الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          لعن

                                                          لعن : أبيت اللعن : كلمة كانت العرب تحيي بها ملوكها في الجاهلية ، تقول للملك : أبيت اللعن ؛ معناه أبيت أيها الملك أن تأتي ما تلعن عليه . واللعن : الإبعاد والطرد من الخير ، وقيل : الطرد والإبعاد من الله ، ومن الخلق السب والدعاء ، واللعنة الاسم ، والجمع لعان ولعنات . ولعنه يلعنه لعنا : طرده وأبعده . ورجل لعين وملعون ، والجمع ملاعين ؛ عن سيبويه قال : إنما أذكر مثل هذا الجمع لأن حكم مثل هذا أن يجمع بالواو والنون في المذكر ، وبالألف والتاء في المؤنث ، لكنهم كسروه تشبيها بما جاء من الأسماء على هذا الوزن . وقوله تعالى : بل لعنهم الله بكفرهم ؛ أي أبعدهم . وقوله [ ص: 209 ] تعالى : ويلعنهم اللاعنون ؛ قال ابن عباس : اللاعنون كل شيء في الأرض إلا الثقلين ، ويروى عن ابن مسعود أنه قال : اللاعنون الاثنان إذا تلاعنا لحقت اللعنة بمستحقها منهما ، فإن لم يستحقها واحد رجعت على اليهود ، وقيل : اللاعنون كل من آمن بالله من الإنس والجن والملائكة . واللعان والملاعنة : اللعن بين اثنين فصاعدا . واللعنة : الكثير اللعن للناس . واللعنة : الذي لا يزال يلعن لشرارته ، والأول فاعل ، وهو اللعنة ، والثاني مفعول ، وهو اللعنة ، وجمعه اللعن ؛ قال :


                                                          والضيف أكرمه فإن مبيته حق ولا تك لعنة للنزل



                                                          ويطرد عليهما باب . وحكى اللحياني : لا تك لعنة على أهل بيتك أي لا يسبن أهل بيتك بسببك . وامرأة لعين ، بغير هاء ، فإذا لم تذكر الموصوفة فبالهاء . واللعين : الذي يلعنه كل أحد . قال الأزهري : اللعين المشتوم المسبب ، واللعين : المطرود ؛ قال الشماخ :


                                                          ذعرت به القطا ونفيت عنه     مقام الذئب كالرجل اللعين



                                                          أراد مقام الذئب اللعين الطريد كالرجل ؛ ويقال : أراد مقام الذي هو كالرجل اللعين ، وهو المنفي ، والرجل اللعين لا يزال منتبذا عن الناس ، شبه الذئب به . وكل من لعنه الله فقد أبعده عن رحمته واستحق العذاب فصار هالكا . واللعن : التعذيب ، ومن أبعده الله لم تلحقه رحمته وخلد في العذاب . واللعين : الشيطان ، صفة غالبة لأنه طرد من السماء ؛ وقيل : لأنه أبعد من رحمة الله . واللعنة : الدعاء عليه . وحكى اللحياني : أصابته لعنة من السماء ولعنة . والتعن الرجل : أنصف في الدعاء على نفسه . ورجل ملعن إذا كان يلعن كثيرا . قال الليث : الملعن المعذب ؛ وبيت زهير يدل على غير ما قال الليث :


                                                          ومرهق الضيفان يحمد في     اللأواء ، غير ملعن القدر



                                                          أراد : أن قدره لا تلعن لأنه يكثر لحمها وشحمها . وتلاعن القوم : لعن بعضهم بعضا . ولاعن امرأته في الحكم ملاعنة ولعانا ، ولاعن الحاكم بينهما لعانا : حكم . والملاعنة بين الزوجين إذا قذف الرجل امرأته أو رماها برجل أنه زنى بها ، فالإمام يلاعن بينهما ويبدأ بالرجل ويقفه حتى يقول : أشهد بالله أنها زنت بفلان ، وإنه لصادق فيما رماها به ، فإذا قال ذلك أربع مرات ، قال في الخامسة : وعليه لعنة الله إن كان من الكاذبين فيما رماها به ، ثم تقام المرأة فتقول أيضا أربع مرات : أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا ، ثم تقول في الخامسة : وعلي غضب الله إن كان من الصادقين ؛ فإذا فرغت من ذلك بانت منه ، ولم تحل له أبدا ، وإن كانت حاملا فجاءت بولد فهو ولدها ولا يلحق بالزوج ؛ لأن السنة نفته عنه ، سمي ذلك كله لعانا لقول الزوج : عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين ، وقول المرأة : عليها غضب الله إن كان من الصادقين ؛ وجائز أن يقال للزوجين إذا فعلا ذلك : قد تلاعنا ولاعنا والتعنا ، وجائز أن يقال للزوج : قد التعن ولم تلتعن المرأة ، وقد التعنت هي ولم يلتعن الزوج . وفي الحديث : فالتعن هو ، افتعل من اللعن ، أي لعن نفسه . والتلاعن : كالتشاتم في اللفظ ، غير أن التشاتم يستعمل في وقوع فعل كل واحد منهما بصاحبه ، والتلاعن ربما استعمل في فعل أحدهما . والتلاعن : أن يقع فعل كل واحد منهما بنفسه . واللعنة في القرآن : العذاب . ولعنه الله يلعنه لعنا : عذبه . وقوله تعالى : والشجرة الملعونة في القرآن ؛ قال ثعلب : يعني شجرة الزقوم ، قيل : أراد الملعون آكلها . واللعين : الممسوخ . وقال الفراء : اللعن المسخ أيضا . قال الله عز وجل : أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت ؛ أي نمسخهم . قال : واللعين المخزى المهلك . قال الأزهري : وسمعت العرب تقول فلان يتلاعن علينا إذا كان يتماجن ولا يرتدع عن سوء ويفعل ما يستحق به اللعن . والملاعنة واللعان : المباهلة . والملاعن : مواضع التبرز وقضاء الحاجة . والملعنة : قارعة الطريق ومنزل الناس . وفي الحديث : اتقوا الملاعن وأعدوا النبل ، الملاعن : جواد الطريق وظلال الشجر ينزلها الناس ، نهى أن يتغوط تحتها فتتأذى السابلة بأقذارها ويلعنون من جلس للغائط عليها . قال ابن الأثير : وفي الحديث : اتقوا الملاعن الثلاث ؛ قال : هي جمع ملعنة ، وهي الفعلة التي يلعن بها فاعلها ، كأنها مظنة للعن ومحل له ، وهو أن يتغوط الإنسان على قارعة الطريق أو ظل الشجرة أو جانب النهر ، فإذا مر بها الناس لعنوا فاعله . وفي الحديث : اتقوا اللاعنين أي الأمرين الجالبين اللعن الباعثين للناس عليه ، فإنه سبب للعن من فعله في هذه المواضع ، وليس ذا في كل ظل ، وإنما هو الظل الذي يستظل به الناس ويتخذونه مقيلا ومناخا ، واللاعن اسم فاعل من لعن ، فسميت هذه الأماكن لاعنة لأنها سبب اللعن . وفي الحديث : ثلاث لعينات . اللعينة : اسم الملعون كالرهينة في المرهون ، أو هي بمعنى اللعن كالشتيمة من الشتم ، ولا بد على هذا الثاني من تقدير مضاف محذوف . ومنه حديث المرأة التي لعنت ناقتها في السفر فقال : ضعوا عنها فإنها ملعونة ؛ قيل : إنما فعل ذلك لأنه استجيب دعاؤها فيها ، وقيل : فعله عقوبة لصاحبتها لئلا تعود إلى مثلها وليعتبر بها غيرها . واللعين : ما يتخذ في المزارع كهيئة الرجل أو الخيال تذعر به السباع والطيور . قال الجوهري : والرجل اللعين : شيء ينصب وسط الزرع ، تستطرد به الوحوش ؛ وأنشد بيت الشماخ : كالرجل اللعين ؛ قال شمر : أقرأنا ابن الأعرابي لعنترة :


                                                          هل تبلغني دارها شدنية     لعنت بمحروم الشراب مصرم



                                                          وفسره فقال : سبت بذلك فقيل أخزاها الله فما لها در ولا بها لبن ، قال : ورواه أبو عدنان عن الأصمعي : لعنت لمحروم الشراب ، وقال : يريد بقوله لمحروم الشراب أي قذفت بضرع لا لبن فيه مصرم . واللعين المنقري : من فرسانهم وشعرائهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية