الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          لبس

                                                          لبس : اللبس ، بالضم : مصدر قولك لبست الثوب ألبس ، واللبس ، بالفتح : مصدر قولك لبست عليه الأمر ألبس خلطت . واللباس : ما يلبس ، وكذلك الملبس واللبس ، بالكسر ، مثله . ابن سيده : لبس الثوب يلبسه لبسا وألبسه إياه ، وألبس عليك ثوبك . وثوب لبيس إذا كثر لبسه ، وقيل : قد لبس فأخلق ، وكذلك ملحفة لبيس ، بغير هاء ، والجمع لبس ; وكذلك المزادة ، وجمعها لبائس ; قال الكميت يصف الثور والكلاب :


                                                          تعهدها بالطعن ، حتى كأنما يشق بروقيه المزاد اللبائسا

                                                          يعني التي قد استعملت حتى أخلقت ، فهو أطوع للشق والخرق . ودار لبيس : على التشبيه بالثوب الملبوس الخلق ; قال :


                                                          دار لليلى خلق لبيس     ليس بها من أهلها أنيس

                                                          وحبل لبيس : مستعمل ; عن أبي حنيفة . ورجل لبيس : ذو لباس ، على التشبيه حكاه سيبويه . ولبوس : كثير اللباس . واللبوس : ما يلبس ; وأنشد ابن السكيت لبيهس الفزاري ، وكان بيهس هذا قتل له ستة إخوة هو سابعهم لما أغارت عليهم أشجع ، وإنما تركوا بيهسا لأنه كان يحمق فتركوه احتقارا له ، ثم إنه مر يوما على نسوة من قومه وهن يصلحن امرأة يردن أن يهدينها لبعض من قتل إخوته ، فكشف ثوبه عن استه وغطى رأسه فقلن له : ويلك أي شيء تصنع ؟ فقال :


                                                          البس لكل حالة لبوسها :     إما نعيمها وإما بوسها

                                                          واللبوس : الثياب والسلاح . مذكر ; فإن ذهبت به إلى الدرع أنثت . وقال الله تعالى : وعلمناه صنعة لبوس لكم ; قالوا : هي الدرع تلبس في الحروب . ولبس الهودج : ما عليه من الثياب . يقال : كشفت عن الهودج لبسه ، وكذلك لبس الكعبة ، وهو ما عليها من اللباس ; قال حميد بن ثور يصف فرسا خدمته جواري الحي :


                                                          فلما كشفن اللبس عنه مسحنه     بأطراف طفل ، زان غيلا موشما

                                                          وإنه لحسن اللبسة واللباس . واللبسة : حالة من حالات اللبس ، ولبست الثوب لبسة واحدة . وفي الحديث : أنه نهى عن لبستين ، هي بكسر اللام ، الهيئة والحالة ; وروي بالضم على المصدر ; قال ابن الأثير : والأول الوجه . ولباس النور : أكمته . ولباس كل شيء : غشاؤه . ولباس الرجل : امرأته ، وزوجها لباسها . وقوله تعالى في النساء : هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ; أي مثل اللباس ; قال الزجاج : قد قيل فيه غير ما قول قيل : المعنى تعانقونهن ويعانقنكم ; وقيل : كل فريق منكم يسكن إلى صاحبه ويلابسه ، كما قال تعالى : وجعل منها زوجها ليسكن إليها . والعرب تسمي المرأة لباسا وإزارا ; قال الجعدي يصف امرأة :


                                                          إذا ما الضجيع ثنى عطفها     تثنت فكانت عليه لباسا

                                                          ويقال : لبست امرأة أي تمتعت بها زمانا ، ولبست قوما أي تمليت بهم دهرا ; وقال الجعدي : لبست أناسا فأفنيتهم ، وأفنيت بعد أناس أناسا ، ويقال : لبست فلانة عمري أي كانت معي شبابي كله . وتلبس حب فلانة بدمي ولحمي أي اختلط . وقوله تعالى : الذي جعل لكم الليل لباسا ; أي تسكنون فيه ، وهو مشتمل عليكم . وقال أبو إسحاق في قوله تعالى : فأذاقها الله لباس الجوع والخوف ; جاعوا حتى أكلوا الوبر بالدم ، وبلغ منهم الجوع الحال التي لا غاية بعدها ، فضرب اللباس لما نالهم مثلا لاشتماله على لابسه . ولباس التقوى : الحياء ; هكذا جاء في التفسير ; ويقال : الغليظ الخشن القصير . وألبست الأرض : غطاها النبت . وألبست الشيء ، بالألف ، إذا غطيته . يقال : ألبس السماء السحاب إذا غطاها . ويقال : الحرة : الأرض التي لبستها حجارة سود . أبو عمرو : يقال للشيء إذا غطاه كله ألبسه ، ولا يكون لبسه ، كقولهم ألبسنا الليل ، وألبس السماء السحاب ، ولا يكون لبسنا الليل ولا لبس السماء السحاب . ويقال : هذه أرض ألبستها حجارة سود أي غطتها . والدجن : أن يلبس الغيم السماء . والملبس : كاللباس . وفي فلان [ ص: 162 ] ملبس أي مستمتع . قال أبو زيد : يقال إن في فلان لملبسا أي ليس به كبر ، ويقال : كبر ، ويقال : ليس لفلان لبيس أي ليس له مثل . وقال أبو مالك : هو من الملابسة ، وهي المخالطة . وجاء لابسا أذنيه أي متغافلا ، وقد لبس له أذنه عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          لبست لغالب أذني حتى     أراد لقومه أن يأكلوني

