الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          لعب

                                                          لعب : اللعب واللعب : ضد الجد ، لعب يلعب لعبا ولعبا ، ولعب وتلاعب وتلعب مرة بعد أخرى ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          تلعب باعث بذمة خالد وأودى عصام في الخطوب الأوائل



                                                          وفي حديث تميم والجساسة : صادفنا البحر حين اغتلم ، فلعب بنا الموج شهرا . سمى اضطراب الموج لعبا ، لما لم يسر بهم إلى الوجه الذي أرادوه . ويقال لكل من عمل عملا لا يجدي عليه نفعا : إنما أنت لاعب . وفي حديث الاستنجاء : إن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم أي أنه يحضر أمكنة الاستنجاء ويرصدها بالأذى والفساد ؛ لأنها مواضع يهجر فيها ذكر الله ، وتكشف فيها العورات ، فأمر بسترها والامتناع من التعرض لبصر الناظرين ومهاب الرياح ورشاش البول ، وكل ذلك من لعب الشيطان . والتلعاب : اللعب ، صيغة تدل على تكثير المصدر ، كفعل في الفعل على غالب الأمر . قال سيبويه : هذا باب ما تكثر فيه المصدر من فعلت ، فتلحق الزوائد ، وتبنيه بناء آخر ، كما أنك قلت في فعلت : فعلت ، حين كثرت الفعل ، ثم ذكر المصادر التي جاءت على التفعال كالتلعاب وغيره ؛ قال : وليس شيء من ذلك مصدر فعلت ، ولكن لما أردت التكثير ، بنيت المصدر على هذا ، كما بنيت فعلت على فعلت . ورجل لاعب ولعب ولعب على ما يطرد في هذا النحو ، وتلعاب وتلعابة ، وتلعاب وتلعابة ، وهو من المثل التي لم يذكرها سيبويه . قال ابن جني : أما تلعابة ، فإن سيبويه ، وإن لم يذكره في الصفات ، فقد ذكره في المصادر ، نحو تحمل تحمالا ، ولو أردت المرة الواحدة من هذا لوجب أن تكون تحمالة ، فإذا ذكر تفعالا فكأنه قد ذكره بالهاء ، وذلك لأن الهاء في تقدير الانفصال على غالب الأمر ، وكذلك القول في تلقامة ، وسيأتي ذكره . وليس لقائل أن يدعي أن تلعابة وتلقامة في الأصل المرة الواحدة ، ثم وصف به كما قد يقال ذلك في المصدر نحو قوله تعالى : إن أصبح ماؤكم غورا ؛ أي غائرا ، ونحو قوله : فإنما هي إقبال وإدبار ؛ من قبل أن من وصف بالمصدر ، فقال : هذا رجل زور وصوم ، ونحو ذلك ، فإنما صار ذلك له ؛ لأنه أراد المبالغة ، ويجعله هو نفس الحدث ؛ لكثرة ذلك منه ، والمرة الواحدة هي أقل القليل من ذلك الفعل ، فلا يجوز أن يريد معنى غاية الكثرة ، فيأتي لذلك بلفظ غاية القلة ؛ ولذلك لم يجيزوا : زيد إقبالة وإدبارة ، على زيد إقبال وإدبار ، فعلى هذا لا يجوز أن يكون قولهم : رجل تلعابة وتلقامة على حد قولك : هذا رجل صوم ، لكن الهاء فيه كالهاء في علامة ونسابة للمبالغة ؛ وقول النابغة الجعدي :


                                                          تجنبتها إني امرؤ في شبيبتي     وتلعابتي عن ريبة الجار أجنب



                                                          فإنه وضع الاسم الذي جرى صفة موضع المصدر ، وكذلك ألعبان ، مثل به سيبويه ، وفسره السيرافي . وقال الأزهري : رجل تلعابة إذا كان يتلعب ، وكان كثير اللعب . وفي حديث علي رضي الله عنه : زعم ابن النابغة أني تلعابة ؛ وفي حديث آخر : أن عليا كان تلعابة أي كثير المزح والمداعبة ، والتاء زائدة . ورجل لعبة : كثير اللعب . ولاعبه ملاعبة ولعابا : لعب معه ؛ ومنه حديث جابر : ما لك وللعذارى ولعابها ؟ . اللعاب ، بالكسر : مثل اللعب . وفي الحديث : لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبا جادا . أي يأخذه ولا يريد سرقته ولكن يريد إدخال الهم والغيظ عليه ، فهو لاعب في السرقة ، جاد في الأذية . وألعب المرأة : جعلها تلعب . وألعبها : جاءها بما تلعب به ؛ وقول عبيد بن الأبرص :


                                                          قد بت ألعبها وهنا وتلعبني     ثم انصرفت وهي مني على بال



                                                          يحتمل أن يكون على الوجهين جميعا . وجارية لعوب : حسنة الدل ، والجمع لعائب . قال الأزهري : ولعوب اسم امرأة ، سميت لعوب لكثرة لعبها ، ويجوز أن تسمى لعوب ؛ لأنه يلعب بها . والملعبة : ثوب لا كم له ، يلعب فيه الصبي . واللعاب : الذي حرفته اللعب . والألعوبة : اللعب . وبينهم ألعوبة ، من اللعب . واللعبة : الأحمق الذي يسخر به ، ويلعب ، ويطرد عليه باب . واللعبة : نوبة اللعب . وقال الفراء : لعبت لعبة واحدة ؛ واللعبة ، بالكسر : نوع من اللعب . تقول : رجل حسن اللعبة ، بالكسر ، كما تقول : حسن الجلسة . واللعبة : جرم ما يلعب به كالشطرنج ونحوه . واللعبة : التمثال . وحكى اللحياني : ما رأيت لك لعبة أحسن من هذه ، ولم يزد على ذلك . ابن السكيت يقول : لمن اللعبة ؟ فتضم أولها ؛ لأنها اسم . والشطرنج لعبة ، والنرد لعبة ، وكل ملعوب به ، فهو لعبة ؛ لأنه اسم . وتقول : اقعد حتى أفرغ من هذه اللعبة . وقال ثعلب : من هذه اللعبة - بالفتح - أجود ؛ لأنه أراد المرة الواحدة من اللعب . ولعبت الريح بالمنزل : درسته . وملاعب الريح : مدارجها . وتركته في ملاعب الجن أي حيث لا يدرى أين هو . وملاعب ظله : طائر بالبادية ، وربما قيل خاطف ظله ؛ يثنى فيه المضاف والمضاف إليه ، ويجمعان ؛ يقال للاثنين : ملاعبا ظلهما ، وللثلاثة : ملاعبات أظلالهن ، وتقول : رأيت ملاعبات أظلال لهن ، ولا تقل أظلالهن ؛ لأنه يصير معرفة . وأبو براء : هو ملاعب الأسنة عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب ، سمي بذلك يوم السوبان ، وجعله لبيد ملاعب الرماح لحاجته إلى القافية ؛ فقال :


                                                          لو أن حيا مدرك الفلاح     أدركه ملاعب الرماح



                                                          [ ص: 206 ] واللعاب : فرس من خيل العرب ، معروف ؛ قال الهذلي :


                                                          وطاب عن اللعاب نفسا وربة     وغادر قيسا في المكر وعفزرا



                                                          وملاعب الصبيان والجواري في الدار من ديارات العرب : حيث يلعبون ، الواحد ملعب . واللعاب : ما سال من الفم . لعب يلعب ، ولعب ، وألعب : سال لعابه ، والأولى أعلى . وخص الجوهري به الصبي ، فقال : لعب الصبي ؛ قال لبيد :


                                                          لعبت على أكتافهم وحجورهم     وليدا وسموني لبيدا وعاصما


                                                          ورواه

                                                          ثعلب : لعبت على أكتافهم وصدورهم ، وهو أحسن . وثغر ملعوب أي ذو لعاب . وقيل لعب الرجل : سال لعابه ، وألعب : صار له لعاب يسيل من فمه . ولعاب الحية والجراد : سمهما . ولعاب النحل : ما يعسله ، وهو العسل . ولعاب الشمس : شيء تراه كأنه ينحدر من السماء إذا حميت وقام قائم الظهيرة ؛ قال جرير


                                                          أنخن لتهجير وقد وقد الحصى     وذاب لعاب الشمس فوق الجماجم



                                                          قال الأزهري : لعاب الشمس هو الذي يقال له مخاط الشيطان ، وهو السهام ، بفتح السين ، ويقال له : ريق الشمس ، وهو شبه الخيط ، تراه في الهواء إذا اشتد الحر وركد الهواء ؛ ومن قال : إن لعاب الشمس السراب ، فقد أبطل ؛ إنما السراب الذي يرى كأنه ماء جار نصف النهار ، وإنما يعرف هذه الأشياء من لزم الصحاري والفلوات ، وسار في الهواجر فيها . وقيل : لعاب الشمس ما تراه في شدة الحر مثل نسج العنكبوت ؛ ويقال : هو السراب . والاستلعاب في النخل : أن ينبت فيه شيء من البسر ، بعد الصرام . قال الهذلي : استلعبت النخلة إذا أطلعت طلعا ، وفيها بقية من حملها الأول ؛ قال الطرماح يصف نخلة :


                                                          ألحقت ما استلعبت بالذي     قد أنى ، إذ حان وقت الصرام



                                                          واللعباء : سبخة معروفة بناحية البحرين ، بحذاء القطيف ، وسيف البحر . وقال ابن سيده : اللعباء موضع ؛ وأنشد الفارسي :


                                                          تروحنا من اللعباء قصرا     وأعجلنا إلاهة أن تئوبا



                                                          ويروى : الإلهة ، وقال : إلاهة : اسم للشمس .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية