الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          مصع

                                                          مصع : المصع : التحريك ، وقيل : هو عدو شديد يحرك فيه الذنب . ومر يمصع أي يسرع مثل يمزع ، وأنشد أبو عمرو :


                                                          يمصع في قطعة طيلسان مصعا كمصع ذكر الورلان

                                                          ومصعت الدابة بذنبها مصعا : حركته من غير عدو ، والدابة تمصع بذنبها ، قال رؤبة :


                                                          إذا بدا منهن إنقاض النقق     
                                                          بصبصن واقشعررن من خوف الرهق


                                                              يمصعن بالأذناب من لوح وبق

                                                          اللوح : العطش ، والإنقاض : الصوت ، والنقق : الضفادع : جمع نقوق ، وكان حقه نقق ففتح لتوالي الضمتين . وفي حديث زيد بن ثابت : والفتنة قد مصعتهم ، أي عركتهم ونالت منهم ، هو من المصع الذي هو الحركة والضرب . والمماصعة والمصاع : المجالدة والمضاربة . وفي حديث عبيد بن عمير في الموقوذة : إذا مصعت بذنبها أي حركته وضربت به . وفي حديث دم الحيض : فمصعته بظفرها أي حركته وفركته . ومصع الفرس يمصع مصعا : مر مرا خفيفا . ومصع البعير يمصع مصعا : أسرع . ومصع الرجل في الأرض يمصع مصعا وامتصع : إذا ذهب فيها ، قال الأغلب العجلي :


                                                          وهن يمصعن امتصاع الأظب     متسقات كاتساق الجنب

                                                          .

                                                          ومصع لبن الناقة - منه - يمصع مصوعا ، الآتي والمصدر جميعا عن اللحياني : ذهب فهي ماصعة الدر ، وكل شيء ولى وقد ذهب فقد مصع . وأمصع الرجل إذا ذهب لبن إبله . وأمصع القوم : مصعت ألبان إبلهم ومصعت إبلهم : ذهبت ألبانها واستعاره بعضهم للماء فقال ، أنشده اللحياني :


                                                          أصبح حوضاك ، لمن يراهما     مسملين ماصعا قراهما

                                                          .

                                                          ومصع البرد أي ذهب . ومصعت ضرع الناقة : إذا ضربته بالماء البارد . والمصع : القلة . ومصع الحوض بماء قليل : بله ونضحه . ومصع الحوض : إذا نشف ماؤه . ومصع ماء الحوض : إذا نشفه الحوض . ومصعت الناقة هزالا ، قال : وكل مول ماصع . والمصع : السوق . ومصعه بالسوط : ضربه ضربات قليلة ثلاثا أو أربعا . والمصع : الضرب بالسيف ورجل مصع ، وأنشد :


                                                          رب هيضل مصع لففت بهيضل

                                                          والمماصعة : المقاتلة والمجالدة بالسيوف ، وأنشد القطامي :

                                                          تراهم يغمزون من استركوا     ويجتنبون من صدق المصاعا

                                                          وفي حديث ثقيف : تركوا المصاع ؛ أي الجلاد والضراب . وماصع قرنه مماصعة ومصاعا : جالده بالسيف ونحوه ، وأنشد سيبويه للزبرقان :


                                                          يهدي الخميس نجادا في مطالعها     إما المصاع ، وإما ضربة رعب

                                                          وأنشد الأصمعي يصف الجواري :


                                                          إذا هن نازلن أقرانهن     وكان المصاع في الجؤن

                                                          يعني قتال النساء الرجال بما عليهن من الطيب والزينة . ورجل مصع : مقاتل بالسيف ، قال :


                                                          ووراء الثأر مني ابن أخت     مصع ، عقدته ما تحل

                                                          والمصع : الغلام الذي يلعب بالمخراق . ومصع البرق أي أومض . قال [ ص: 87 ] ابن الأعرابي وسئل أعرابي عن البرق فقال : مصعة ملك أي يضرب السحابة ضربة فتري النيران . وفي حديث مجاهد : البرق مصع ملك يسوق السحاب أي يضرب السحاب ضربة فترى البرق يلمع ، وقيل : معناه في اللغة التحريك والضرب فكأن السوط يقع به للسحاب وتحريك له . والماصع : البراق ، وقيل المتغير ، ومنه قول ابن مقبل :


                                                          فأفرغن من ماصع لونه     على قلص ينتهبن السجالا

                                                          هكذا رواه أبو عبيد ، والرواية : فأفرغت من ماصع ؛ لأن قبله :


                                                          فأوردتها منهلا آجنا     نعاجل حلا به وارتحالا

                                                          ويروى : نعالج ، قوله فأفرغت من ماصع لونه أي سقيتها من ماء خالص أبيض له لمعان كلمع البرق من صفائه ، والسجال : جمع سجل للدلو . وقال الأزهري في ترجمة نصع عند ذكر هذا البيت : وقد قال ذو الرمة ماصع فجعله ماء قليلا . وقال شمر : ماصع يريد ناصع ، صير النون ميما ، قال الأزهري : وقد قال ابن مقبل في شعر له آخر فجعل الماصع كدرا فقال :


                                                          عبت بمشفرها وفضل زمامها     في فضلة من ماصع متكدر

                                                          والمصع الشيخ الزحار . قال الأزهري : ومن هذا قولهم قبحه الله وأما مصعت به ! وهو أن تلقي المرأة ولدها بزحرة واحدة وترميه . ومصع بالشيء : رمى به . ومصع الطائر بذرقه مصعا : رمى . وقال الأصمعي : يقال مصعت الأم بولدها وأمصعت به ، بالألف ، وأخفدت به وحطأت به وزكبت به . ومصع بسلحه مصعا : رمى به من فرق أو عجلة ، وقيل كل ما رمي به فقد مصع به مصعا ، وقوله أنشده ثعلب ولم يفسره :


                                                          ترى أثر الحيات فيها ، كأنها     مماصع ولدان بقضبان إسحل

                                                          قال ابن سيده : وعندي أنها المرامي أو الملاعب أو ما أشبه ذلك . والمصوع : الفروق . والمصع والمصع : حمل العوسج وثمره ، وهو أحمر يؤكل . الواحدة مصعة ومصعة ، يقال : هو أحمر كال مصعة يعني ثمرة العوسج ، ومنه ضرب أسود لا يؤكل على أردأ العوسج وأخبثه شوكا ، قال ابن بري : شاهد المصع قول الضبي :


                                                          أكان كري وإقدامي بفي جرذ     بين العواسج ، أحنى حوله المصع

                                                          ؟ والمصعة والمصعة مثال الهمزة : طائر صغير أخضر يأخذه الفخ ؛ الأخيرة عن كراع ، ويروى قول الشماخ يصف نبعة :


                                                          فمظعها شهرين ماء لحائها     وينظر فيها أيها هو غامز

                                                          بالصاد غير معجمة ، يقول : ترك عليها قشرها حتى جف عليها ليطها ، وأيها منصوب ب غامز ، والصحيح في الرواية فمظعها أي شربها ماء لحائها ، وهو فعل متعد إلى مفعولين كشرب . وفي نوادر الأعراب : يقال أنصعت له بالحق وأمصعت وعجرت وعنقت إذا أقر به وأعطاه عفوا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية