الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              240- سلمة بن دينار

              ومنهم ذو الهم العازم ، والخوف اللازم ، سلمة بن دينار أبو حازم ، كان للغوامض فاتقا ، وللعوارض رامقا ، وبمعبوده عمن سواه واثقا .

              وقيل : إن التصوف وثوق بالمعبود ، ومروق عن الصدود .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا أبو موسى الأنصاري ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، قال : ما رأيت أحدا الحكمة أقرب إلى فيه من أبي حازم .

              حدثنا أحمد بن محمد بن سنان ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا حاتم بن الليث ، [ ص: 230 ] ثنا سعيد بن منصور ، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، قال : سمعت عون بن عبد الله ، يقول : ما رأيت أحدا يفرفر الدنيا فرفرة هذا الأعرج ، يعني أبا حازم .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، أنه قال : يسير الدنيا يشغل عن كثير الآخرة ، فإنك تجد الرجل يشغل نفسه بهم غيره ، حتى لهو أشد اهتماما من صاحب الهم بهم نفسه .

              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، ثنا محمد بن بشير ، ثنا عبد الرحمن بن جرير ، قال : سمعت أبا حازم يقول : عند تصحيح الضمائر تغفر الكبائر ، وإذا عزم العبد على ترك الآثام أمه الفتوح .

              حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، حدثني أبي ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، ثنا إسحاق بن حاتم المدائني ، ثنا محمد بن كثير ، ثنا بعض أهل الحجاز ، قال : قال أبو حازم : كل نعمة لا تقرب من الله عز وجل فهي بلية .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن عبد الله بن رسته ، ثنا أبو معمر القطيعي ، ثنا سفيان ، قال : قال أبو حازم : ينبغي للمؤمن أن يكون أشد حفظا للسانه منه لموضع قدميه .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا أبو حاتم ، ثنا الوليد بن الزبير الحضرمي ، حدثني بقية ، حدثني عبد الرحمن بن معن ، عن أبي حازم ، قال : يا بني لا تقتد بمن لا يخاف الله بظهر الغيب ، ولا يعف عن العيب ، ولا يصلح عند الشيب .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن روح ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، عن يعقوب بن عيسى الزهري ، حدثني إسماعيل بن داود ، قال : سمعت أبا حازم يقول : لو نادى مناد من السماء بأمن أهل الأرض من دخول النار ، لحق عليهم الوجل من حضور ذلك الموقف ومعاينة ذلك اليوم .

              حدثنا إسحاق بن أحمد بن علي ، ثنا إبراهيم بن يوسف بن خالد ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، ثنا مروان بن محمد ، قال : قال أبو حازم الأعرج : يا أعرج ينادى يوم القيامة يا أهل خطيئة كذا [ ص: 231 ] وكذا فتقوم معهم ، ثم ينادى يا أهل خطيئة أخرى فيقوم معهم ، فأراك يا أعرج تريد أن تقوم مع أهل كل خطيئة .

              حدثنا أبو حامد محمد بن أحمد الغطريفي ، ثنا أبو بكر بن خزيمة ، أخبرني ابن عبد الحكم أن ابن وهب أخبرهم ، قال : أخبرني حفص بن عمر ، عن سعيد بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، قال : إنه ليس من يوم تطلع فيه الشمس إلا وهو يغدو على ابن آدم فيه علمه وهواه ، ثم يتغالبان في صدره تغالب الزائدين ، فيوم يغلب علمه هواه فيوم غنم غنمه ، ويوم يغلب هواه علمه فيوم جرم جرمه ، قال : فإنك لتجد من عباد الله من يفتح علمه هواه كما يفتح إحدى الزائدين لصاحبتها التي تغضب للتي تحب .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا محمد بن محمد بن زيد ، ثنا عبد الرحمن بن يونس ، قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول : قال أبو حازم : قاتل هواك أشد مما تقاتل عدوك .

              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد الأموي ، ثنا محمد بن يحيى بن أبي حاتم ، حدثني محمد بن هانئ ، عن بعض أصحابه ، قال : قال رجل لأبي حازم : إنك متشدد ، فقال أبو حازم : وما لي لا أتشدد وقد ترصدني أربعة عشر عدوا ، أما أربعة : فشيطان يفتنني ، ومؤمن يحسدني ، وكافر يقتلني ، ومنافق يبغضني ، وأما العشرة فمنها : الجوع ، والعطش ، والحر ، والبرد ، والعري ، والهرم ، والمرض ، والفقر ، والموت ، والنار ، ولا أطيقهن إلا بسلاح تام ، ولا أجد لهن سلاحا أفضل من التقوى .

              حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري ، ثنا عبد الله بن محمد العطشي ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، ثنا يحيى بن أيوب ، ثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، قال : سمعت أبا حازم يقول : إن الشيطان إذا استمكن من عصمة امرئ لم يبال ما صنع ، ولو صلى حتى يسقط لحم وجهه ، ولم يكره فيما سوى ذلك .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا [ ص: 232 ] سفيان ، قال : قيل لأبي حازم : يا أبا حازم ما مالك ؟ قال : ثقتي بالله تعالى وإياسي مما في أيدي الناس .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، أنه قال : تجد الرجل يعمل بالمعاصي فإذا قيل له تحب الموت ، قال : لا ، وكيف وعندي ما عندي ، فيقال له : أفلا تترك ما تعمل من المعاصي ؟ فيقول : ما أريد تركه ، وما أحب أن أموت حتى أتركه .

              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني محمد بن يحيى بن أبي حاتم ، حدثني أبو داود الضرير ، قال : قال أبو حازم : نحن لا نريد أن نموت حتى نتوب ، ونحن لا نتوب حتى نموت ، واعلم أنك إذا مت لم ترفع الأسواق بموتك ، وإن شأنك صغير فاعرف نفسك .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا إبراهيم بن إسحاق ، ثنا ضمرة بن ربيعة ، ثنا بلال بن كعب ، قال : مر أبو حازم بأبي جعفر المديني وهو مكتئب حزين ، فقال : ما لي أراك مكتئبا حزينا ؟ وإن شئت أخبرتك ، قال : أخبرني ما وراءك ، قال : ذكرت ولدك من بعدك ، قال : نعم ، قال : فلا تفعل فإن كانوا لله أولياء فلا تخف عليهم الضيعة ، وإن كانوا لله أعداء فلا تبال ما لقوا بعدك .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية