الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ تبب ]

                                                          تبب : التب : الخسار . والتباب : الخسران والهلاك . وتبا له ، على الدعاء ، نصب لأنه مصدر محمول على فعله ، كما تقول سقيا لفلان ، معناه سقي فلان سقيا ، ولم يجعل اسما مسندا إلى ما قبله . وتبا تبيبا ، على المبالغة . وتب تبابا وتببه : قال له : تبا ، كما يقال : جدعه وعقره . تقول : تبا لفلان ، ونصبه على المصدر بإضمار فعل أي : ألزمه الله خسرانا وهلاكا . والتب المصدر والتباب الاسم . وتبت يداه : خسرتا . وفي التنزيل العزيز : تبت يدا أبي لهب ; أي : ضلتا وخسرتا . وقال الراجز :


                                                          أخسر بها من صفقة لم تستقل تبت يدا صافقها ، ماذا فعل .



                                                          وهذا مثل قيل في مشتري الفسو . والتبب والتباب والتتبيب : الهلاك . [ ص: 210 ] وفي حديث أبي لهب : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا . التب : الهلاك . وتببوهم تتبيبا أي : أهلكوهم . والتتبيب : النقص والخسار . وفي التنزيل العزيز : وما زادوهم غير تتبيب ; قال أهل التفسير : ما زادوهم غير تخسير . ومنه قوله تعالى : وما كيد فرعون إلا في تباب ; أي : ما كيده إلا في خسران . وتب إذا قطع . والتاب : الكبير من الرجال ، والأنثى تابة . والتاب : الضعيف ، والجمع أتباب ، هذلية نادرة . واستتب الأمر : تهيأ واستوى . واستتب أمر فلان إذا اطرد واستقام وتبين ، وأصل هذا من الطريق المستتب ، وهو الذي خد فيه السيارة خدودا وشركا ، فوضح واستبان لمن يسلكه كأنه تبب من كثرة الوطء ، وقشر وجهه ، فصار ملحوبا بينا من جماعة ما حواليه من الأرض ، فشبه الأمر الواضح البين المستقيم به . وأنشد المازني في المعاني :


                                                          ومطية ، ملث الظلام ، بعثته     يشكو الكلال إلي ، دامي الأظلل
                                                          أودى السرى بقتاله ومراحه     شهرا ، نواحي مستتب معمل
                                                          نهج ، كأن حرث النبيط علونه     ضاحي الموارد كالحصير المرمل .



                                                          نصب نواحي لأنه جعله ظرفا . أراد : في نواحي طريق مستتب . شبه ما في هذا الطريق المستتب من الشرك والطرقات بآثار السن ، وهو الحديد الذي يحرث به الأرض . وقال آخر في مثله :


                                                          أنضيتها من ضحاها ، أو عشيتها     في مستتب ، يشق البيد والأكما .



                                                          أي : في طريق ذي خدود ، أي : شقوق موطوء بين . وفي حديث الدعاء : حتى استتب له ما حاول في أعدائك أي : استقام واستمر . والتبي والتبي : ضرب من التمر ، وهو بالبحرين كالشهريز بالبصرة . قال أبو حنيفة : وهو الغالب على تمرهم ، يعني : أهل البحرين . وفي التهذيب : رديء يأكله سقاط الناس . قال الشاعر :


                                                          وأعظم بطنا ، تحت درع ، تخاله     إذا حشي التبي ، زقا مقيرا .



                                                          وحمار تاب الظهر إذا دبر . وجمل تاب : كذلك . ومن أمثالهم : ملك عبد عبدا ، فأولاه تبا . يقول : لم يكن له ملك فلما ملك هان عليه ما ملك . وتبتب إذا شاخ .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية