الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          لأك

                                                          لأك : الملأك والملأكة : الرسالة . وألكني إلى فلان : أبلغه عني ، أصله ألئكني فحذفت الهمزة وألقيت حركتها على ما قبلها ، وحكى اللحياني آلكته إليه في الرسالة أليكه إلاكة ، وهذا إنما هو على إبدال الهمزة إبدالا صحيحا ; ومن روى بيت زهير :


                                                          إلى الظهيرة أمر بينهم ليك

                                                          فإنه أراد لئك ; وهي الرسائل ; فسره بذلك ثعلب ولم يهمز لأنه حجازي . والملأك : الملك لأنه يبلغ الرسالة عن الله عز وجل ، فحذفت الهمزة وألقيت حركتها على الساكن قبلها ، والجمع ملائكة ، جمعوه متمما ، وزادوا الهاء للتأنيث ; وقوله عز وجل : والملك على أرجائها ; إنما عنى به الجنس ، وفي المحكم لابن سيده ترجمة ألك مقدمة على ترجمة لأك ، وقال في كتابه ما نصه : إنما قدمت باب مألكة على باب ملأكة لأن مألكة أصل ، وملأكة فرع مقلوب عنها ، ألا ترى أن سيبويه قدم مألكة على ملأكة فقال : وقالوا مألكة وملأكة ؟ فلم يكن سيبويه على ما هو به من التقدم والفضل ليبدأ بالفرع على الأصل ، هذا مع قولهم الألوك ، قال : فلذلك قدمناه ، وإلا فقد كان الحكم أن نقدم ملأكة على مألكة لتقدم اللام في هذه الرتبة على الهمزة ، وهذا هو ترتيبه في كتابه ; قال وأما قول رويشد :


                                                          فأبلغ مالكا أنا خطبنا     فإنا لم نلايم بعد أهلا

                                                          قال : فإنه ظن ملك الموت من م ل ك فصاغ مالكا من ذلك ، وهو غلط منه ; وقد غلط بذلك في غير موضع من شعره كقوله :


                                                          غدا مالك يبغي نسائي ، كأنما     نسائي لسهمي مالك غرضان

                                                          وقوله :


                                                          فيا رب فاترك لي جهينة أعصرا     فمالك موت بالفراق دهاني

                                                          وذلك أنه رآهم يقولون ملك ، بغير همزة ، وهم يريدون ملأك فتوهم أن الميم أصل ، وأن مثال ملك فعل كفلك وسمك ، وإنما مثاله ملأك مفعل ، والعين محذوفة ألزمت التخفيف إلا في الشاذ ; وهو قوله :


                                                          فلست لإنسي ، ولكن لملأك     تنزل من جو السماء يصوب

                                                          ومثل غلط رويشد كثير في شعر الأعراب الجفاة . واستلأك له : ذهب برسالته ، عن أبي علي . وفي ترجمة ملك أشياء كثيرة تتعلق بهذا الحرف فليتأمل هناك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية