الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8575 ) مسألة ; قال أبو القاسم رحمه الله : ( وإذا كان العبد بين ثلاثة ، فأعتقوه معا ، أو وكل نفسان الثالث أن يعتق حقوقهما مع حقه ، ففعل ، أو أعتق كل واحد منهم حقه ، وهو معسر ، فقد صار حرا ، وولاؤه بينهم أثلاثا ) وجملته أن العبد متى كان لثلاثة ، فأعتقوه معا ; إما بأنفسهم ، بأن يتلفظوا بعتقه معا ، أو يعلقوا عتقه على صفة واحدة ، فتوجد ، أو يوكلوا واحدا ، فيعتقه ، أو يوكل نفسان منهم الثالث ، فيعتقه ، فإنه يصير حرا ، وولاؤه بينهم على قدر حقوقهم فيه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إنما الولاء لمن أعتق } وكل واحد منهم قد أعتق حقه ، فيثبت له الولاء عليه . وهذا لا نعلم فيه بين أهل العلم خلافا .

                                                                                                                                            فأما إن أعتقه سادته الثلاثة ، واحدا بعد واحد ، وهم معسرون ، أو كان المعتقان الأولان معسرين ، والثالث موسرا ، فالصحيح فيه أنه يعتق على كل واحد منهم حقه ، وله ولاؤه ، وهذا قول أكثر أهل العلم . وحكى ابن المنذر ، فيما إذا أعتق المعسر نصيبه قولين شاذين ; أحدهما ، أنه باطل ; لأنه لا يمكن أن يعتق نصفه منفردا ، إذ لا يمكن أن يكون إنسان نصفه حر ، ونصفه عبد ، كما لا يمكن أن يكون نصف المرأة طالقا ، ونصفها زوجة ، ولا سبيل إلى إعتاق جميعه ، فبطل كله . [ ص: 282 ]

                                                                                                                                            والثاني ، يعتق كله ، وتكون قيمة نصيب الذي لم يعتق في ذمة المعتق ، يتبع بها إذا أيسر ، كما لو أتلفه . وهذان القولان شاذان ، لم يقلهما من يحتج بقوله ، ولا يعتمد على مذهبه . ويردهما قول النبي صلى الله عليه وسلم : { من أعتق شركا له في عبد ، فكان معه ما يبلغ ثمن العبد ، قوم عليه قيمة العدل ، وأعطي شركاؤه حصصهم ، وعتق جميع العبد ، وإلا فقد عتق منه ما عتق } . متفق عليه . وإذا ثبت أنه لا يعتق على المعسر إلا نصيبه ، فباقي العبد على الرق ، فإذا أعتقه مالكه ، عتق بإعتاقه ، وكان لكل واحد منهم ولاء ما أعتق ; لأن الولاء لمن أعتق . ويفارق العتق الطلاق ; لكون المرأة لا يمكن الاشتراك فيها ، ولا ورود النكاح على بعضها ، ولا تكون إلا لواحد ، فنظيره إذا كان العبد لواحد ، فأعتق جزءا منه ، فإنه يعتق جميعه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية