الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ترع ]

                                                          ترع : ترع الشيء ، بالكسر ، ترعا وهو ترع وترع : امتلأ . وحوض ترع ، بالتحريك ، ومترع أي : مملوء . وكوز ترع أي : ممتلئ ، وجفنة مترعة ، وأترعه هو ، قال العجاج :


                                                          وافترش الأرض بسيل أترعا .



                                                          وهذا البيت أورده الجوهري : بسير أترعا ، قال ابن بري : هو لرؤبة ، قال : والذي في شعره بسيل باللام ، وبعده :


                                                          يملأ أجواف البلاد المهيعا .



                                                          قال : وأترع فعل ماض . قال : ووصف بني تميم وأنهم افترشوا الأرض بعدد كالسيل كثرة ، ومنه سيل أترع وسيل تراع أي : يملأ الوادي ، وقيل : لا يقال : ترع الإناء ولكن أترع . الليث : الترع امتلاء الشيء ، وقد أترعت الإناء ولم أسمع ترع الإناء ، وسحاب ترع : كثير المطر ، قال أبو وجزة :


                                                          كأنما طرقت ليلى معهدة     من الرياض ، ولاها عارض ترع .



                                                          وترع الرجل ترعا ، فهو ترع : اقتحم الأمور مرحا ونشاطا ، ورجل ترع : فيه عجلة ، وقيل : هو المستعد للشر والغضب السريع إليهما ، قال ابن أحمر :


                                                          الخزرجي الهجان الفرع لا ترع     ضيق المجم ، ولا جاف ، ولا تفل .



                                                          وقد ترع ترعا . والترع : السفيه السريع إلى الشر . والترعة من النساء : الفاحشة الخفيفة . وتترع إلى الشيء : تسرع . وتترع إلينا بالشر : تسرع . والمتترع : الشرير المسارع إلى ما لا ينبغي له ، قال الشاعر :


                                                          الباغي الحرب يسعى نحوها ترعا     حتى إذا ذاق منها حاميا بردا .



                                                          الكسائي : هو ترع عتل . وقد ترع ترعا وعتل عتلا إذا كان سريعا إلى الشر . وروى الأزهري عن الكلابيين : فلان ذو مترعة إذا كان لا يغضب ولا يعجل ، قال : وهذا ضد الترع . وفي حديث ابن المنتفق : فأخذت بخطام راحلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما ترعني ، الترع : الإسراع إلى الشيء ، أي : ما أسرع إلي في النهي ، وقيل : ترعه عن وجهه ثناه [ ص: 222 ] وصرفه . والترعة : الدرجة ، وقيل : الروضة على المكان المرتفع خاصة ، فإذا كانت في المكان المطمئن فهي روضة ، وقيل : الترعة المتن المرتفع من الأرض ، قال ثعلب : هو مأخوذ من الإناء المترع ، قال : ولا يعجبني . وقال أبو زياد الكلابي : أحسن ما تكون الروضة على المكان فيه غلظ وارتفاع ، وأنشد قول الأعشى :


                                                          ما روضة من رياض الحزن معشبة     خضراء ، جاد عليها مسبل هطل .



                                                          فأما قول ابن مقبل :


                                                          هاجوا الرحيل ، وقالوا : إن مشربكم     ماء الزنانير من ماوية الترع .



                                                          فهو جمع الترعة من الأرض ، وهو على بدل من قوله : ماء الزنانير كأنه قال : غدران ماء الزنانير ، وهي موضع . ورواه ابن الأعرابي : الترع ، وزعم أنه أراد المملوءة فهو على هذا صفة لماوية ، وهذا القول ليس بقوي لأنا لم نسمعهم قالوا : آنية ترع . والترعة : الباب . وحديث سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن منبري هذا على ترعة من ترع الجنة " ، قيل فيه : الترعة الباب كأنه قال : منبري على باب من أبواب الجنة ، قال ذلك سهل بن سعد الساعدي وهو الذي روى الحديث ، قال أبو عبيد : وهو الوجه ، وقيل : الترعة المرقاة من المنبر ، قال القتيبي : معناه أن الصلاة والذكر في هذا الموضع يؤديان إلى الجنة فكأنه قطعة منها ، وكذلك قوله في الحديث الآخر : " ارتعوا في رياض الجنة " أي : مجالس الذكر ، وحديث ابن مسعود : " من أراد أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ آل حم " وهذا المعنى من الاستعارة في الحديث كثير ، كقوله : " عائد المريض في مخارف الجنة " " والجنة تحت بارقة السيوف " " وتحت أقدام الأمهات " أي : أن هذه الأشياء تؤدي إلى الجنة ، وقيل : الترعة في الحديث الدرجة ، وقيل : الروضة . وفي الحديث أيضا : " إن قدمي على ترعة من ترع الحوض " ولم يفسره ، أبو عبيد . أبو عمرو : الترعة مقام الشاربة من الحوض . وقال الأزهري : ترعة الحوض مفتح الماء إليه ، ومنه يقال : أترعت الحوض إتراعا إذا ملأته ، وأترعت الإناء ، فهو مترع . والتراع : البواب ، عن ثعلب ، قال هدبة بن الخشرم :


                                                          يخيرني تراعه بين حلقة     أزوم ، إذا عضت ، وكبل مضبب .



                                                          قال ابن بري : والذي في شعره يخيرني حداده . وروى الأزهري عن حماد بن سلمة أنه قال : قرأت في مصحف أبي بن كعب : ( وترعت الأبواب ) قال : هو في معنى غلقت الأبواب . والترعة : فم الجدول ينفجر من النهر ، والجمع كالجمع . وفي الصحاح : والترعة أفواه الجداول ، قال ابن بري : صوابه والترع جمع ترعة أفواه الجداول . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال وهو على المنبر : " إن قدمي على ترعة من ترع الجنة " ، وقال : " إن عبدا من عباد الله خيره ربه بين أن يعيش في الدنيا ما شاء وبين أن يأكل في الدنيا ما شاء وبين لقائه فاختار العبد لقاء ربه " ، قال : فبكى أبو بكر - رضي الله عنه - حين قالها وقال : بل نفديك يا رسول الله بآبائنا . قال أبو القاسم الزجاجي : والرواية متصلة من غير وجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذا في مرضه الذي مات فيه ، نعى نفسه - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه . والترعة : مسيل الماء إلى الروضة ، والجمع من كل ذلك ترع . والترعة : شجرة صغيرة تنبت مع البقل وتيبس معه هي أحب الشجر إلى الحمير . وسير أترع : شديد . والترياع ، بكسر التاء وإسكان الراء : موضع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية