الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8880 ) مسألة : قال : ( وإذا قتلت أم الولد سيدها ، فعليها قيمة نفسها ) وجملته أن أم الولد إذا قتلت سيدها ، عتقت ; لأنها لا يمكن نقل الملك فيها ، وقد زال ملك سيدها بقتله ، فصارت حرة ، كما لو قتله غيرها ، وعليها قيمة نفسها ، إن لم يجب القصاص عليها . وهذا قول أبي يوسف وقال الشافعي : عليها الدية ; لأنها تصير حرة . ولذلك لزمها موجب جنايتها ، والواجب على الحر بقتل الحر دية .

                                                                                                                                            ولنا ، أنها جناية من أم ولد ، فلم يجب بها أكثر من قيمتها ، كما لو جنت على أجنبي ، ولأن اعتبار الجناية في حق الجاني بحال الجناية ، بدليل ما لو جنى على عبد فأعتقه سيده ، وهي في حال الجناية أمة ، فإنها إنما عتقت بالموت الحاصل بالجناية ، فيكون عليها فداء نفسها بقيمتها ، كما يفديها سيدها إذا قتلت غيره ، ولأنها ناقصة بالرق ، أشبهت القن ، وتفارق الحر ; فإنه جنى وهو كامل ، وإنما تعلق موجب الجناية بها ; لأنها فوتت رقها بقتلها لسيدها ، فأشبه ما لو فوت المكاتب الجاني رقه بأدائه .

                                                                                                                                            وأما إن قتلت سيدها عمدا ، ولم يكن لها منه ولد ، فعليها القصاص لورثة سيدها ، وإن كان له منها ولد وهو الوارث وحده ، فلا قصاص عليها ; لأنها لو وجب ، لوجب لولدها ، ولا يجب للولد على أمه قصاص ، وقد توقف أحمد رضي الله عنه عن هذه المسألة ، في رواية مهنا ، وقال : دعنا من هذه المسائل . وقياس مذهبه ما ذكرناه . وإن كان لها منه ولد ، وله أولاد من غيرها ، لم يجب القصاص أيضا ; لأن حق ولدها من القصاص يسقط ، فيسقط كله . وقد نقل مهنا عن أحمد رضي الله عنه أنه يقتلها أولاده من غيرها . وهذه الرواية تخالف أصول مذهبه . والصحيح أنه لا قصاص عليها ، ويجب عليها فداء نفسها بقيمتها ، كما لو عفا بعض مستحقي القصاص عن حقه منه ، والله أعلم . والحمد لله وحده . وصلى الله على محمد

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية