الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8645 ) مسألة : قال : ( وإذا قال لأمته : أول ولد تلدينه ، فهو حر . فولدت اثنين ، أقرع بينهما ، فمن أصابته القرعة ، فهو حر إذا أشكل أولهما خروجا ) إنما كان كذلك ; لأن أحدهما استحق العتق ، ولم يعلم بعينه ، فوجب إخراجه بالقرعة ، كما لو قال لعبيده : كذلك أحدكم حر . وقد سبق القول في هذه المسألة . فأما إن علم أولهما خروجا ، فهو الحر وحده . وهذا قول مالك والثوري ، وأبي هاشم ، والشافعي ، وابن المنذر وقال الحسن ، والشعبي وقتادة : إذا ولدت ولدين في بطن ، فهما حران . ولنا أنه إنما أعتق الأول ، والذي خرج أولا هو أول المولودين فاختص العتق به كما لو ولدتهما في بطنين .

                                                                                                                                            ( 8646 ) فصل : فإن ولدت الأول ميتا ، والثاني حيا ، فذكر الشريف أنه يعتق الحي منهما . وبه قال أبو حنيفة وقال أبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي : لا يعتق واحد منهما . وهو الصحيح ، إن شاء الله تعالى ; لأن شرط العتق إنما وجد في الميت ، وليس بمحل للعتق ، فانحلت اليمين به ، وإنما قلنا : إن شرط العتق إنما وجد فيه ; لأنه أول ولد ، بدليل أنه لو قال لأمته : إذا ولدت ولدا ، فأنت حرة . فولدت ولدا ميتا ، عتقت . ووجه الأول ، أن العتق يستحيل في الميت ، فتعلقت اليمين بالحي ، كما لو قال : إن ضربت فلانا ، فعبدي حر . فضربه حيا ، عتق ، وإن ضربه ميتا ، لم يعتق . ولأنه معلوم من طريق العادة ، أنه قصد عقد يمينه على ولد يصح العتق فيه ، وهو أن يكون حيا ، فتصير الحياة مشروطة فيه ، فكأنه قال أول ولد تلدينه حيا فهو حر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية