الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          لوي

                                                          لوي : لويت الحبل ألويه ليا : فتلته . ابن سيده : اللي الجدل والتثني ، لواه ليا ، والمرة منه لية ، وجمعه لوى ، ككوة وكوى ؛ عن أبي علي ، ولواه فالتوى وتلوى . ولوى يده ليا ولويا نادر على الأصل : ثناها ، ولم يحك سيبويه لويا فيما شذ ، ولوى الغلام بلغ عشرين وقويت يده فلوى يد غيره . ولوي القدح لوى فهو لو والتوى ، كلاهما : اعوج ؛ عن أبي حنيفة . واللوى : ما التوى من الرمل ، وقيل : هو مسترقه ، وهما لويان ، والجمع ألواء ، وكسره يعقوب على ألوية فقال يصف الظمخ : ينبت في ألوية الرمل ودكادكه ، وفعل لا يجمع على أفعلة . وألوينا : صرنا إلى لوى الرمل ، وقيل : لوي الرمل لوى ، فهو لو ؛ وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          يا ثجرة الثور وظربان اللوي



                                                          والاسم اللوى ، مقصور . الأصمعي : اللوى منقطع الرملة ؛ يقال : قد ألويتم فانزلوا ، وذلك إذا بلغوا لوى الرمل . الجوهري : لوى الرمل ، مقصور ، منقطعه ، وهو الجدد بعد الرملة ، ولوى الحية حواها ، وهو انطواؤها ؛ عن ثعلب . ولاوت الحية الحية لواء : التوت عليها . والتوى الماء في مجراه وتلوى : انعطف ولم يجر على الاستقامة ، وتلوت الحية كذلك . وتلوى البرق في السحاب : اضطرب على غير جهة . وقرن ألوى : معوج ، والجمع لي ، بضم اللام ؛ حكاها سيبويه ، قال : وكذلك سمعناها من العرب ، قال : ولم يكسروا ، وإن كان ذلك القياس ، وخالفوا باب بيض ؛ لأنه لما وقع الإدغام في الحرف ذهب المد وصار كأنه حرف متحرك ، ألا ترى لو جاء مع عمي في قافية جاز .

                                                          فهذا دليل على أن المدغم بمنزلة الصحيح ، والأقيس الكسر لمجاورتها الياء . ولواه دينه وبدينه ليا وليا وليانا وليانا : مطله ؛ قال ذو الرمة في الليان :


                                                          تطيلين لياني وأنت ملية     وأحسن يا ذات الوشاح التقاضيا



                                                          قال أبو الهيثم : لم يجئ من المصادر على فعلان إلا ليان . وحكى ابن بري عن أبي زيد ؛ قال : ليان ، بالكسر ، وهو لغية ، وقد يجيء الليان بمعنى الحبس وضد التسريح ؛ قال الشاعر :

                                                          [ ص: 261 ]

                                                          يلقى غريمكم من غير عسرتكم     بالبذل مطلا وبالتسريح ليانا



                                                          وألوى بحقي ولواني : جحدني إياه ، ولويت الدين . وفي حديث المطل : لي الواجد يحل عرضه وعقوبته . قال أبو عبيد : اللي هو المطل ؛ وأنشد قول الأعشى :


                                                          يلوينني ديني النهار وأقتضي     ديني إذا وقذ النعاس الرقدا



                                                          لواه غريمه بدينه يلويه ليا ، وأصله لويا فأدغمت الواو في الياء . وألوى بالشيء : ذهب به . وألوى بما في الإناء من الشراب : استأثر به وغلب عليه غيره ، وقد يقال ذلك في الطعام ؛ وقول ساعدة بن جؤية :


                                                          ساد تجرم في البضيع ثمانيا     يلوي بعيقات البحار ويجنب



                                                          يلوي بعيقات البحار أي يشرب ماءها فيذهب به . وألوت به العقاب أخذته فطارت به . الأصمعي : ومن أمثالهم أيهات ألوت به العنقاء المغرب كأنها داهية ، ولم يفسر أصله . وفي الصحاح : ألوت به عنقاء مغرب أي ذهبت به . وفي حديث حذيفة : أن جبريل رفع أرض قوم لوط - عليه السلام - ثم ألوى بها حتى سمع أهل السماء ضغاء كلابهم أي ذهب بها ، كما يقال ألوت به العنقاء أي أطارته ، وعن قتادة مثله ؛ وقال فيه : ثم ألوى بها في جو السماء ، وألوى بثوبه فهو يلوي به إلواء . وألوى بهم الدهر : أهلكهم ؛ قال :


                                                          أصبح الدهر وقد ألوى بهم     غير تقوالك من قيل وقال



                                                          وألوى بثوبه إذا لمع وأشار . وألوى بالكلام : خالف به عن جهته . ولوى عن الأمر والتوى : تثاقل . ولويت أمري عنه ليا وليانا : طويته . ولويت عنه الخبر : أخبرته به على غير وجهه . ولوى فلان خبره إذا كتمه . والإلواء : أن تخالف بالكلام عن جهته ، يقال : ألوى يلوي إلواء ولوية . والإخلاف الاستقاء . ولويت عليه : عطفت . ولويت عليه : انتظرت . الأصمعي : لوى الأمر عنه فهو يلويه ليا ، ويقال ألوى بذلك الأمر إذا ذهب به ، ولوى عليهم يلوي إذا عطف عليهم وتحبس ، ويقال : ما يلوي على أحد . وفي حديث أبي قتادة : فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد أي لا يلتفت ولا يعطف عليه . وفي الحديث : وجعلت خيلنا تلوى خلف ظهورنا أي تتلوى . يقال : لوى عليه إذا عطف وعرج ، ويروى بالتخفيف ، ويروى تلوذ ، بالذال ، وهو قريب منه . وألوى : عطف على مستغيث ، وألوى بثوبه للصريخ ، وألوت المرأة بيدها . وألوت الحرب بالسوام إذا ذهبت بها وصاحبها ينظر إليها . وألوى إذا جف زرعه . واللوي ، على فعيل : ما ذبل وجف من البقل ؛ وأنشد ابن بري :


                                                          حتى إذا تجلت اللويا     وطرد الهيف السفا الصيفيا



                                                          وقال ذو الرمة :


                                                          وحتى سرى بعد الكرى في لويه     أساريع معروف وصرت جنادبه



                                                          وقد ألوى البقل إلواء أي ذبل . ابن سيده : واللوي يبيس الكلأ والبقل ، وقيل : هو ما كان منه بين الرطب واليابس . وقد لوي لوى وألوى صار لويا . وألوت الأرض : صار بقلها لويا . والألوى واللوي ، على لفظ التصغير : شجرة تنبت حبالا تعلق بالشجر وتتلوى عليها ، ولها في أطرافها ورق مدور في طرفه تحديد . واللوى ، وجمعه ألواء : مكرمة للنبات ؛ قال ذو الرمة :


                                                          ولم تبق ألواء اليماني بقية     من النبت إلا بطن واد رحاحم



                                                          والألوى : الشديد الخصومة ، الجدل السليط ، وهو أيضا المتفرد المعتزل ، وقد لوي لوى . والألوى : الرجل المجتنب المنفرد لا يزال كذلك ؛ قال الشاعر يصف امرأة :


                                                          حصان تقصد الألوى     بعينيها وبالجيد



                                                          والأنثى لياء ، ونسوة ليان ، وإن شئت بالتاء لياوات ، والرجال ألوون ، والتاء والنون في الجماعات لا يمتنع منهما شيء من أسماء الرجال ونعوتها ، وإن فعل فهو يلوي لوى ، ولكن استغنوا عنه بقولهم لوى رأسه ، ومن جعل تأليفه من لام وواو قالوا لوى . وفي التنزيل العزيز في ذكر المنافقين : لووا رءوسهم ؛ ولووا ، قرئ بالتشديد والتخفيف . ولويت أعناق الرجال في الخصومة ، شدد للكثرة والمبالغة . قال الله عز وجل : لووا رءوسهم ؛ وألوى الرجل برأسه ولوى رأسه : أمال وأعرض . وألوى رأسه ولوى برأسه : أماله من جانب إلى جانب . وفي حديث ابن عباس : أن ابن الزبير - رضي الله عنهم - لوى ذنبه ؛ قال ابن الأثير : يقال لوى رأسه وذنبه وعطفه عنك إذا ثناه وصرفه ، ويروى بالتشديد للمبالغة ، وهو مثل لترك المكارم والروغان عن المعروف وإيلاء الجميل ، قال : ويجوز أن يكون كناية عن التأخر والتخلف لأنه قال في مقابلته : وإن ابن العاص مشى اليقدمية . وقوله تعالى : وإن تلووا أو تعرضوا ؛ بواوين ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما : هو القاضي يكون ليه وإعراضه لأحد الخصمين على الآخر ، أي تشدده وصلابته ، وقد قرئ بواو واحدة مضمومة اللام من وليت ؛ قال مجاهد : أي أن تلوا الشهادة فتقيموها أو تعرضوا عنها فتتركوها ؛ قال ابن بري : ومنه قول فرعان بن الأعرف :


                                                          تغمد حقي ظالما ولوى يدي     لوى يده الله الذي هو غالبه



                                                          والتوى وتلوى بمعنى . الليث : لويت عن هذا الأمر إذا التويت عنه ؛ وأنشد :


                                                          إذا التوى بي الأمر أو لويت     من أين آتي الأمر إذ أتيت



                                                          اليزيدي : لوى فلان الشهادة وهو يلويها ليا ولوى كفه ولوى يده ولوى على أصحابه لويا وليا وألوى إلي بيده إلواء أي أشار بيده لا غير . ولويته عليه أي آثرته عليه ؛ وقال :


                                                          ولم يكن ملك للقوم ينزلهم     إلا صلاصل لا تلوى على حسب



                                                          أي لا يؤثر بها أحد لحسبه للشدة التي هم فيها ، ويروى : لا تلوي أي لا تعطف أصحابها على ذوي الأحساب ، من قولهم لوى عليه أي عطف ، بل تقسم بالمصافنة على السوية ؛ وأنشد ابن بري لمجنون بني عامر :


                                                          فلو كان في ليلى سدى من خصومة      [ ص: 262 ] للويت أعناق المطي الملاويا



                                                          وطريق ألوى : بعيد مجهول . اللوية : ما خبأته عن غيرك وأخفيته ؛ قال :


                                                          الآكلين اللوايا دون ضيفهم     والقدر مخبوءة منها أثافيها



                                                          وقيل : هي الشيء يخبأ للضيف ، وقيل : هي ما أتحفت به المرأة زائرها أو ضيفها ، وقد لوى لوية والتواها . وألوى : أكل اللوية . التهذيب : اللوية ما يخبأ للضيف أو يدخره الرجل لنفسه ؛ وأنشد :


                                                          آثرت ضيفك باللوية والذي     كانت له ولمثله الأذخار



                                                          قال الأزهري : سمعت أعرابيا من بني كلاب يقول لقعيدة له أين لواياك ، وحواياك ألا تقدمينها إلينا ؟ أراد : أين ما خبأت من شحيمة وقديدة وتمرة وما أشبهها من شيء يدخر للحقوق .

                                                          الجوهري : اللوية ما خبأته لغيرك من الطعام ؛ قال أبو جهيمة الذهلي :


                                                          : قلت لذات النقبة النقيه     قومي فغدينا من اللويه



                                                          وقد التوت المرأة لوية . والولية : لغة في اللوية ، مقلوبة عنه ؛ حكاها كراع ، قال : والجمع الولايا كاللوايا ، ثبت القلب في الجمع . واللوى : وجع في المعدة ؛ وقيل : وجع في الجوف ، لوي ، بالكسر ، يلوى لوى ، مقصور ، فهو لو . واللوى : اعوجاج في ظهر الفرس ، وقد لوي لوى . وعود لو : ملتو . وذنب ألوى : معطوف خلقة مثل ذنب العنز . ويقال : لوي ذنب الفرس فهو يلوى لوى ، وذلك إذا ما اعوج ؛ قال العجاج :


                                                          كالكر لا شخت ولا فيه لوى



                                                          يقال منه : فرس ما به لوى ولا عصل . وقال أبو الهيثم : كبش ألوى ونعجة لياء ، ممدود ، من شاء لي . اليزيدي : ألوت الناقة بذنبها ولوت ذنبها إذ حركته ، الباء مع الألف فيها ، وأصر الفرس بأذنه وصر أذنه ؛ والله أعلم . واللواء : لواء الأمير ، ممدود . واللواء : العلم ، والجمع ألوية وألويات ، الأخيرة جمع الجمع ؛ قال :


                                                          جنح النواصي نحو ألوياتها



                                                          وفي الحديث : لواء الحمد بيدي يوم القيامة ؛ اللواء : الراية ، ولا يمسكها إلا صاحب الجيش ؛ قال الشاعر :


                                                          غداة تسايلت من كل أوب     كتائب عاقدين لهم لوايا



                                                          قال : وهي لغة لبعض العرب ، تقول : احتميت احتمايا . والألوية : المطارد ، وهي دون الأعلام والبنود . وفي الحديث : لكل غادر لواء يوم القيامة أي علامة يشهر بها في الناس ؛ لأن موضوع اللواء شهرة مكان الرئيس . وألوى اللواء : عمله أو رفعه ؛ عن ابن الأعرابي ، ولا يقال لواه . وألوى : خاط لواء الأمير . وألوى إذا أكثر التمني . أبو عبيدة : من أمثالهم في الرجل الصعب الخلق الشديد اللجاجة : لتجدن فلانا ألوى بعيد المستمر ؛ وأنشد فيه :


                                                          وجدتني ألوى بعيد المستمر     أحمل ما حملت من خير وشر



                                                          أبو الهيثم : الألوى الكثير الملاوي . يقال : رجل ألوى شديد الخصومة يلتوي على خصمه بالحجة ولا يقر على شيء واحد . والألوى : الشديد الالتواء ، وهو الذي يقال له بالفارسية سحابين . ولويت الثوب ألويه ليا إذا عصرته حتى يخرج ما فيه من الماء . وفي حديث الاختمار : لية لا ليتين أي تلوي خمارها على رأسها مرة واحدة ، ولا تديره مرتين ، لئلا تشتبه بالرجال إذا اعتموا . واللواء : طائر . واللاويا : ضرب من النبت . واللاوياء : مبسم يكوى به . ولية : مكان بوادي عمان . واللوى : في معنى اللائي الذي هو جمع التي ؛ عن اللحياني ، يقال : هن اللوى فعلن ؛ وأنشد :


                                                          جمعتها من أينق غزار     من اللوى شرفن بالصرار



                                                          واللاءون : جمع الذي من غير لفظه بمعنى الذين ، فيه ثلاث لغات : اللاءون في الرفع ، واللائين في الخفض والنصب ، واللاءو بلا نون ، واللائي بإثبات الياء في كل حال يستوي فيه الرجال والنساء ، ولا يصغر لأنهم استغنوا عنه باللتيات للنساء وباللذيون للرجال ، قال : وإن شئت قلت للنساء اللا ، بالقصر بلا ياء ولا مد ولا همز ، ومنهم من يهمز ؛ وشاهده بلا ياء ولا مد ولا همز ، قول الكميت :


                                                          وكانت من اللا لا يغيرها ابنها     إذا ما الغلام الأحمق الأم غيرا



                                                          قال : ومثله قول الراجز :


                                                          فدومي على العهد الذي كان بيننا     أم انت من اللا ما لهن عهود



                                                          وأما قول أبي الربيس عبادة بن طهفة المازني ، وقيل اسمه عباد بن طهفة ، وقيل عباد بن عباس :


                                                          من النفر اللائي الذين إذا هم     يهاب اللئام حلقة الباب قعقعوا



                                                          فإنما جاز الجمع بينهما لاختلاف اللفظين أو على إلغاء أحدهما . ولوي غالب : أبو قريش ، وأهل العربية يقولونه بالهمز ، والعامة تقول لوي ؛ قال الأزهري : قال ذلك الفراء وغيره . يقال : لوى عليه الأمر إذا عوصه . ويقال : لوأ الله بك ، بالهمز ، تلوية أي شوه به . ويقال : هذه والله الشوهة واللوأة ، ويقال اللوة ، بغير همز . ويقال للرجل الشديد : ما يلوى ظهره أي لا يصرعه أحد . والملاوي : الثنايا الملتوية التي لا تستقيم . واللوة : العود الذي يتبخر به ، لغة في الألوة ، فارسي معرب كاللية . وفي صفة أهل الجنة : مجامرهم الألوة أي بخورهم العود ، وهو اسم له مرتجل ، وقيل : هو ضرب من خيار العود وأجوده ، وتفتح همزته وتضم ، وقد اختلف في أصليتها وزيادتها . وفي حديث ابن عمر : أنه كان يستجمر بالألوة غير مطراة . وقوله في الحديث : من حاف في وصيته ألقي في اللوى ؛ قيل : إنه واد في جهنم نعوذ بعفو الله منها . ابن الأعرابي : اللوة السوأة ، تقول : لوة لفلان بما صنع أي سوأة . قال : والتوة الساعة من الزمان ، والحوة كلمة الحق ؛ وقال : اللي واللو الباطل ، والحو والحي الحق . يقال : فلان لا يعرف الحو من اللو أي لا يعرف الكلام البين من الخفي ؛ عن ثعلب : واللولاء : الشدة والضر كاللأواء . وقوله في الحديث : إياك واللو ، فإن اللو من الشيطان ؛ يريد قول المتندم على الفائت لو كان كذا ، لقلت ولفعلت ، وسنذكره في لا من حرف الألف [ ص: 263 ] الخفيفة . واللات : صنم لثقيف كانوا يعبدونه ، هي عند أبي علي فعلة من لويت عليه أي عطفت وأقمت ، يدلك على ذلك قوله تعالى : وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم ؛ قال سيبويه : أما الإضافة إلى لات من اللات والعزى ، فإنك تمدها كما تمد لا إذا كانت اسما ، وكما تثقل لو وكي إذا كان كل واحد منهما اسما ، فهذه الحروف وأشباهها التي ليس لها دليل بتحقير ولا جمع ولا فعل ولا تثنية إنما يجعل ما ذهب منه مثل ما هو فيه ويضاعف ، فالحرف الأوسط ساكن على ذلك يبنى إلا أن يستدل على حركته بشيء ، قال : وصار الإسكان أولى لأن الحركة زائدة فلم يكونوا ليحركوا إلا بثبت ، كما أنهم لم يكونوا ليجعلوا الذاهب من لو غير الواو إلا بثبت ، فجرت هذه الحروف على فعل أو فعل أو فعل ؛ قال ابن سيده : انتهى كلام سيبويه ، قال : وقال ابن جني : أما اللات والعزى فقد قال أبو الحسن إن اللام فيها زائدة ، والذي يدل على صحة مذهبه أن اللات والعزى علمان بمنزلة يغوث ويعوق ونسر ومناة وغير ذلك من أسماء الأصنام ، فهذه كلها أعلام وغير محتاجة في تعريفها إلى الألف واللام ، وليست من باب الحارث والعباس وغيرهما من الصفات التي تغلب غلبة الأسماء ، فصارت أعلاما وأقرت فيها لام التعريف على ضرب من تنسم روائح الصفة فيها فيحمل على ذلك ، فوجب أن تكون اللام فيها زائدة ، ويؤكد زيادتها فيها لزومها إياها كلزوم لام الذي والآن وبابه ، فإن قلت فقد حكى أبو زيد لقيته فينة والفينة وإلاهة والإلاهة ، وليست فينة وإلاهة بصفتين ، فيجوز تعريفهما وفيهما اللام كالعباس والحارث ؟ فالجواب أن فينة والفينة وإلاهة والإلاهة مما اعتقب عليه تعريفان : أحدهما بالألف واللام ، والآخر بالوضع والغلبة ، ولم نسمعهم يقولون لات ولا عزى ، بغير لام ، فدل لزوم اللام على زيادتها ، وأن ما هي فيه مما اعتقب عليه تعريفان ؛ وأنشد أبو علي :


                                                          أما ودماء لا تزال كأنها     على قنة العزى وبالنسر عندما



                                                          قال ابن سيده : هكذا أنشده أبو علي بنصب عندما ، وهو كما قال لأن نسرا بمنزلة عمرو ، وقيل : أصلها لاهة سميت باللاهة التي هي الحية . ولاوى : اسم رجل عجمي ، قيل : هو من ولد يعقوب - عليه السلام - و موسى - عليه السلام - من سبطه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية