الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8448 ) فصل : فأما الشهادة على الإقرار ، مثل أن يشهد أحدهما أنه أقر عندي يوم الخميس بدمشق أنه قتله ، أو قذفه ، أو غصبه كذا ، أو أن له في ذمته كذا ، ويشهد آخر أنه أقر عندي بهذا يوم السبت بحمص ، كملت شهادتهما . وبهذا قال أبو حنيفة ، والشافعي . وقال زفر : لا تكمل شهادتهما ; لأن كل إقرار لم يشهد به إلا واحد ، فلم تكمل الشهادة ، فأشبه الشهادة على الفعل .

                                                                                                                                            ولنا ، أن المقر به واحد ، وقد شهد اثنان بالإقرار به ، فكملت شهادتهما ، كما لو كان الإقرار بهما واحدا ، وفارق الشهادة على الفعل ; فإن الشهادة فيها على فعلين مختلفين ، فنظيره من الإقرار أن يشهد أحدهما أنه أقر عندي أنه قتله في يوم الخميس ، وشهد الآخر أنه أقر أنه قتله يوم الجمعة ، فإن شهادتهما لا تقبل هاهنا . ويحقق ما ذكرناه ، أنه لا يمكن جمع الشهود لسماع الشهادة في حق كل واحد والعادة جارية بطلب الشهود في أماكنهم لا في جمعهم إلى المشهود له ، فيمضي إليهم في أوقات متفرقة ، وأماكن مختلفة ، فيشهدهم على إقراره . وإن كان الإقرار على فعلين مختلفين ، مثل أن يقول أحدهما : أشهد أنه أقر عندي أنه قتله يوم الخميس .

                                                                                                                                            وقال الآخر أشهد أنه أقر عندي أنه قتله يوم الجمعة . أو قال أحدهما : أشهد أنه أقر عندي أنه قذفه بالعربية . وقال الآخر : أشهد أنه أقر عندي أنه قذفه بالعجمية . لم تكمل الشهادة ; لأن الذي شهد به أحدهما غير الذي شهد به صاحبه ، فلم تكمل الشهادة ، كما لو شهد أحدهما أنه أقر أنه غصبه دنانير ، وشهد الآخر أنه أقر أنه غصبه دراهم ، لم تكمل الشهادة . وعلى قول أبي بكر ، تكمل الشهادة في القتل ، والقذف ; لأن القذف بالعربية أو العجمية ، والقتل بالبصرة أو الكوفة ، ليس من المقتضي ، فلا يعتبر في الشهادة ، ولم يؤثر . والأول أصح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية