الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب

                                                                                                                2991 حدثني محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا حفص وهو ابن غياث عن سليمان التيمي عن أنس بن مالك قال عطس عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلان فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر فقال الذي لم يشمته عطس فلان فشمته وعطست أنا فلم تشمتني قال إن هذا حمد الله وإنك لم تحمد الله وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو خالد يعني الأحمر عن سليمان التيمي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله [ ص: 413 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 413 ] باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب

                                                                                                                يقال : شمت بالشين المعجمة والمهملة ، لغتان مشهورتان ، المعجمة أفصح . قال ثعلب : معناه بالمعجمة أبعد الله عنك الشماتة ، وبالمهملة هو من السمت وهو القصد والهدى ، وقد سبق بيان التشميت وأحكامه في كتاب السلام ومواضع ، واجتمعت الأمة على أنه مشروع .

                                                                                                                ثم اختلفوا في إيجابه ، فأوجبه أهل الظاهر ، وابن مريم من المالكية على كل من سمعه لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته قال القاضي : والمشهور من مذهب مالك أنه فرض كفاية . قال : وبه قال جماعة من العلماء كرد السلام . ومذهب الشافعي وأصحابه وآخرين أنه سنة وأدب ، وليس بواجب ، ويحملون الحديث عن الندب والأدب كقوله صلى الله عليه وسلم : حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام قال القاضي : واختلف العلماء في كيفية الحمد والرد ، واختلفت فيه الآثار ، فقيل : يقول : الحمد لله . وقيل : الحمد لله رب العالمين ، وقيل : الحمد لله على كل حال ، وقال ابن جرير : هو مخير بين هذا كله ، وهذا هو الصحيح وأجمعوا على أنه مأمور بالحمد لله .

                                                                                                                وأما لفظ ( التشميت ) فقيل : يقول : يرحمك الله ، وقيل ، يقول : الحمد لله يرحمك الله ، وقيل : يقول : يرحمنا الله وإياكم . قال : واختلفوا في رد العاطس على المشمت ، فقيل : يقول : يهديكم الله ويصلح بالكم ، وقيل : يقول : يغفر الله لنا ولكم ، وقال مالك والشافعي : يخير بين هذين ، وهذا هو الصواب ، وقد صحت الأحاديث بهما . قال : ولو تكرر العطاس قال مالك : يشمته ثلاثا ثم يسكت .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه ، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه ) هذا تصريح [ ص: 414 ] بالأمر بالتشميت إذا حمد العاطس ، وتصريح بالنهي عن تشميته إذا لم يحمده ، فيكره تشميته إذا لم يحمد ، فلو حمد ولم يسمعه الإنسان لم يشمته . وقال مالك : لا يشمته حتى يسمع حمده . قال : فإن رأيت من يليه شمته فشمته . قال القاضي : قال بعض شيوخنا : وإنما أمر العاطس بالحمد لما حصل له من المنفعة بخروج ما اختنق في دماغه من الأبخرة .




                                                                                                                الخدمات العلمية