الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          لحس

                                                          لحس : اللحس باللسان ، يقال : لحس القصعة ; بالكسر . واللحسة : اللعقة . والكلب يلحس الإناء لحسا : كذلك ، وفي المثل : أسرع من لحس الكلب أنفه . ولحست الإناء لحسة ولحسة ولحسه لحسا : لعقه . وفي حديث غسل اليد من الطعام : إن الشيطان حساس لحاس أي كثير اللحس لما يصل إليه . تقول : لحست الشيء ألحسه إذا أخذته بلسانك ، ولحاس للمبالغة . والحساس : الشديد الحس والإدراك . وقولهم : تركت فلانا بملاحس البقر أولادها ، هو مثل قولهم بمباحث البقر أي بالمكان القفر بحيث لا يدرى أين هو ، وقال ابن سيده : أي بفلاة من الأرض . قال : ومعناه عندي بحيث تلعق البقر ما على أولادها من السابياء والأغراس ، وذلك لأن البقر الوحشية لا تلد إلا بالمفاوز ; قال ذو الرمة :


                                                          تربعن من وهبين أو بسويقة مشق السوابي عن رؤوس الجآذر

                                                          قال : وعندي أنه بملاحس البقر فقط أو بملحس البقر أولادها لأن المفعل إذا كان مصدرا لم يجمع . قال ابن جني : لا تخلو ملاحس هاهنا من أن تكون جمع ملحس الذي هو المصدر أو الذي هو المكان ، فلا يجوز أن يكون هاهنا مكانا لأنه قد عمل في الأولاد فنصبها ، والمكان لا يعمل في المفعول به كما أن الزمان لا يعمل فيه ، وإذا كان الأمر على ما ذكرناه كان المضاف هنا محذوفا مقدرا ، كأنه قال : تركته بملاحس البقر أولادها كما أن قوله : [ ص: 178 ]

                                                          وما هي إلا في إزار وعلقة     مغار ابن همام على حي خثعما

                                                          محذوف المضاف ، أي وقت إغارة ابن همام على حي خثعم ، ألا تراه قد عداه إلى قوله على حي خثعما ؟ وملاحس البقر إذا مصدر مجموع معمل في المفعول به كما أن قوله :


                                                          مواعيد عرقوب أخاه بيثرب

                                                          كذلك وهو غريب . قال ابن جني : وكان أبو علي ، رحمه الله ، يورد مواعيد عرقوب أخاه مورد الطريف المتعجب منه . واللحس : أكل الجراد الخضر والشجر ، وكذلك أكل الدودة الصوف . واللاحوس : الحريص ، وقيل : المشؤوم يلحس قومه ، على المثل ، وكذلك الحاسوس واللحوس من الناس الذي يتبع الحلاوة كالذباب . والملحس : الشجاع كأنه يأكل كل شيء يرتفع له . ويقال : فلان ألد ملحس أحوس أهيس . وفي حديث أبي الأسود : عليكم فلانا فإنه أهيس أليس ألد ملحس ، هو الذي لا يظهر له شيء إلا أخذه ، مفعل من اللحس . ويقال : التحست منه حقي أي أخذته ، وأصابتهم لواحس أي سنون شداد تلحس كل شيء ; قال الكميت :


                                                          وأنت ربيع الناس وابن ربيعهم     إذا لقبت فيها السنون اللواحسا

                                                          وألحست الأرض : أنبتت أول العشب ، وقيل : هو أن تخرج رؤوس البقل فيراه المال فيطمع فيه فيلحسه إذ لم يقدر أن يأكل منه شيئا ، واللحس : ما يظهر من ذلك . وغنم لاحسة : ترعى اللحس . ورجل ملحس : حريص ، وقيل : الملحس والملحس الذي يأخذ كل شيء يقدر عليه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية