الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ليط

                                                          ليط : لاط حبه بقلبي يلوط ويليط ليطا وليطا : لزق . وإني لأجد له في قلبي لوطا وليطا ، بالكسر ، يعني الحب اللازق بالقلب ، وهو ألوط بقلبي وأليط ؛ وحكى اللحياني به حب الولد . وهذا الأمر لا يليط بصفري ولا يلتاط أي لا يعلق ولا يلزق . والتاط فلان ولدا : ادعاه واستلحقه . ولاط القاضي فلانا بفلان : ألحقه به . وفي حديث عمر : أنه كان يليط أولاد الجاهلية بآبائهم ، وفي رواية : بمن ادعاهم في الإسلام ، أي يلحقهم بهم . والليط : قشر القصب اللازق به ، وكذلك ليط القناة ، وكل قطعة منه ليطة . وقال أبو منصور : ليط العود القشر الذي تحت القشر الأعلى . وفي كتابه لوائل بن حجر : في التيعة شاة لا مقورة الألياط ؛ هي جمع ليط ، وهي في الأصل القشر اللازق بالشجر ، أراد غير مسترخية الجلود لهزالها ، فاستعار الليط للجلد لأنه للحم بمنزلته للشجر والقصب ، وإنما جاء به مجموعا لأنه أراد ليط كل عضو . والليطة : قشرة القصبة والقوس والقناة وكل شيء له متانة ، والجمع ليط كريشة وريش ؛ وأنشد الفارسي قول أوس بن حجر يصف قوسا وقواسا :


                                                          فملك بالليط الذي تحت قشرها كغرقئ بيض كنه القيض من عل



                                                          قال : ملك ، شدد ، أي ترك شيئا من القشر على قلب القوس ليتمالك به ؛ قال : وينبغي أن يكون موضع الذي نصبا بملك ، ولا يكون جرا لأن القشر الذي تحت القوس ليس تحتها ، ويدلك على ذلك تمثيله إياه بالقيض والغرقئ ، وجمع الليط لياط ؛ قال جساس بن قطيب :


                                                          وقلص مقورة الألياط



                                                          قال : وهي الجلود هاهنا . وفي الحديث : أن رجلا قال ل ابن عباس : بأي شيء أذكي إذا لم أجد حديدة ؟ قال : بليطة فالية أي قشرة قاطعة . والليط : قشر القصب والقناة وكل شيء كانت له صلابة ومتانة ، والقطعة منه ليطة ؛ ومنه حديث أبي إدريس قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتي بعصافير فذبحت بليطة ، وقيل : أراد به القطعة المحددة من القصب . وقوس عاتكة الليط واللياط أي زقتها . وتليط ليطة : تشظاها . والليط : قشر الجعل ، والليط : اللون ، وهو اللياط أيضا ؛ قال :


                                                          فصبحت جابية صهارجا     تحسبها ليط السماء خارجا



                                                          شبه خضرة الماء في الصهريج بجلد السماء ، وكذلك ليط القوس العربية تمسح وتمرن حتى تصفر ويصير لها ليط ؛ وقال الشاعر يصف قوسا : عاتكة اللياط . وليط الشمس وليطها : لونها إذ ليس لها قشر ؛ قال أبو ذؤيب :


                                                          بأري التي تأري إلى كل مغرب     إذا اصفر ليط الشمس حان انقلابها



                                                          والجمع ألياط ؛ أنشد ثعلب :


                                                          يصبح بعد الدلج القطقاط     وهو مدل حسن الألياط



                                                          ويقال للإنسان اللين المجسة : إنه للين الليط . ورجل لين الليط أي السجية . واللياط : الربا ، سمي لياطا لأنه شيء لا يحل ألصق بشيء ؛ وكل شيء ألصق بشيء وأضيف إليه ، فقد أليط به ، والربا ملصق برأس المال . ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كتب لثقيف حين أسلموا كتابا فيه : وما كان لهم من دين إلى أجله فبلغ أجله فإنه لياط مبرأ من الله ، وإن ما كان لهم من دين في رهن وراء عكاظ فإنه يقضى إلى رأسه ويلاط بعكاظ ولا يؤخر ؛ واللياط في هذا الحديث : الربا الذي كانوا يربونه في الجاهلية ردهم الله إلى أن يأخذوا رءوس أموالهم ويدعوا الفضل عليها . ابن الأعرابي : جمع اللياط اللياليط ، وأصله لوط . وفي حديث معاوية بن قرة : ما يسرني أني طلبت المال خلف هذه اللائطة وإن لي الدنيا ؛ اللائطة : الأسطوانة ، سميت به للزوقها بالأرض . ولاطه الله ليطا : لعنه الله ؛ ومنه قول أمية يصف الحية ودخول إبليس جوفها :


                                                          فلاطها الله إذا أغوت خليفته     طول الليالي ولم يجعل لها أجلا



                                                          أراد أن الحية لا تموت بأجلها حتى تقتل . وشيطان ليطان : منه ، سريانية ، وقيل : شيطان ليطان إتباع . وقال ابن بري : قال القالي ليطان من لاط بقلبه أي لصق . أبو زيد : يقال ما يليط به النعيم ولا يليق به معناه واحد . وفي حديث أشراط الساعة : ولتقومن وهو يلوط حوضه ، وفي رواية : يليط حوضه أي يطينه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية