابن عباس : نحن معاشر قريش حي من النبط ، من أهل كوثى ، والنبط من أهل العراق . قال أبو منصور : وهذا من علي ، وابن عباس ، عليهم السلام ، تبرؤ من الفخر بالأنساب ، وردع عن الطعن فيها ، وتحقيق لقوله عز وجل : إن أكرمكم عند الله أتقاكم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية