الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مدد

                                                          مدد : المد : الجذب والمطل . مده يمده مدا ومد به فامتد ومدده فتمدد ، وتمددناه بيننا : مددناه . وفلان يماد فلانا أي يماطله ويجاذبه . والتمدد : كتمدد السقاء ، وكذلك كل شيء تبقى فيه سعة المد . والمادة : الزيادة المتصلة . ومده في غيه أي أمهله وطول له . وماددت الرجل ممادة ومدادا : مددته ومدني ، هذه عن اللحياني . وقوله تعالى : ويمدهم في طغيانهم يعمهون ، معناه يمهلهم . وطغيانهم : غلوهم في كفرهم . وشيء مديد : ممدود . ورجل مديد الجسم : طويل ، وأصله في القيام ، سيبويه ، والجمع مدد جاء على الأصل لأنه لم يشبه الفعل ، والأنثى مديدة . وفي حديث عثمان : قال لبعض عماله : بلغني أنك تزوجت امرأة مديدة أي طويلة . ورجل مديد القامة : طويل القامة . وطراف ممدد أي ممدود بالأطناب وشدد للمبالغة . وتمدد الرجل أي تمطى . والمديد : ضرب من العروض سمي بذلك لامتداد أسبابه وأوتاده ، قال أبو إسحاق : سمي مديدا لأنه امتد سبباه فصار سبب في أوله وسبب بعد الوتد . وقوله تعالى : في عمد ممددة ، فسره ثعلب فقال : معناه في عمد طوال . ومد الحرف يمده مدا : طوله . وقال اللحياني : مد الله الأرض يمدها مدا بسطها وسواها . وفي التنزيل العزيز : وإذا الأرض مدت ، وفيه : والأرض مددناها ويقال : مددت الأرض مدا إذا زدت فيها ترابا أو سمادا من غيرها ليكون أعمر لها وأكثر ريعا لزرعها ، وكذلك الرمال ، والسماد مداد لها ، وقول الفرزدق :


                                                          رأت كمرا مثل الجلاميد فتحت أحاليلها ، لما اتمأدت جذورها

                                                          قيل في تفسيره : اتمأدت . قال ابن سيده : ولا أدري كيف هذا ، اللهم إلا أن يريد تمادت فسكن التاء واجتلب للساكن ألف الوصل ، كما قالوا : ادكر وادارأتم فيها ، وهمز الألف الزائدة كما همز بعضهم ألف دابة فقال دأبة . ومد بصره إلى الشيء : طمح به إليه . وفي التنزيل العزيز : ولا تمدن عينيك إلى ما وأمد له في الأجل : أنسأه فيه . ومده في الغي والضلال يمده مدا ومد له : أملى له وتركه . وفي التنزيل العزيز : ويمدهم في طغيانهم يعمهون أي يملي ويلجهم ، قال : وكذلك مد الله له في العذاب مدا . وفي التنزيل العزيز : ونمد له من العذاب مدا قال : وأمده في الغي لغة قليلة . وقوله تعالى : وإخوانهم يمدونهم في الغي قراءة أهل الكوفة والبصرة يمدونهم ، وقرأ أهل المدينة يمدونهم . والمد : كثرة الماء أيام المدود وجمعه مدود ، وقد مد الماء يمد مدا وامتد ومده غيره وأمده . قال ثعلب : كل شيء مده غيره ، فهو بألف ، يقال : مد البحر وامتد الحبل ، قال الليث : هكذا تقول العرب . الأصمعي : المد مد النهر . والمد : مد الحبل . والمد : أن يمد الرجل الرجل في غيه . ويقال : وادي كذا يمد في نهر كذا أي يزيد فيه . ويقال منه : قل ماء ركيتنا فمدتها ركية أخرى فهي تمدها مدا . والمد : السيل . يقال : مد النهر ومده نهر آخر ، قال العجاج :


                                                          سيل أتي مده أتي     غب سماء ، فهو رقراقي

                                                          ومد النهر النهر إذا جرى فيه . قال اللحياني : يقال لكل شيء دخل فيه مثله فكثره : مده يمده مدا . وفي التنزيل العزيز : والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ، أي يزيد فيه ماء من خلفه تجره إليه وتكثره . ومادة الشيء : ما يمده دخلت فيه الهاء للمبالغة . وفي حديث الحوض : ينبعث فيه ميزابان مدادهما أنهار الجنة أي يمدهما أنهارها . وفي الحديث : وأمدها خواصر أي أوسعها وأتمها . والمادة : كل شيء يكون مددا لغيره . ويقال : دع في الضرع مادة اللبن فالمتروك في الضرع هو الداعية ، وما اجتمع إليه فهو المادة والأعراب مادة الإسلام . وقال الفراء في قوله - عز وجل - : والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ، قال : تكون مدادا كالمداد الذي يكتب به . والشيء إذا مد الشيء ، فكان زيادة فيه ، فهو يمده تقول : دجلة تمد تيارنا وأنهارنا والله يمدنا بها . وتقول : قد أمددتك بألف فمد . ولا يقاس على هذا كل ما ورد . ومددنا القوم : صرنا لهم أنصارا ومددا وأمددناهم بغيرنا . وحكى اللحياني : أمد الأمير جنده بالخيل والرجال وأعانهم ، وأمدهم بمال كثير وأغاثهم . قال : وقال بعضهم : أعطاهم والأول أكثر . وفي التنزيل العزيز : وأمددناكم بأموال وبنين . والمدد : ما مدهم به أو أمدهم ، سيبويه ، والجمع أمداد ، قال : ولم يجاوزوا به هذا البناء . واستمده : طلب منه مددا . والمدد : العساكر التي تلحق بالمغازي في سبيل الله . والإمداد : أن يرسل الرجل للرجل مددا ، تقول : أمددنا فلانا بجيش . قال الله تعالى : هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف وقال في المال : أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين هكذا قرئ نمدهم ، بضم النون . وقال : وأمددناكم بأموال وبنين فالمدد ما أمددت به قومك في حرب أو غير ذلك من طعام أو أعوان . وفي حديث أويس : كان عمر - رضي الله عنه - إذا أتى أمداد أهل اليمن سألهم : أفيكم أويس بن عامر ؟ الأمداد : جمع مدد وهم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمدون المسلمين في الجهاد . وفي حديث عوف بن مالك : خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة ورافقني مددي من اليمن ، وهو منسوب إلى المدد . وقال يونس : ما كان من الخير فإنك تقول أمددته ، وما كان من الشر فهو مددت . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : هم أصل العرب ومادة الإسلام أي الذين يعينونهم [ ص: 38 ] ويكثرون جيوشهم ويتقوى بزكاة أموالهم . وكل ما أعنت به قوما في حرب أو غيره ، فهو مادة لهم . وفي حديث الرمي : منبله والممد به أي الذي يقوم عند الرامي فيناوله سهما بعد سهم ، أو يرد عليه النبل من الهدف . يقال : أمده يمده فهو ممد . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : قائل كلمة الزور والذي يمد بحبلها في الإثم سواء ، مثل قائلها بالمائح الذي يملأ الدلو في أسفل البئر وحاكيها بالماتح الذي يجذب الحبل على رأس البئر ويمده ، ولهذا يقال : الراوية أحد الكاذبين . والمداد : النقس . والمداد : الذي يكتب به وهو مما تقدم . قال شمر : كل شيء امتلأ وارتفع فقد مد وأمددته أنا . ومد النهار إذا ارتفع . ومد الدواة وأمدها : زاد في مائها ونقسها ومدها وأمدها : جعل فيها مدادا ، وكذلك مد القلم وأمده . واستمد من الدواة : أخذ منها مدادا والمد : الاستمداد منها ، وقيل : هو أن يستمد منها مدة واحدة ، قال ابن الأنباري : سمي المداد مدادا لإمداده الكاتب من قولهم أمددت الجيش بمدد ، قال الأخطل :


                                                          رأوا بارقات بالأكف كأنها     مصابيح سرج ، أوقدت بمداد

                                                          أي بزيت يمدها . وأمد الجرح يمد إمدادا : صارت فيه مدة وأمددت الرجل مدة . ويقال : مدني يا غلام مدة من الدواة وإن قلت : أمددني مدة كان جائزا وخرج على مجرى المدد بها والزيادة . والمدة أيضا : اسم ما استمددت به من المداد على القلم . والمدة بالفتح : الواحدة من قولك مددت الشيء . والمدة بالكسر : ما يجتمع في الجرح من القيح . وأمددت الرجل إذا أعطيته مدة بقلم ، وأمددت الجيش بمدد . والاستمداد : طلب المدد . قال أبو زيد : مددنا القوم أي صرنا مددا لهم وأمددناهم بغيرنا وأمددناهم بفاكهة . وأمد العرفج إذا جرى الماء في عوده . ومده مدادا وأمده : أعطاه ، وقول الشاعر :


                                                          نمد لهم بالماء من غير هونه     ولكن إذا ما ضاق أمر يوسع

                                                          يعني نزيد الماء لتكثر المرقة . ويقال : سبحان الله مداد السماوات ومداد كلماته ومددها أي مثل عددها وكثرتها ، وقيل : قدر ما يوازيها في الكثرة عيار كيل أو وزن أو عدد أو ما أشبهه من وجوه الحصر والتقدير ، قال ابن الأثير : وهذا تمثيل يراد به التقدير ; لأن الكلام لا يدخل في الكيل والوزن وإنما يدخل في العدد . والمداد : مصدر كالمدد . يقال : مددت الشيء مدا ومدادا وهو ما يكثر به ويزاد . وفي الحديث : " إن المؤذن يغفر له مد صوته " ، المد : القدر ، يريد به قدر الذنوب ، أي يغفر له ذلك إلى منتهى مد صوته وهو تمثيل لسعة المغفرة ، كالقول الآخر : " ولو لقيتني بقراب الأرض خطايا لقيتك بها مغفرة " ، ويروى مدى صوته ، وهو مذكور في موضعه . وبنوا بيوتهم على مداد واحد أي على طريقة واحدة . ويقال : جاء هذا على مداد واحد أي على مثال واحد ، وقال جندل :


                                                          لم أقو فيهن ولم أساند     على مداد وروي واحد

                                                          والأمدة والواحدة مداد : المساك في جانبي الثوب إذا ابتدئ بعمله . وأمد عود العرفج والصليان والطريفة : مطر فلان . والمدة : الغاية من الزمان والمكان . ويقال : لهذه الأمة مدة أي غاية في بقائها . ويقال : مد الله في عمرك أي جعل لعمرك مدة طويلة . ومد في عمره : نسئ . ومد النهار : ارتفاعه . يقال : جئتك مد النهار وفي مد النهار ، وكذلك مد الضحى ، يضعون المصدر في كل ذلك موضع الظرف . وامتد النهار : تنفس . وامتد بهم السير : طال . ومد في السير : مضى . والمديد : ما يخلط به سويق أو سمسم أو دقيق أو شعير جش ، قال ابن الأعرابي : هو الذي ليس بحار ثم يسقاه البعير والدابة أو يضفره ، وقيل : المديد العلف وقد مده به يمده مدا . أبو زيد : مددت الإبل أمدها مدا وهو أن تسقيها الماء بالبزر أو الدقيق أو السمسم . وقال في موضع آخر : المديد شعير يجش ثم يبل فيضفر البعير . ويقال : هناك قطعة من الأرض قدر مد البصر أي مدى البصر . ومددت الإبل وأمددتها بمعنى ، وهو أن تنثر لها على الماء شيئا من الدقيق ونحوه فتسقيها ، والاسم المديد . والمدان والإمدان : الماء الملح ، وقيل : الماء الملح الشديد الملوحة ، وقيل : مياه السباخ ، قال : وهو إفعلان ، بكسر الهمزة ، قال زيد الخيل ، وقيل هو لأبي الطمحان :


                                                          فأصبحن قد أقهين عني كما أبت     حياض الإمدان الظباء القوامح

                                                          والإمدان أيضا : النز . وقيل : هو الإمدان ، بتشديد الميم وتخفيف الدال . والمد : ضرب من المكاييل وهو ربع صاع ، وهو قدر مد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والصاع : خمسة أرطال ، قال :


                                                          لم يغذها مد ولا نصيف     ولا تميرات ولا تعجيف

                                                          والجمع أمداد ومدد ومداد كثيرة ومددة ، قال :


                                                          كأنما يبردن بالغبوق     كيل مداد ، من فحا مدقوق

                                                          الجوهري : المد ، بالضم ، مكيال ، وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز والشافعي ، ورطلان عند أهل العراق وأبي حنيفة ، والصاع أربعة أمداد . وفي حديث فضل الصحابة : " ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " ، والمد في الأصل : ربع صاع وإنما قدره به لأنه أقل ما كانوا يتصدقون به في العادة . قال ابن الأثير ويروى بفتح الميم وهو الغاية ، وقيل : إن أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعاما . ومدة من الزمان : برهة منه . وفي الحديث : المدة التي ماد فيها أبا سفيان ، المدة : طائفة من الزمان تقع على القليل والكثير ، وماد فيها أي أطالها ، وهي فاعل من المد ، وفي الحديث : " إن شاءوا ماددناهم " . ولعبة للصبيان تسمى : مداد قيس ، التهذيب : ومداد قيس لعبة لهم . التهذيب في ترجمة دمم : دمدم إذا عذب عذابا شديدا ، ومدمد إذا هرب . ومد : رجل من دارم ، قال خالد بن علقمة الدارمي يهجو خنشوش بن مد :


                                                          جزى الله خنشوش بن مد ملامة     إذا زين الفحشاء للناس موقها

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية