الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          لجج

                                                          لجج : الليث : لج فلان يلج ويلج ، لغتان ; وقوله :


                                                          وقد لججنا في هواك لججا

                                                          قال : أراد لجاجا فقصره ; وأنشد :


                                                          وما العفو إلا لامرئ ذي حفيظة     متى يعف عن ذنب امرئ السوء يلجج

                                                          ابن سيده : لججت في الأمر ألج ولججت ألج لججا ولجاجا ولجاجة ; واستلججت : ضحكت ; قال :


                                                          فإن أنا لم آمر ولم أنه عنكما     تضاحكت حتى يستلج ويستشري

                                                          ولج في الأمر : تمادى عليه وأبى أن ينصرف عنه ، والآتي كالآتي ، والمصدر كالمصدر . وفي الحديث : إذا استلج أحدكم بيمينه فإنه آثم له عند الله من الكفارة ، وهو استفعل من اللجاج . ومعناه أن يحلف على شيء ويرى أن غيره خير منه ، فيقيم على يمينه ولا يحنث فذاك آثم ; وقيل : هو أن يرى أنه صادق فيها مصيب ، فيلج فيها ولا يكفرها ; وقد جاء في بعض الطرق : إذا استلجج أحدكم ، بإظهار الإدغام ، وهي لغة قريش ، يظهرونه مع الجزم ; وقال شمر : معناه أن يلج فيها ولا يكفرها ويزعم أنه صادق ; وقيل : هو أن يحلف ويرى أن غيرها خير منها ، فيقيم للبر فيها ويترك الكفارة ، فإن ذلك آثم له من التكفير والحنث ، وإتيان ما هو خير . وقال اللحياني في قوله تعالى : ويمدهم في طغيانهم يعمهون ; أي يلجهم . قال ابن سيده : فلا أدري أمن العرب سمع يلجهم أم هو إدلال من اللحياني وتجاسر ؟ قال : وإنما قلت هذا لأني لم أسمع ألججته . ورجل لجوج ولجوجة ، الهاء للمبالغة ، ولججة مثل همزة أي لجوج ، والأنثى لجوج ; وقول أبي ذؤيب :


                                                          فإني صبرت النفس بعد ابن عنبس     فقد لج من ماء الشؤون لجوج

                                                          أراد : دمع لجوج ، وقد يستعمل في الخيل ; قال :

                                                          من المسبطرات الجياد طمرة لجوج ، هواها السبسب المتماحل والملاجة : التمادي في الخصومة ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          دلو عراك لج بي منينها

                                                          فسره فقال : لج بي أي ابتلي بي ، ويجوز عندي أن يريد . ابتليت أنا به ، فقلب . وملجاج كلجوج ; قال مليح :


                                                          من الصلب ملجاج يقطع ربوها     بغام ، ومبني الحصيرين أجوف

                                                          ولجة البحر : حيث لا يدرك قعره . ولج الوادي : جانبه . ولج البحر : عرضه ، قال : ولج البحر الماء الكثير الذي لا يرى طرفاه ، وذكر ابن الأثير في هذا الترجمة وفي الحديث : من ركب البحر إذا التج فقد برئت منه الذمة أي تلاطمت أمواجه ; والتج الأمر إذا عظم واختلط . ولجة الأمر : معظمه . ولجة الماء ، بالضم : معظمه وخص بعضهم به معظم البحر ، وكذلك لجة الظلام ، وجمعه لج ولجج ولجاج ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          وكيف بكم يا علو أهلا ودونكم     لجاج ، يقمسن السفين ، وبيد

                                                          ؟ واستعار حماس بن ثامل اللج لليل ; فقال :

                                                          ومستنبح في لج ليل دعوته بمشبوبة في رأس صمد مقابل يعني معظمه وظلمه . ولج الليل : شدة ظلمته وسواده ، قال العجاج يصف الليل :

                                                          [ ص: 172 ] ومخدر الأبصار أخدري لج ، كأن ثنيه مثني أي كأن عطف الليل معطوف مرة أخرى ، فاشتد سواد ظلمته . وبحر لجاج ولجي : واسع اللج . واللج : السيف ، تشبيها بلج البحر . وفي حديث طلحة بن عبيد [ الله ] : إنهم أدخلوني الحش وقربوا فوضعوا اللج على قفي ; قال ابن سيده : وأظن أن السيف إنما سمي لجا في هذا الحديث وحده . قال الأصمعي : نرى أن اللج اسم يسمى به السيف ، كما قالوا الصمصامة ، وذو الفقار ونحوه ; قال : وفيه شبه بلجة البحر في هوله ; ويقال : اللج السيف بلغة طيء ; وقال شمر : قال بعضهم : اللج السيف بلغة هذيل وطوائف من اليمن ; وقال ابن الكلبي : كان للأشتر سيف يسميه اللج واليم ; وأنشد له :

                                                          ما خانني اليم في مأقط ولا مشهد ، مذ شددت الإزارا ويروى : ما خانني اللج . وفلان لجة واسعة ، على التشبيه بالبحر في سعته . وألج القوم ولججوا : ركبوا اللجة . والتج الموج : عظم . ولجج القوم إذا وقعوا في اللجة . قال الله تعالى : في بحر لجي ; قال الفراء : يقال بحر لجي ولجي ، كما يقال سخري وسخري ; ويقال : هذا لج البحر ولجة البحر . وقال : بعضهم : اللجة الجماعة الكثيرة ، كلجة البحر ، وهي اللج . ولججت السفينة أي خاضت اللجة ، والتج البحر التجاجا ، والتجت الأرض بالسراب : صار فيها منه كاللج . والتج الظلام : التبس واختلط . واللجة : الصوت ; وأنشد لذي الرمة :


                                                          كأننا ، والقنان القود تحملنا     موج الفرات إذا التج الدياميم

                                                          أبو حاتم : التج صار له كاللجج من السراب . وسمعت لجة الناس ، بالفتح ، أي أصواتهم وصخبهم ; قال أبو النجم :


                                                          في لجة أمسك فلانا عن فل

                                                          ولجة القوم : أصواتهم . واللجة واللجلجة : اختلاط الأصوات . والتجت الأصوات : ارتفعت فاختلطت . وفي حديث عكرمة : سمعت لهم لجة بآمين ، يعني أصوات المصلين . واللجة : الجلبة . وألج القوم إذا صاحوا ; وقد تكون اللجة في الإبل ; وقال أبو محمد الحذلمي :


                                                          وجعلت لجتها تغنيه

                                                          يعني أصواتها كأنها تطربه وتسترحمه ليوردها الماء ، ورواه بعضهم لختها . ولج القوم وألجوا : اختلطت أصواتهم . وألجت الإبل والغنم إذا سمعت صوت رواعيها وضواغيها . وفي حديث الحديبية : قال سهيل بن عمرو : قد لجت القضية بيني وبينك أي وجبت ; قال هكذا جاء مشروحا ; قال : ولا أعرف أصله . والتجت الأرض : اجتمع نبتها وطال وكثر ، وقيل : الأرض الملتجة الشديدة الخضرة ، التفت أو لم تلتف . وأرض بقلها ملتج ، وعين ملتجة ، وكأن عينه لجة أي شديدة السواد ; وعين ملتجة ، وإنه لشديد التجاج العين إذا اشتد سوادها . والألنجج واليلنجج : عود الطيب ، وقيل : هو شجر غيره يتبخر به ; قال ابن جني : إن قيل لك إذا كان الزائد إذا وقع أولا لم يكن للإلحاق ، فكيف ألحقوا بالهمزة في ألنجج ، وبالياء في يلنجج ؟ والدليل على صحة الإلحاق ظهور التضعيف ، قيل : قد علم أنهم لا يلحقون بالزائد من أول الكلمة إلا أن يكون معه زائد آخر ، فلذلك جاز الإلحاق بالهمزة والياء في ألنجج ، ويلنجج ، لما انضم إلى الهمزة والياء النون : والألنجوج واليلنجوج : كالألنجج . واليلنجج : عود يتبخر به ، وهو يفنعل وأفنعل ; قال حميد بن ثور :


                                                          لا تصطلي النار إلا مجمرا أرجا     قد كسرت من يلنجوج له رقصا

                                                          وقال اللحياني : عود يلنجوج وألنجوج وألنجيج ، فوصف بجميع ذلك ، وهو عود طيب الريح . واللجلجة : ثقل اللسان ، ونقص الكلام ، وأن لا يخرج بعضه في أثر بعض . ورجل لجلاج وقد لجلج وتلجلج . وقيل لأعرابي : ما أشد البرد ؟ قال : إذا دمعت العينان وقطر المنخران ولجلج اللسان ; وقيل : اللجلاج الذي يجول لسانه في شدقه . التهذيب : اللجلاج الذي سجية لسانه ثقل الكلام ونقصه . الليث : اللجلجة أن يتكلم الرجل بلسان غير بين ; وأنشد :


                                                          ومنطق بلسان غير لجلاج

                                                          واللجلجة والتلجلج : التردد في الكلام . ولجلج اللقمة في فيه : أدارها من غير مضغ ولا إساغة . ولجلج الشيء في فيه : أداره . وتلجلج هو ، وربما لجلج الرجل اللقمة في الفم في غير موضع ; قال زهير :


                                                          يلجلج مضغة فيها أنيض     أصلت فهي تحت الكشح داء

                                                          الأصمعي : أخذت هذا المال فأنت لا ترده ولا تأخذه كما يلجلج الرجل اللقمة فلا يبتلعها ولا يلقيها . الجوهري : يلجلج اللقمة في فيه أي يرددها فيه للمضغ . ابن شميل : استلج فلان متاع فلان وتلججه إذا ادعاه . أبو زيد ، يقال : الحق أبلج والباطل لجلج أي يردد من غير أن ينفذ ، واللجلج : المختلط الذي ليس بمستقيم ، والأبلج : المضيء المستقيم . وفي كتاب عمر إلى أبي موسى : الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة أي تردد في صدرك وقلق ولم يستقر ; ومنه حديث علي - رضي الله عنه - : الكلمة من الحكمة تكون في صدر المنافق ، فتلجلج حتى تخرج إلى صاحبها أي تتحرك في صدره وتقلق حتى يسمعها المؤمن فيأخذها ويعيها ; وأراد تتلجلج ، فحذف تاء المضارعة تخفيفا . وتلجلج بالشيء : بادر . ولجلجه عن الشيء : أداره ليأخذه منه . وبطن لجان : اسم موضع ; قال الراعي :


                                                          فقلت والحرة السوداء دونهم     وبطن لجان لما اعتادني ذكري

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية