الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مرج

                                                          مرج : المرج : الفضاء ، وقيل : المرج أرض ذات كلإ ترعى فيها الدواب ، وفي التهذيب : أرض واسعة فيها نبت كثير تمرج فيها الدواب ، والجمع مروج ، قال الشاعر :


                                                          رعى بها مرج ربيع ممرجا



                                                          وفي الصحاح : المرج الموضع الذي ترعى فيه الدواب . ومرج الدابة يمرجها إذا أرسلها ترعى في المرج . وأمرجها : تركها تذهب حيث شاءت ، وقال القتيبي : مرج دابته خلاها ، وأمرجها : رعاها . وإبل مرج إذا كانت لا راعي لها وهي ترعى . ودابة مرج لا يثنى ولا يجمع ، وأنشد :


                                                          في ربرب مرج ذوات صياصي



                                                          وفي الحديث وذكر خيل المرابط فقال : طول لها في مرج ، المرج : الأرض الواسعة ذات نبات كثير تمرج فيها الدواب أي تخلى تسرح مختلطة حيث شاءت . والمرج ، بالتحريك : مصدر قولك مرج الخاتم في إصبعي ، وفي المحكم : في يدي ، مرجا أي قلق ومرج ، والكسر أعلى مثل جرج ، ومرج السهم كذلك . وأمرجه الدم إذا أقلقه حتى يسقط . وسهم مريج : قلق . والمريج : الملتوي الأعوج . ومرج الأمر مرجا ، فهو مارج ومريج : التبس واختلط . وفي التنزيل : فهم في أمر مريج ، يقول : في ضلال ، وقال أبو إسحاق : في أمر مختلف ملتبس عليهم ، يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم - مرة ساحر ، ومرة شاعر ، ومرة معلم مجنون ، وهذا الدليل على أن قوله مريج : ملتبس عليهم . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " كيف أنتم إذا مرج الدين فظهرت الرغبة ، واختلف الأخوان ، وحرق البيت العتيق ؟ " ، وفي حديث آخر : أنه قال لعبد الله : " كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس ، قد مرجت عهودهم وأماناتهم ؟ " أي اختلطت ، ومعنى قوله مرج الدين : اضطرب والتبس المخرج فيه ، وكذلك مرج العهود : اضطرابها وقلة الوفاء بها ، وأصل المرج القلق . وأمر مريج أي مختلط . وغصن [ ص: 47 ] مريج : ملتو مشتبك ، قد التبست شناغيبه ، قال الهذلي :


                                                          فجالت فالتمست به حشاها     فخر كأنه غصن مريج

                                                          وفي التهذيب : خوط مريج أي غصن له شعب قصار قد التبست . ومرج أمره يمرجه : ضيعه . ورجل ممراج : يمرج أموره ولا يحكمها . ومرج العهد والأمانة والدين : فسد ، قال أبو دواد :


                                                          مرج الدين ، فأعددت له     مشرف الحارك محبوك الكتد

                                                          وأمرج عهده : لم يف به . ومرج الناس : اختلطوا . ومرجت أمانات الناس : فسدت . ومرج الدين والأمر : اختلط واضطرب ، ومنه الهرج والمرج . ويقال : إنما يسكن المرج لأجل الهرج ازدواجا للكلام . والمرج : الفتنة المشكلة . والمرج : الفساد . وفي الحديث : كيف أنتم إذا مرج الدين ؟ أي فسد وقلقت أسبابه . والمرج الخلط . ومرج الله البحرين العذب والملح : خلطهما حتى التقيا . الفراء في قوله - عز وجل - : مرج البحرين يلتقيان ، يقول : أرسلهما ثم يلتقيان بعد ، وقيل : خلاهما ثم جعلهما لا يلتبس ذا بذا ، قال : وهو كلام لا يقوله إلا أهل تهامة ، وأما النحويون فيقولون أمرجته وأمرج دابته ، وقال الزجاج : مرج خلط يعني البحر الملح والبحر العذب ، ومعنى لا يبغيان أي لا يبغي الملح على العذب فيختلط . ابن الأعرابي : المرج الإجراء ، ومنه قوله تعالى مرج البحرين أي أجراهما ، قال الأخفش : ويقول قوم : أمرج البحرين مثل مرج البحرين ، فعل وأفعل ، بمعنى . والمارج : الخلط . والمارج : الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد . وقوله تعالى : وخلق الجان من مارج من نار ، قيل : معناه الخلط ، وقيل : معناه الشعلة ، كل ذلك من باب الكاهل والغارب ، وقيل : المارج اللهب المختلط بسواد النار ، الفراء : المارج هاهنا نار دون الحجاب منها هذه الصواعق وبرئ جلده منها ، أبو عبيد : من مارج من خلط من نار . الجوهري : مارج من نار ; نار لا دخان لها خلق منها الجان . وفي حديث عائشة : خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار ، مارج النار : لهبها المختلط بسوادها . ورجل مراج : يزيد في الحديث ، وقد مرج الكذب يمرجه مرجا . وأمرجت الناقة ، وهي ممرج إذا ألقت ولدها بعدما صار غرسا ودما ، وفي المحكم : إذا ألقت ماء الفحل بعدما يكون غرسا ودما ، وناقة ممراج إذا كان ذلك عادتها . ومرج الرجل المرأة مرجا : نكحها . روى ذلك أبو العلاء يرفعه إلى قطرب ، والمعروف هرجها يهرجها . والمرجان : اللؤلؤ الصغار أو نحوه ، واحدته مرجانة ، قال الأزهري : لا أدري أرباعي هو أم ثلاثي ، وأورده في رباعي الجيم ، وقال بعضهم : المرجان البسذ ، وهو جوهر أحمر ، قال ابن بري : والذي عليه الجمهور أنه صغار اللؤلؤ ، كما ذكره الجوهري ، والدليل على صحة ذلك قول امرئ القيس بن حجر :


                                                          أذود القوافي عني ذيادا     ذياد غلام جري جيادا
                                                          فأعزل مرجانها جانبا     وآخذ من درها المستجادا

                                                          ويقال : إن هذا الشعر لامرئ القيس بن حجر المعروف بالذائد . وقال أبو حنيفة : المرجان بقلة ربعية ترتفع قيس الذراع ، لها أغصان حمر وورق مدور عريض كثيف جدا رطب رو ، وهي ملبنة ، والواحد كالواحد . ومرج الخطباء : موضع بخراسان . ومرج راهط بالشام ، ومنه يوم المرج لمروان بن الحكم على الضحاك بن قيس الفهري . ومرج القلعة ، بفتح اللام : منزل بالبادية . ومرجة والأمراج : موضعان ، قال السليك بن السلكة :


                                                          وأذعر كلابا يقود كلابه     ومرجة لما اقتبسها بمقنب

                                                          وقال أبو العيال الهذلي :


                                                          إنا لقينا بعدكم بديارنا ، من جانب الأمراج يوما يسأل أراد يسأل عنه

                                                          .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية