الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مصص

                                                          مصص : مصصت الشيء ، بالكسر ، أمصه مصا وامتصصته . والتمصص المص في مهلة ، وتمصصته : ترشفته منه . والمصاص والمصاصة : ما تمصصت منه . ومصصت الرمان أمصه ومصصت [ ص: 85 ] من ذلك الأمر ، مثله ، قال الأزهري : ومن العرب من يقول مصصت الرمان أمص ، والفصيح الجيد : مصصت ، بالكسر ، أمص وأمصصته الشيء فمصه . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : أنه مص منها أي نال القليل من الدنيا . يقال : مصصت ، بالكسر ، أمص مصا . والمصوص من النساء : التي تمتص رحمها الماء . والممصوصة : المهزولة من داء يخامرها كأنها مصت . والمصان : الحجام ؛ لأنه يمص ، قال زياد الأعجم يهجو خالد بن عتاب ابن ورقاء :


                                                          فإن تكن الموسى جرت فوق بظرها فما ختنت إلا ومصان قاعد

                                                          والأنثى مصانة . ومصان ومصانة : شتم للرجل يعير برضع الغنم من أخلافها بفيه ، وقال أبو عبيد : يقال رجل مصان وملجان ومكان كل هذا من المص ، يعنون أنه يرضع الغنم من اللؤم لا يحتلبها فيسمع صوت الحلب ؛ لهذا قيل : لئيم راضع . وقال ابن السكيت : قل يا مصان ، وللأنثى يا مصانة ، ولا تقل يا ماصان . ويقال : أمص فلان فلانا : إذا شتمه بالمصان . وفي حديث مرفوع : " لا تحرم المصة ولا المصتان ، ولا الرضعة ولا الرضعتان ، ولا الإملاجة ولا الإملاجتان " . والمصاص : خالص كل شيء . وفي حديث علي : شهادة ممتحنا إخلاصها معتقدا مصاصها ، المصاص : خالص كل شيء . ومصاص الشيء ومصاصته ومصامصه : أخلصه ، قال أبو داود :


                                                          بمجوف بلقا وأع     لى لونه ورد مصامص

                                                          وفلان مصاص قومه ومصاصتهم أي أخلصهم نسبا ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث ، قال الشاعر :


                                                          أولاك يحمون المصاص المحضا

                                                          .

                                                          وأنشد ابن بري لحسان :


                                                          طويل النجاد ، رفيع العماد     مصاص النجار من الخزرج

                                                          ومصاص الشيء : سره ومنبته . الليث : مصاص القوم أصل منبتهم وأفضل سطتهم . ومصمص الإناء والثوب : غسلهما ، ومصمص فاه ومضمضه بمعنى واحد ، وقيل : الفرق بينهما أن المصمصة بطرف اللسان وهو دون المضمضة والمضمضة بالفم كله ، وهذا شبيه بالفرق بين القبصة والقبضة . وفي حديث أبي قلابة : أمرنا أن نمصمص من اللبن ولا نمضمض ، هو من ذلك . ومصمص إناءه : غسله كمضمضه ، عن يعقوب . الأصمعي : يقال مصمص إناءه ومضمضه : إذا جعل فيه الماء وحركه ليغسله . وروى بعضهم عن بعض التابعين قال : كنا نتوضأ مما غيرت النار ، ونمصمص من اللبن ولا نمصمص من التمر . وفي حديث مرفوع : القتل في سبيل الله ممصمصة ، المعنى أن الشهادة في سبيل الله مطهرة الشهيد من ذنوبه ماحية خطاياه ، كما يمصمص الإناء الماء إذا رقرق الماء فيه وحرك حتى يطهر ، وأصله من الموص وهو الغسل . قال أبو منصور : والذي عندي في ذكر الشهيد : فتلك ممصمصة ، أي مطهرة غاسلة ، وقد تكرر العرب الحرف وأصله معتل ، ومنه : نخنخ بعيره ، وأصله من الإناخة ، وتعظعظ ، أصله من الوعظ ، وخضخضت الإناء وأصله من الخوض ، وإنما أنثها والقتل مذكر ؛ لأنه أراد معنى الشهادة أو أراد خصلة ممصمصة فأقام الصفة مقام الموصوف . أبو سعيد : المصمصة أن تصب الماء في الإناء ثم تحركه من غير أن تغسله بيدك خضخضة ثم تهريقه . قال أبو عبيدة : إذا أخرج لسانه وحركه بيده فقد نصنصه ومصمصه . والماصة : داء يأخذ الصبي وهي شعرات تنبت منثنية على سناسن القفا فلا ينجع فيه طعام ولا شراب حتى تنتف من أصولها . ورجل مصاص : شديد ، وقيل : هو الممتلئ الخلق الأملس وليس بالشجاع ، والمصاص : شجر على نبتة الكولان ينبت في الرمل ، واحدته مصاصة . وقال أبو حنيفة : المصاص : نبات ينبت خيطانا دقاقا ، غير أن لها لينا ومتانة ربما خرز بها فتؤخذ فتدق على الفرازيم حتى تلين ، وقال مرة : هو يبيس الثداء . الأزهري : المصاص نبت له قشور كثيرة يابسة ، ويقال له المصاخ وهو الثداء ، وهو ثقوب جيد وأهل هراة يسمونه دليزاد ، وفي الصحاح : المصاص نبات ولم يحله . قال ابن بري : المصاص نبت يعظم حتى تفتل من لحائه الأرشية ، ويقال له أيضا الثداء ، قال الراجز :


                                                          أودى بليلى كل تياز شول     صاحب علقى ومصاص وعبل

                                                          والتياز : الرجل القصير الملزز الخلق . والشول : الخفيف في العمل والخدمة مثل الشلشل . والنشوص : الناقة العظيمة السنام ، والمصوص : القمئة . ابن الأعرابي : المصوص : الناقة القمئة . أبو زيد : المصوصة من النساء : المهزولة من داء قد خامرها ؛ رواه ابن السكيت عنه . أبو عبيد : من الخيل الورد المصامص وهو الذي يستقري سراته جدة سوداء ليست بحالكة ، ولونها لون السواد وهو ورد الجنبين وصفقتي العنق والجران والمراق ويعلو أوظفته سواد ليس بحالك ، والأنثى مصامصة ، وقال غيره : كميت مصامص أي خالص الكمتة . قال : والمصامص : الخالص من كل شيء . وإنه لمصامص في قومه : إذا كان زاكي الحسب خالصا فيهم . وفرس ورد مصامص : إذا كان خالصا في ذلك . الليث : فرس مصامص : شديد تركيب العظام والمفاصل ، وكذلك المصمص ، وقول أبي داود :

                                                          ولقد ذعرت بنات عم م المرشفات لها بصابص يمشي ، كمشي نعامتي ن تتابعان أشق شاخص بمجوف بلقا ، وأع لى لونه ورد مصامص أراد : ذعرت البقر فلم يستقم له فجعلها بنات عم الظباء ، وهي المرشفات من الظباء التي تمد أعناقها وتنظر ، والبقر قصار الأعناق لا تكون مرشفات ، والظباء بنات عم البقر غير أن البقر لا تكون مرشفات لها بصابص أي تحرك أذنابها ، ومنه المثل :

                                                          بصبصن ، إذ حدين ، بالأذناب وقوله يمشي كمشي نعامتين أراد أنه إذا مشى اضطرب فارتفعت عجزه مرة وعنقه مرة ، وكذلك النعامتان إذا تتابعتا . والمجوف : الذي بلغ البلق بطنه ، وأنشد شمر لابن مقبل يصف فرسا : [ ص: 86 ]


                                                          مصامص ما ذاق يوما قتا     ولا شعيرا نخرا مرفتا
                                                          ضمر الصفاقين ممرا كفتا

                                                          قال : الكفت ليس بمثجل ، ولا ذي خواصر . والمصوص ، بفتح الميم : طعام والعامة تضمه . وفي حديث علي - عليه السلام - : أنه كان يأكل مصوصا بخل خمر ؛ هو لحم ينقع في الخل ويطبخ ، قال : ويحتمل فتح الميم ويكون فعولا من المص . ابن بري : والمصان ، بضم الميم ، قصب السكر ، عن ابن خالويه ، ويقال له أيضا : المصاب والمصوب . والمصيصة : ثغر من ثغور الروم معروفة ، بتشديد الصاد الأولى . الجوهري : ومصيصة بلد بالشام ولا تقل مصيصة ، بالتشديد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية