الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مخض

                                                          مخض : مخضت المرأة مخاضا ومخاضا وهي ماخض ومخضت ، وأنكرها ابن الأعرابي فإنه قال : يقال مخضت المرأة ولا يقال مخضت ، ويقال : مخضت لبنها . الجوهري : مخضت الناقة ، بالكسر ، تمخض مخاضا مثل سمع يسمع سماعا ، ومخضت : أخذها الطلق ، وكذلك غيرها من البهائم . والمخاض : وجع الولادة . وكل حامل ضربها الطلق فهي ماخض . وقوله - عز وجل - : فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ، المخاض وجع الولادة ، وهو الطلق . ابن الأعرابي وابن شميل : ناقة ماخض ومخوض وهي التي ضربها المخاض ، وقد مخضت تمخض مخاضا ، وإنها لتمخض بولدها وهو أن يضرب الولد في بطنها حتى تنتج فتمتخض . يقال : مخضت ومخضت وتمخضت وامتخضت . وقيل : الماخض من النساء والإبل والشاء المقرب ، والجمع مواخض ومخض ، وأنشد :


                                                          ومسد فوق محال نغض تنقض إنقاض الدجاج المخض

                                                          وأنشد :


                                                          مخضت بها ليلة كلها     فجئت بها مؤيدا خنفقيقا

                                                          ابن الأعرابي : ناقة ماخض وشاة ماخض وامرأة ماخض ، إذا دنا ولادها وقد أخذها الطلق والمخاض والمخاض . نصير : إذا أرادت الناقة أن تضع قيل مخضت ، وعامة قيس وتميم وأسد يقولون مخضت ، بكسر الميم ، ويفعلون ذلك في كل حرف كان قبل أحد حروف الحلق في فعلت وفعيل ، يقولون : بعير وزئير وشهيق ، ونهلت الإبل وسخرت منه . وأمخض الرجل مخضت إبله . قالت ابنة الخس الإيادي لأبيها : مخضت الفلانية لناقة أبيها ، قال : وما علمك ؟ قالت : الصلا راج والطرف لاج وتمشي وتفاج ، قال : أمخضت يا بنتي فاعقلي ، راج : يرتج . ولاج : يلج في سرعة الطرف . وتفاج : تباعد ما بين رجليها . والمخاض : الحوامل من النوق ، وفي المحكم : التي أولادها في بطونها ، واحدتها خلفة على غير قياس ، ولا واحد لها من لفظها ، ومنه قيل للفصيل إذا استكمل السنة ودخل في الثانية : ابن مخاض ، والأنثى ابنة مخاض . قال ابن سيده : وإنما سميت الحوامل مخاضا ; تفاؤلا بأنها تصير إلى ذلك وتستمخض بولدها إذا نتجت . أبو زيد : إذا أردت الحوامل من الإبل قلت نوق مخاض ، واحدتها خلفة ، على غير قياس ، كما قالوا لواحدة النساء امرأة ، ولواحدة الإبل ناقة أو بعير . الأصمعي : إذا حملت الفحل على الناقة فلقحت فهي خلفة ، وجمعها مخاض ، وولدها إذا استكمل سنة من يوم ولد ودخول السنة الأخرى ابن مخاض ; لأن أمه لحقت بالمخاض من الإبل وهي الحوامل . وقال ثعلب : المخاض العشار ، يعني التي أتى عليها من حملها عشرة أشهر ، وقال ابن سيده : لم أجد ذلك إلا له ، أعني أن يعبر عن المخاض بالعشار . ويقال للفصيل إذا لقحت أمه : ابن مخاض ، والأنثى بنت مخاض ، وجمعها بنات مخاض ، لا تثنى مخاض ولا تجمع ; لأنهم إنما يريدون أنها مضافة إلى هذه السن الواحدة ، وتدخله الألف والألف للتعريف فيقال ابن المخاض وبنت المخاض ، قال جرير : ونسبه ابن بري للفرزدق في أماليه :


                                                          وجدنا نهشلا فضلت فقيما     كفضل ابن المخاض على الفصيل

                                                          وإنما سموا بذلك لأنهم فضلوا عن أمهم وألحقت بالمخاض ، سواء لقحت أو لم تلقح . وفي حديث الزكاة : " في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض " ، ابن الأثير : المخاض اسم للنوق الحوامل ، وبنت المخاض ، وابن المخاض : ما دخل في السنة الثانية ; لأن أمه لحقت بالمخاض ، أي الحوامل وإن لم تكن حاملا ، وقيل : هو الذي حملت أمه أو حملت الإبل التي فيها أمه وإن لم تحمل هي ، وهذا هو معنى ابن مخاض وبنت مخاض ; لأن الواحد لا يكون ابن نوق وإنما يكون ابن ناقة واحدة ، والمراد أن تكون وضعتها أمها في وقت ما ، وقد حملت النوق التي وضعن مع أمها وإن لم تكن أمها حاملا ، فنسبها إلى الجماعة بحكم مجاورتها أمها ، وإنما سمي ابن مخاض في السنة الثانية ; لأن العرب إنما كانت تحمل الفحول على الإناث بعد وضعها بسنة ليشتد ولدها ، فهي تحمل في السنة الثانية وتمخض فيكون ولدها ابن مخاض . وفي حديث الزكاة أيضا : " فاعمد إلى شاة ممتلئة مخاضا وشحما " ، أي نتاجا ، وقيل : أراد به المخاض الذي هو [ ص: 35 ] دنو الولادة ، أي أنها امتلأت حملا وسمنا . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : دع الماخض والربى ، هي التي أخذها المخاض لتضع . والمخاض : الطلق عند الولادة . يقال : مخضت الشاة مخضا ومخاضا ومخاضا إذا دنا نتاجها . في حديث عثمان - رضي الله عنه - : أن امرأة زارت أهلها فمخضت عندهم ، أي تحرك الولد عندهم في بطنها للولادة فضربها المخاض . قال الجوهري : ابن مخاض نكرة ، فإذا أردت تعريفه أدخلت عليه الألف واللام ، إلا أنه تعريف جنس ، قال : ولا يقال في الجمع إلا بنات مخاض ، وبنات لبون ، وبنات آوى . ابن سيده : والمخاض الإبل حين يرسل فيها الفحل في أول الزمان حتى يهدر ، لا واحد لها ، قال : هكذا وجد حتى يهدر ، وفي بعض الروايات : حتى يفدر أي ينقطع عن الضراب ، وهو مثل بذلك . ومخض اللبن يمخضه ويمخضه ويمخضه مخضا ، ثلاث لغات ، فهو ممخوض ومخيض : أخذ زبده وقد تمخض . والمخيض والممخوض : الذي قد مخض وأخذ زبده . وأمخض اللبن أي حان له أن يمخض . والممخضة : الإبريج ، وأنشد ابن بري :


                                                          لقد تمخض في قلبي مودتها     كما تمخض في إبريجه اللبن

                                                          والممخض : السقاء ، وهو الإمخاض ، مثل به سيبويه وفسره السيرافي ، وقد يكون المخض في أشياء كثيرة ، فالبعير يمخض بشقشقته ، وأنشد :


                                                          يجمعن زأرا وهديرا مخضا



                                                          والسحاب يمخض بمائه ويتمخض ، والدهر يتمخض بالفتنة ، قال :


                                                          وما زالت الدنيا تخون نعيمها     وتصبح بالأمر العظيم تمخض

                                                          ويقال للدنيا : إنها تتمخض بفتنة منكرة . وتمخضت الليلة عن يوم سوء إذا كان صباحها صباح سوء ، وهو مثل بذلك ، وكذلك تمخضت المنون وغيرها ، قال :


                                                          تمخضت المنون له بيوم     أنى ، ولكل حاملة تمام

                                                          على أن هذا قد يكون من المخاض ، قال : ومعنى هذا البيت أن المنية تهيأت لأن تلد له الموت ، يعني النعمان بن المنذر أو كسرى . والإمخاض : ما اجتمع من اللبن في المرعى حتى صار وقر بعير ، ويجمع على الأماخيض . يقال : هذا إحلاب من لبن وإمخاض من لبن ، وهي الأحاليب والأماخيض ، وقيل : الإمخاض اللبن مادام في الممخض . والمستمخض : البطيء الروب من اللبن ، فإذا استمخض لم يكد يروب وإذا راب ثم مخضه فعاد مخضا فهو المستمخض ، وذلك أطيب ألبان الغنم . وقال في موضع آخر : وقد استمخض لبنك أي لا يكاد يروب ، وإذا استمخض اللبن لم يكد يخرج زبده ، وهو من أطيب اللبن لأن زبده استهلك فيه . واستمخض اللبن أيضا إذا أبطأ أخذه الطعم بعد حقنه في السقاء . الليث : المخض تحريكك الممخض الذي فيه اللبن المخيض الذي قد أخذت زبدته . وتمخض اللبن وامتخض أي تحرك في الممخضة ، وكذلك الولد إذا تحرك في بطن الحامل ، قال عمرو بن حسان أحد بني الحارث بن همام بن مرة يخاطب امرأته :


                                                          ألا يا أم عمرو ، لا تلومي     وابقي ; إنما ذا الناس هام
                                                          أجدك هل رأيت أبا قبيس     أطال حياته النعم الركام ؟
                                                          وكسرى ، إذ تقسمه بنوه     بأسياف ، كما اقتسم اللحام
                                                          تمخضت المنون له بيوم     أنى ولكل حاملة تمام

                                                          فجعل قوله تمخضت ينوب مناب قوله لقحت بولد ; لأنها ما تمخضت بالولد إلا وقد لقحت . وقوله أنى ، أي حان ولادته لتمام أيام الحمل . قال ابن بري : المشهور في الرواية : ألا يا أم قيس ، وهي زوجته ، وكان قد نزل به ضيف يقال له إساف فعقر له ناقة فلامته ، فقال هذا الشعر ، وقد رأيت أنا في حاشية من نسخ أمالي ابن بري أنه عقر له ناقتين ; بدليل قوله في القصيدة :


                                                          أفي نابين نالهما إساف     تأوه طلتي ما إن تنام ؟

                                                          ومخضت بالدلو إذا نهزت بها في البئر ، وأنشد :


                                                          إن لنا قليذما هموما     يزيدها مخض الدلا جموما

                                                          ويروى : مخج الدلا . ويقال : مخضت البئر بالدلو إذا أكثرت النزع منها بدلائك وحركتها ، وأنشد الأصمعي :


                                                          لتمخضن جوفك بالدلي



                                                          وفي الحديث : أنه مر عليه بجنازة تمخض مخضا أي تحرك تحريكا سريعا . والمخيض : موضع بقرب المدينة . ابن بزرج : تقول العرب في أدعية يتداعون بها : صب الله عليك أم حبين ماخضا ، تعني الليل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية