الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 713 ] والقياسي : إما من جهة الأصل أو العلة ، أو القرينة العاضدة :

                أما الأول : فحكم الأصل الثابت بالإجماع ، راجح على الثابت بالنص لعصمة الإجماع ، والثابت بالقرآن ، أو تواتر السنة ، على الثابت بآحادها .

                وبمطلق النص ، على الثابت بالقياس ، والمقيس على أصول أكثر على غيره ، لحصول غلبة الظن بكثرة الأصول ، كالشهادة ، خلافا للجويني ، والقياس على ما لم يخص على القياس المخصوص .

                التالي السابق


                قوله : " والقياسي " ، أي : والترجيح القياسي ، يعني الواقع في الأقيسة ، لأنه قد سبق أن الترجيح ضربان : لفظي ، أي : واقع في الألفاظ . وقد انتهى الكلام فيه ، وقياسي ، أي : واقع في القياس ، والكلام الآن فيه . وهو " إما من جهة الأصل ، أو العلة ، أو القرينة العاضدة " ، أي : الترجيح العاضد للقياس إما من جهة أصله ، أو علته ، أو قرينة تقترن بأحد القياسين تعضده ، فيترجح على الآخر .

                أما الأول : يعني ترجيح القياس من جهة أصله ، فهو من وجوه :

                أحدها : أن " حكم الأصل الثابت بالإجماع راجح على الثابت بالنص لعصمة الإجماع " ، أي : إذا أمكن قياس الفرع على أصلين ; حكم أحدهما ثابت بالإجماع والآخر ثابت بالنص ; كان القياس على الأصل الثابت بالإجماع مقدما على القياس الثابت بالنص ، لأن الإجماع مقدم على النص ، فكذا ما [ ص: 714 ] ثبت به يكون مقدما على ما ثبت بالنص ، لعصمة الإجماع من الخطأ والنسخ بخلاف النص .

                الوجه الثاني : حكم الأصل الثابت بالقرآن الكريم أو تواتر السنة ، راجح على حكم الأصل الثابت بآحاد السنة ، أي : بالسنة المروية بطريق الآحاد ، كما يقدم القرآن ، ومتواتر السنة على آحادها .

                وقد استفيد من هذا أن الحكم الثابت بالقرآن لا يقدم على الثابت بتواتر السنة ، كما لا يقدم القرآن والسنة على تواتر السنة ، لاستوائهما كما سبق .

                الوجه الثالث : حكم الأصل الثابت " بمطلق النص " راجح على حكم الأصل " الثابت بالقياس " ، كما يقدم مطلق النص على القياس ، والمراد بمطلق النص أنه سواء كان تواترا أو آحادا ، صحيحا أو حسنا مما ساغ العمل به شرعا .

                الوجه الرابع : الحكم " المقيس على أصول أكثر " راجح " على غيره " ، أي : إذا تعددت الأصول في أحد القياسين وليس في القياس الآخر إلا أصل واحد ، مثل : إن أمكن قياس الفرع بجامع على أصول كثيرة ; وأمكن قياسه بجامع آخر على أصل واحد أو أصول أقل من أصول القياس الأول ; قدم القياس على الأصول الكثيرة لأن كثرتها شواهد للفرع بالصحة ، وما كثرت شواهده كان الظن بصحته أغلب ، كما يرجح أحد الخبرين بكثرة الرواة . وهذا معنى قوله : " لحصول غلبة الظن بكثرة الأصول ، كالشهادة " . يعني على قول من يرجح إحدى البينتين بكثرة العدد ، " خلافا للجويني " حيث حكي عنه ، أن أحد القياسين لا يرجح بكثرة الأصول .

                [ ص: 715 ] الوجه الخامس : " القياس على " أصل " لم يخص " راجح على أصل مخصوص ، كما يرجح العام الباقي على عمومه على العام المخصوص .

                وبالجملة : حكم أصل القياس حكم مستنده الذي ثبت به ، فما قدم من المستندات ، قدم ما ثبت به من أصول الأقيسة .




                الخدمات العلمية