                                                          يقول : تغافلت له حتى أطمع قومه في . واللبس اللبس : اختلاط الأمر . لبس عليه الأمر يلبسه لبسا فالتبس إذا خلطه عليه حتى لا يعرف جهته . وفي المولد والمبعث : فجاء الملك فشق عن قلبه ، قال : فخفت أن يكون قد التبس بي أي خولطت في عقلي ، من قولك في رأيه لبس أي اختلاط ، ويقال للمجنون : مخالط . والتبس عليه الأمر أي اختلط واشتبه . والتلبيس : كالتدليس والتخليط ، شدد للمبالغة ، ورجل لباس ولا تقل ملبس . وفي حديث جابر : لما نزل قوله تعالى : أو يلبسكم شيعا ; اللبس : الخلط . يقال : لبست الأمر ، بالفتح ، ألبسه إذا خلطت بعضه ببعض ، أي يجعلكم فرقا مختلفين ; ومنه الحديث : فلبس عليه صلاته . والحديث الآخر : من لبس على نفسه لبسا ، كله بالتخفيف ; قال : وربما شدد للتكثير ، ومنه حديث ابن صياد : فلبسني أي جعلني ألتبس في أمره ، والحديث الآخر : لبس عليه . وتلبس بي الأمر : اختلط وتعلق ; وأنشد أبو حنيفة :


                                                          تلبس حبها بدمي ولحمي     تلبس عطفة بفروع ضال

                                                          وتلبس بالأمر وبالثوب . ولابست الأمر : خالطته . وفيه لبس ولبسة أي التباس . وفي التنزيل العزيز : وللبسنا عليهم ما يلبسون ; يقال : لبست الأمر على القوم ألبسه لبسا إذا شبهته عليهم وجعلته مشكلا ، وكان رؤساء الكفار يلبسون على ضعفتهم في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : هلا أنزل إلينا ملك ؟ قال الله تعالى : ولو أنزلنا ملكا فرأوه ; يعني الملك ، رجلا لكان يلحقهم فيه من اللبس مثل ما لحق ضعفتهم منه . ومن أمثالهم : أعرض ثوب الملتبس إذا سألته عن أمر فلم يبينه لك . وفي التهذيب : أعرض ثوب الملبس ; يضرب هذا المثل لمن اتسعت قرفته أي كثر من يتهمه فيما سرقه . والملبس : الذي يلبسك ويجللك . والملبس : الليل بعينه كما تقول إزار ومئزر ولحاف وملحف ; ومن قال الملبس أراد ثوب اللبس كما قال :


                                                          وبعد المشيب طول عمر وملبسا

                                                          وروي عن الأصمعي في تفسير هذا المثل قال : ويقال ذلك للرجل ، يقال له : ممن أنت ؟ فيقول : من مضر أو من ربيعة أو من اليمن أي عممت ولم تخص . واللبس : اختلاط الظلام . وفي الحديث : لبسة ، بالضم ، أي شبهة ليس بواضح . وفي الحديث : فيأكل فما يتلبس بيده طعام أي لا يلزق به لنظافة أكله ; ومنه الحديث : ذهب ولم يتلبس منها بشيء يعني من الدنيا . وفي كلامه لبوسة ولبوسة أي أنه ملتبس ; عن اللحياني . ولبس الشيء : التبس ، وهو من باب :


                                                          قد بين الصبح لذي عينين

                                                          ولابس الرجل الأمر : خالطه . ولابست فلانا : عرفت باطنه . وما في فلان ملبس أي مستمتع . ورجل لبيس : أحمق . الليث : اللبسة بقلة ; قال الأزهري : لا أعرف اللبسة في البقول ولم أسمع بها لغير الليث .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية