الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما

كتاب الحرابة

والأصل في هذا الكتاب قوله تعالى : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية . وذلك أن هذه الآية عند الجمهور هي في المحاربين . وقال بعض الناس : إنها نزلت في النفر الذين ارتدوا في زمان النبي - عليه الصلاة والسلام - واستاقوا الإبل ، فأمر بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقطعت أيديهم وأرجلهم وسملت أعينهم .

والصحيح أنها في المحاربين لقوله تعالى : ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ) وليس عدم القدرة عليهم مشترطة في توبة الكفار فبقي أنها في المحاربين .

والنظر في أصول هذا الكتاب ينحصر في خمسة أبواب :

أحدها : النظر في الحرابة .

والثاني : النظر في المحارب .

والثالث : فيما يجب على المحارب .

والرابع : في مسقط الواجب عنه وهي التوبة .

والخامس : بماذا تثبت هذه الجناية .

الباب الأول

في النظر في الحرابة

فأما الحرابة ، فاتفقوا على أنها إشهار السلاح وقطع السبيل خارج المصر ، واختلفوا فيمن حارب داخل المصر ، فقال مالك : داخل المصر وخارجه سواء ، واشترط الشافعي الشوكة ، وإن كان لم يشترط العدد ، وإنما معنى الشوكة عنده قوة المغالبة ، ولذلك يشترط فيها البعد عن العمران ; لأن المغالبة إنما تتأتى بالبعد عن العمران ، وكذلك يقول الشافعي : أنه إذا ضعف السلطان ووجدت المغالبة في المصر كانت محاربة ، [ ص: 764 ] وأما غير ذلك فهو عنده اختلاس ، وقال أبو حنيفة : لا تكون المحاربة في المصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية