الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          لحم

                                                          لحم : اللحم واللحم ، مخفف ومثقل لغتان : معروف ، يجوز أن يكون اللحم لغة فيه ، ويجوز أن يكون فتح لمكان حرف الحلق ; وقول العجاج :


                                                          ولم يضع جاركم لحم الوضم إنما أراد ضياع لحم الوضم

                                                          فنصب لحم الوضم على المصدر ، والجمع [ ص: 181 ] ألحم ولحوم ولحام ولحمان ، واللحمة أخص منه ، واللحمة : الطائفة منه ، وقال أبو الغول الطهوي يهجو قوما :


                                                          رأيتكم بني الخذواء ، لما     دنا الأضحى وصللت اللحام
                                                          توليتم بودكم ، وقلتم :     لعك منك أقرب أو جذام

                                                          يقول : لما أنتنت اللحوم من كثرتها عندكم أعرضتم عني . ولحم الشيء : لبه حتى قالوا لحم الثمر للبه . وألحم الزرع : صار فيه القمح ، كأن ذلك لحمه . ابن الأعرابي : استلحم الزرع واستك وازدج أي التف ، وهو الطهليء ، قال أبو منصور : معناه التف . الأزهري : ابن السكيت رجل شحيم لحيم أي سمين ، ورجل شحم لحم إذا كان قرما إلى اللحم والشحم يشتهيهما ، ولحم ، بالكسر : اشتهى اللحم . ورجل شحام لحام إذا كان يبيع الشحم واللحم ، ولحم الرجل وشحم في بدنه ، وإذا أكل كثيرا فلحم عليه قيل : لحم وشحم . ورجل لحيم ولحم : كثير لحم الجسد ، وقد لحم لحامة ولحم ; الأخيرة عن اللحياني : كثر لحم بدنه ; وقول عائشة - رضي الله عنها : فلما علقت اللحم سبقني أي سمنت فثقلت . ورجل لحم : أكول للحم وقرم إليه ، وقيل : هو الذي أكل منه كثيرا فشكا عنه ، والفعل كالفعل . واللحام : الذي يبيع اللحم . ورجل ملحم إذا كثر عنده اللحم ، وكذلك مشحم . وفي قول عمر : اتقوا هذه المجازر فإن لها ضراوة كضراوة الخمر ، وفي رواية : إن للحم ضراوة كضراوة الخمر . يقال : رجل لحم وملحم ولاحم ولحيم ، فاللحم : الذي يكثر أكله ، والملحم : الذي يكثر عنده اللحم أو يطعمه ، واللاحم : الذي يكون عنده لحم ، واللحيم : الكثير لحم الجسد . الأصمعي : ألحمت القوم ، بالألف ، أطعمتهم اللحم ; وقال مالك بن نويرة يصف ضبعا :


                                                          وتظل تنشطني وتلحم أجريا     وسط العرين وليس حي يمنع

                                                          قال : جعل مأواها لها عرينا . وقال غير الأصمعي : لحمت القوم ، بغير ألف ; قال شمر : وهو القياس . وبيت لحم : كثير اللحم ; وقال الأصمعي في قول الراجز يصف الخيل :


                                                          نطعمها اللحم ، إذا عز الشجر     والخيل في إطعامها اللحم ضرر

                                                          قال : أراد نطعمها اللبن فسمى اللبن لحما لأنها تسمن على اللبن . وقال ابن الأعرابي : كانوا إذا أجدبوا وقل اللبن يبسوا اللحم وحملوه في أسفارهم وأطعموه الخيل ، وأنكر ما قال الأصمعي وقال : إذا لم يكن الشجر لم يكن اللبن . وأما قوله - عليه السلام - : إن الله يبغض البيت اللحم وأهله ، فإنه أراد الذي تؤكل فيه لحوم الناس أخذا . وفي حديث آخر : يبغض أهل البيت اللحمين . وسأل رجل سفيان الثوري : أرأيت هذا الحديث إن الله تبارك وتعالى ليبغض أهل البيت اللحمين ؟ أهم الذين يكثرون أكل اللحم ؟ فقال سفيان : هم الذين يكثرون أكل لحوم الناس . وأما قوله ليبغض البيت اللحم وأهله ، قيل : هم الذين يأكلون لحوم الناس بالغيبة ، وقيل : هم الذين يكثرون أكل اللحم ويدمنونه ، قال : وهو أشبه . وفلان يأكل لحوم الناس أي يغتابهم ; ومنه قوله :


                                                          وإذا أمكنه لحمي رتع

                                                          وفي الحديث : إن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه . ولحم الصقر ونحوه لحما : اشتهى اللحم . وباز لحم : يأكل اللحم أو يشتهيه ، وكذلك لاحم ، والجمع لواحم ، وملحم : مطعم للحم ، وملحم : يطعم اللحم . ورجل ملحم أي مطعم للصيد مرزوق منه . ولحمة البازي ولحمته : ما يطعمه مما يصيده ، يضم ويفتح ، وقيل : لحمة الصقر الطائر يطرح إليه أو يصيده ; أنشد ثعلب :


                                                          من صقع باز لا تبل لحمه

                                                          وألحمت الطير إلحاما . وباز لحم : يأكل اللحم لأن أكله لحم ; قال الأعشى :


                                                          تدلى حثيثا كأن الصوا     ر يتبعه أزرقي لحم

                                                          ولحمة الأسد : ما يلحمه ، والفتح لغة . ولحم القوم يلحمهم لحما ، بالفتح ، وألحمهم : أطعمهم اللحم فهو لاحم ; قال الجوهري : ولا تقل ألحمت ، والأصمعي يقوله . وألحم الرجل : كثر في بيته اللحم ، وألحموا : كثر عندهم اللحم . ولحم العظم يلحمه ويلحمه لحما : نزع عنه اللحم ; قال :


                                                          وعامنا أعجبنا مقدمه ، يدعى أبا السمح وقرضاب سمه



                                                          ، مبتركا لكل عظم يلحمه

                                                          ورجل لاحم ولحيم : ذو لحم على النسب مثل تامر ولابن ، ولحام : بائع اللحم . ولحمت الناقة ولحمت لحامة ولحوما فيهما ، فهي لحيمة : كثر لحمها . ولحمة جلدة الرأس وغيرها : ما بطن مما يلي اللحم . وشجة متلاحمة : أخذت في اللحم ولم تبلغ السمحاق ، ولا فعل لها . الأزهري : شجة متلاحمة إذا بلغت اللحم . ويقال : تلاحمت الشجة إذا أخذت في اللحم ، وتلاحمت أيضا إذا برأت والتحمت . وقال شمر : قال عبد الوهاب المتلاحمة من الشجاج التي تشق اللحم كله دون العظم ثم تتلاحم بعد شقها ، فلا يجوز فيها المسبار بعد تلاحم اللحم . قال : وتتلاحم من يومها ومن غد . قال ابن الأثير في حديث : الشجاج المتلاحمة هي التي أخذت في اللحم ، قال : وقد تكون التي برأت والتحمت . وامرأة متلاحمة : ضيقة ملاقي لحم الفرج وهي مآزم الفرج . والمتلاحمة من النساء : الرتقاء ; قال أبو سعيد : إنما يقال لها لاحمة كأن هناك لحما يمنع من الجماع ، قال : ولا يصح متلاحمة . وفي حديث عمر : قال لرجل لم طلقت امرأتك ؟ قال : إنها كانت متلاحمة ; قال : إن ذلك منهن لمستراد ; قيل : هي الضيقة الملاقي ، وقيل : هي التي بها رتق . والتحم الجرح للبرء . وألحمه عرض فلان : سبعه إياه ، وهو على المثل . ويقال : ألحمتك عرض فلان إذا أمكنتك منه تشتمه ، وألحمته سيفي . ولحم الرجل ، فهو لحيم وألحم : قتل . وفي حديث أسامة : أنه لحم رجلا من العدو أي قتله ، وقيل : قرب منه حتى لزق به ، من التحم الجرح إذا التزق ، وقيل : لحمه أي ضربه من أصاب لحمه . واللحيم : [ ص: 182 ] القتيل ; قال ساعدة بن جؤية أورده ابن سيده :


                                                          ولكن تركت القوم قد عصبوا به     فلا شك أن قد كان ثم لحيم

                                                          وأورده الجوهري : فقالوا : تركنا القوم قد حصروا به

                                                          ولا غرو أن قد كان ثم لحيم



                                                          قال ابن بري صواب إنشاده : فقال تركناه ; وقبله :


                                                          وجاء خليلاه إليها كلاهما     يفيض دموعا ، غربهن سجوم واستلحم

                                                          : روهق في القتال . واستلحم الرجل إذا احتوشه العدو في القتال ; أنشد ابن بري للعجير السلولي :


                                                          ومستلحم قد صكه القوم صكة     بعيد الموالي ، نيل ما كان يجمع

                                                          والملحم : الذي أسر وظفر به أعداؤه ، قال العجاج :


                                                          إنا لعطافون خلف الملحم

                                                          والملحمة : الوقعة العظيمة القتل ، وقيل : موضع القتال . وألحمت القوم إذا قتلتهم حتى صاروا لحما . وألحم الرجل إلحاما واستلحم استلحاما إذا نشب في الحرب فلم يجد مخلصا ، وألحمه غيره فيها ، وألحمه القتال . وفي حديث جعفر الطيار - عليه السلام - يوم مؤتة : أنه أخذ الراية بعد قتل زيد فقاتل بها حتى ألحمه القتال فنزل وعقر فرسه ، ومنه حديث عمر - رضي الله عنه - في صفة الغزاة : ومنهم من ألحمه القتال ; ومنه حديث سهيل : لا يرد الدعاء عند البأس حين يلحم بعضهم بعضا أي تشتبك الحرب بينهم ويلزم بعضهم بعضا . وفي الحديث : اليوم يوم الملحمة ، وفي حديث آخر : ويجمعون للملحمة هي الحرب وموضع القتال ، والجمع الملاحم مأخوذ من اشتباك الناس واختلاطهم فيها كاشتباك لحمة الثوب بالسدى ، وقيل : هو من اللحم لكثرة لحوم القتلى فيها ، وألحمت الحرب فالتحمت . والملحمة : القتال في الفتنة . ابن الأعرابي : الملحمة حيث يقاطعون لحومهم بالسيوف ; قال ابن بري : شاهد الملحمة قول الشاعر :


                                                          بملحمة لا يستقل غرابها     دفيفا ، ويمشي الذئب فيها مع النسر

                                                          والملحمة : الحرب ذات القتل الشديد . والملحمة الوقعة العظيمة في الفتنة . وفي قولهم نبي الملحمة قولان : أحدهما نبي القتال وهو كقوله في الحديث الآخر : بعثت بالسيف ، والثاني نبي الصلاح وتأليف الناس كان يؤلف أمر الأمة . وقد لحم الأمر إذا أحكمه وأصلحه ; قال ذلك الأزهري عن شمر . ولحم بالمكان يلحم لحما : نشب بالمكان . وألحم بالمكان : أقام ; عن ابن الأعرابي ، وقيل : لزم الأرض ، وأنشد :


                                                          إذا افتقرا لم يلحما خشية الردى

                                                          ولم يخش رزءا منهما مولياهما وألحم الدابة إذا وقف فلم يبرح واحتاج إلى الضرب . وفي الحديث : أنه قال لرجل صم يوما في الشهر ، قال : إني أجد قوة ، قال : فصم يومين ، قال : إني أجد قوة ، قال : فصم ثلاثة أيام في الشهر ، وألحم عند الثالثة أي وقف عندها فلم يزده عليها ، من ألحم بالمكان إذا أقام فلم يبرح . وألحم الرجل : غمه . ولحم الشيء يلحمه لحما وألحمه فالتحم : لأمه . واللحام : ما يلأم به ويلحم به الصدع . ولاحم الشيء بالشيء : ألزقه به ، والتحم الصدع والتأم بمعنى واحد . والملحم : الدعي الملزق بالقوم ليس منهم ; قال الشاعر :


                                                          حتى إذا ما فر كل ملحم

                                                          ولحمة النسب : الشابك منه . الأزهري : لحمة النسب ، بالفتح ، ولحمة الصيد ما يصاد به ، بالضم . واللحمة ، بالضم : القرابة . ولحمة الثوب ولحمته : ما سدي بين السديين ، يضم ويفتح ، وقد لحم الثوب يلحمه وألحمه . ابن الأعرابي : لحمة الثوب ولحمة النسب ، بالفتح . قال الأزهري : ولحمة الثوب الأعلى ولحمته ، والسدى الأسفل من الثوب ; وأنشد ابن بري :


                                                          ستاه قز وحرير لحمته

                                                          وألحم الناسج الثوب . وفي المثل : ألحم ما أسديت أي تمم ما ابتدأته من الإحسان . وفي الحديث : الولاء لحمة كلحمة النسب ، وفي رواية : كلحمة الثوب . قال ابن الأثير : قد اختلف في ضم اللحمة وفتحها فقيل : هي في النسب بالضم ، وفي الثوب بالضم والفتح ، وقيل : الثوب بالفتح وحده ، وقيل : النسب والثوب بالفتح ، فأما بالضم فهو ما يصاد به الصيد ، قال : ومعنى الحديث المخالطة في الولاء وأنها تجري مجرى النسب في الميراث كما تخالط اللحمة لما بينهما من المداخلة الشديدة . وفي حديث الحجاج والمطر : صار الصغار لحمة الكبار أي أن القطر انتسج لتتابعه فدخل بعضه في بعض واتصل . قال أبو سعيد : ويقال هذا الكلام لحيم هذا الكلام وطريده أي وفقه وشكله . واستلحم الطريق : اتسع . واستلحم الرجل الطريق : ركب أوسعه واتبعه ; قال رؤبة :


                                                          ومن أريناه الطريق استلحما

                                                          وقال امرؤ القيس :


                                                          استلحم الوحش على أكسائها     أهوج محضير ، إذا النقع دخن

                                                          استلحم : اتبع . وفي حديث أسامة : فاستلحمنا رجل من العدو أي تبعنا . يقال : استلحم الطريدة والطريق أي تبع . وألحم بين بني فلان شرا : جناه لهم . وألحمه بصره : حدده نحوه ورماه به . وحبل ملاحم : شديد الفتل ; عن أبي حنيفة ; وأنشد :


                                                          ملاحم الغارة لم يغتلب

                                                          والملحم : جنس من الثياب . وأبو اللحام : كنية أحد فرسان

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية