الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 100 ) فصول في الفطرة : روى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الفطرة خمس : الختان ، والاستحداد ، وقص الشارب ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط } . متفق عليه . وروى عبد الله بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، { عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء } . قال بعض الرواة : ونسيت العاشرة ، إلا أن تكون المضمضة . الاستحداد : حلق العانة ، استفعال من الحديد ، وانتقاص الماء : الاستنجاء به ; لأن الماء يقطع البول ويرده .

                                                                                                                                            قال أبو داود : وقد روي عن ابن عباس نحو حديث عائشة ، قال : خمس كلها في الرأس ذكر منها الفرق ولم يذكر إعفاء اللحية ، قال أحمد : الفرق سنة . قيل : يا أبا عبد الله يشهر نفسه ، { قال : النبي صلى الله عليه وسلم قد فرق ، وأمر بالفرق . } ( 101 ) فصل : فأما الختان فواجب على الرجال ، ومكرمة في حق النساء ، وليس بواجب عليهن . هذا قول كثير من أهل العلم . قال أحمد : الرجل أشد ، وذلك أن الرجل إذا لم يختتن ، فتلك الجلدة مدلاة على الكمرة ، ولا ينقى ما ثم ، والمرأة أهون .

                                                                                                                                            قال أبو عبد الله : وكان ابن عباس يشدد في أمره ، وروي عنه أنه لا حج له ولا صلاة ، يعني : إذا لم يختتن ، والحسن يرخص فيه يقول : إذا أسلم لا يبالي أن لا يختتن ويقول : أسلم الناس الأسود ، والأبيض ، لم يفتش أحد منهم ، ولم يختتنوا . والدليل على وجوبه : أن ستر العورة واجب ، فلولا أن الختان واجب لم يجز هتك حرمة المختون بالنظر إلى عورته من أجله ; ولأنه من شعار المسلمين ، فكان واجبا ، كسائر شعارهم ، وإن أسلم رجل كبير فخاف على نفسه من الختان سقط عنه ; لأن الغسل والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منه ، فهذا أولى .

                                                                                                                                            وإن أمن على نفسه لزمه فعله ، قال حنبل : سألت أبا عبد الله عن الذمي إذا أسلم ، ترى له أن يطهر بالختانة ؟ قال : لا بد له من ذاك . قلت : وإن كان كبيرا أو كبيرة ؟ قال : أحب إلي أن يتطهر ; لأن الحديث : { اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة } ، قال تعالى : { ملة أبيكم إبراهيم } .

                                                                                                                                            ويشرع الختان في حق النساء أيضا ، قال أبو عبد الله حديث النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا التقى الختانان وجب الغسل } فيه بيان أن النساء كن يختتن ، وحديث عمر : إن ختانة ختنت ، فقال : " أبقي منه شيئا إذا خفضت " . وروى الخلال ، بإسناده ، عن شداد بن أوس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { الختان سنة للرجال ، ومكرمة للنساء } ، وعن جابر بن زيد مثل ذلك موقوفا عليه ، وروي [ ص: 64 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه قال للخافضة : أشمي ولا تنهكي ، فإنه أحظى للزوج ، وأسرى للوجه } . والخفض : ختانة المرأة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية