الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          لحق

                                                          لحق : : اللحق واللحوق والإلحاق : والإدراك . لحق الشيء وألحقه وكذلك لحق به وألحق لحاقا ، بالفتح ، أي أدركه ; قال ابن بري : شاهده لأبي دواد :


                                                          فألحقه ، وهو ساط بها كما تلحق القوس سهم الغرب

                                                          [ ص: 180 ] واللحاق : مصدر لحق يلحق لحاقا . وفي القنوت : إن عذابك بالكافرين ملحق بمعنى لاحق ، ومنهم من يقول إن عذابك بالكافرين ملحق ; قال الجوهري : والفتح أيضا صواب ; قال ابن الأثير : الرواية بكسر الحاء ، أي من نزل به عذابك ألحقه بالكفار ، وقيل : هو بمعنى لاحق لغة في لحق . يقال : لحقته وألحقته بمعنى كتبعته وأتبعته ، ويروى بفتح الحاء على المفعول أي إن عذابك ملحق بالكفار ويصابون به . وفي دعاء زيارة القبور : وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ; قيل : معناه إذا شاء الله ، وقيل : إن شرطية والمعنى لاحقون بكم في الموافاة على الإيمان ، وقيل : هو على التبري والتفويض كقوله تعالى : لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ; وقيل : هو على التأدب كقوله تعالى : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ; وألحق فلان فلانا وألحقه به ، كلاهما : جعله ملحقه . وتلاحق القوم : أدرك بعضهم بعضا . وتلاحقت الركاب والمطايا أي لحق بعضها بعضا ; وأنشد :


                                                          أقول ، وقد تلاحقت المطايا :     كفاك القول ! إن عليك عينا

                                                          كفاك القول أي ارفق وأمسك عن القول . ولحقته وألحقته بمعنى واحد . الأزهري : واللحق ما يلحق بالكتاب بعد الفراغ منه فتلحق به ما سقط عنه ويجمع ألحاقا ، وإن خفف فقيل لحق كان جائزا . الجوهري : اللحق ، بالتحريك ، شيء يلحق بالأول . وقوس لحق وملحاق : سريعة السهم لا تريد شيئا إلا لحقته . وناقة ملحاق : تلحق الإبل فلا تكاد الإبل تفوتها في السير ; قال رؤبة :


                                                          فهي ضروح الركض ملحاق

                                                          اللحق واللحق : كل شيء لحق شيئا أو لحق به من الحيوان والنبات وحمل النخل ، وقيل : اللحق في النخل أن ترطب وتتمر ثم يخرج في بطنه شيء يكون أخضر قلما يرطب حتى يدركه الشتاء فيسقطه المطر ، وقد يكون نحو ذلك في الكرم يسمى لحقا ; وقد قال الطرماح في مثل ذلك يصف نخلة أطلعت بعد ينع ما كان خرج منها في وقته فقال :


                                                          ألحقت ما استلعبت بالذي     قد أنى إذ حان حين الصرام

                                                          أي ألحقت طلعا غريضا كأنها لعبت به إذ أطلعته في غير حينه ، وذلك أن النخلة إنما تطلع في الربيع فإذا أخرجت في آخر الصيف ما لا يكون له ينع فكأنها غير جادة فيما أطلعت . واللحق أيضا من الثمر : الذي يأتي بعد الأول ، وكل ثمرة تجيء بعد ثمرة ، فهي لحق ، والجمع ألحاق ; حكاه أبو حنيفة . وقد ألحق الشجر ، واللحق أيضا من الناس كذلك : قوم يلحقون بقوم بعد مضيهم ; قال :


                                                          يغنيك عن بصرى وعن أبوابها     وعن حصار الروم واغترابها
                                                          ولحق يلحق من أعرابها     تحت لواء الموت أو عقابها

                                                          قال الأزهري : يجوز أن يكون اللحق مصدرا للحق ، ويجوز أن يكون جمعا للاحق كما يقال خادم وخدم وعاس وعسس . ولحق الغنم : أولادها التي كادت تلحق بها . واللحق : الشيء الزائد ; قال ابن عيينة :


                                                          كأنه بين أسطر لحق

                                                          والجمع كالجمع . واللحق : الزرع العذي ، وهو ما سقته السماء ، وجمعه الألحاق . الكسائي : يقال زرعوا الألحاق ، والواحد لحق ، وذلك أن الوادي ينضب فيلقي البذر في كل موضع نضب عنه الماء فيقال : استلحقوا إذا زرعوا . وقال ابن الأعرابي : اللحق أن يزرع القوم في جانب الوادي ; يقال : قد زرعوا الألحاق . ولحق لحوقا أي ضمر . الأزهري : فرس لاحق الأيطل من خيل لحق الأياطل إذا ضمرت ; وفي قصيد كعب :


                                                          تخدي على يسرات ، وهي لاحقة     ذوابل وقعهن الأرض تحليل

                                                          اللاحقة : الضامرة . والملحق : الدعي الملصق . واستلحقه أي ادعاه . الأزهري عن الليث : اللحق الدعي الموصل بغير أبيه ; قال الأزهري : سمعت بعضهم يقول له الملحق . وفي حديث عمرو بن شعيب : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن كل مستلحق استلحق بعد أبيه الذي يدعى له فقد لحق بمن استلحقه ; قال ابن الأثير : قال الخطابي هذه أحكام وقعت في أول زمان الشريعة ، وذلك أنه كان لأهل الجاهلية إماء بغايا ، وكان سادتهن يلمون بهن ، فإذا جاءت إحداهن بولد ربما ادعاه السيد والزاني ، فألحقه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسيد لأن الأمة فراش كالحرة ، فإن مات السيد ولم يستلحقه ثم استلحقه ورثته بعده لحق بأبيه ، وفي ميراثه خلاف . ولاحق : اسم فرس معروف من خيل العرب ; قال النابغة :

                                                          فيهم بنات الأعوجي ولاحق ورقا مراكلها من المضمار وفي الصحاح : ولاحق اسم فرس كان لمعاوية بن أبي سفيان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية