الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8483 ) فصل : وإن شهد أحدهما أنه غصبه ثوبا قيمته درهمان ، وشهد آخر أن قيمته ثلاثة ، ثبت له ما اتفقا عليه ، وهو درهمان ، وله أن يحلف مع الآخر على درهم ; لأنهما اتفقا على درهمين ، وانفرد أحدهما بدرهم ، فأشبه ما لو شهد أحدهما بألف وآخر بخمسمائة . وإن شهد شاهدان أن قيمته درهمان ، وشاهدان أن قيمته ثلاثة ، ثبت له درهمان . وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : له ثلاثة ; لأنه قد شهد بها شاهدان ، وهما حجة ، فيجب الأخذ بهما ، كما يؤخذ بالزيادة في الأخبار ، وكما لو شهد له شاهدان بألف وشاهدان بألفين ، فإنه يجب له ألفان . قال القاضي : ويتوجه لنا مثل هذا ، بناء على مسألة الألف وخمسمائة .

                                                                                                                                            ولنا ، أن من شهد أن قيمته درهمان ، ينفي أن تكون قيمته ثلاثة ، فقد تعارضت البينتان في الدرهم ، ويخالف [ ص: 237 ] الزيادة في الأخبار ، فإن من يروي الناقص لا ينفي الزيادة ، وكذلك من شهد بألف ، لا ينفي أن عليه ألفا آخر . فإن قيل : فلم قلتم : إنه إذا شهد بكل واحد من القيمتين شاهدان تعارضتا ، وإن شهد واحد ، لم تتعارضا ، وكان له أن يحلف مع الشاهد بالزيادة عليها .

                                                                                                                                            قلنا : لأن الشاهدين حجة وبينة ، فإذا كملت من الجانبين ، تعارضت الحجتان ; لتعذر الجمع بينهما ، وأما الشاهد الواحد ، فليس بحجة وحده ، وإنما يصير حجة مع اليمين ، فإذا حلف مع أحدهما كملت الحجة بيمينه ، ولم يعارضهما ما ليس بحجة ، كما لو شهد بأحدهما شاهدان ، وبالآخر شاهد واحد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية