الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          يبر

                                                          يبر : يبرين : اسم موضع يقال له رمل يبرين ، وفيه لغتان : يبرون ، في الرفع ، وفي الجر ، والنصب يبرين ، لا ينصرف للتعريف والتأنيث فجرى إعرابه كإعرابه ; وليست يبرين هذه العلمية منقولة من قولك : هن يبرين لفلان يعارضنه كقول أبي النجم :


                                                          يبري لها من أيمن وأشمل



                                                          يدل على أنه ليس منقولا منه قوله فيه يبرون ، وليس لك أن تقول إن يبرين من بريت القلم ويبرون من بروته ، ويكون العلم منقولا منهما ، فقد حكى أبو زيد بريت القلم وبروته ، وقال : ولهذا نظائر كقنيت [ ص: 307 ] وقنوت وكنيت وكنوت ، فيكون يبرون على هذا كيكنون من قولك : هن يكنون ، ويبرين كيكنين من قولك : هن يكنين ، وإنما منعك أن تحمل يبرين ويبرون على بريت وبروت أن العرب قالت : هذه يبرين ، فلو كانت يبرون من بروت لقالوا هذه يبرون ولم يقله أحد من العرب ، ألا ترى أنك لو سميت رجلا بيغزون ، فيمن جعل النون علامة الجمع ، لقلت هذا يغزون ؟ قال : فدل ما ذكرناه على أن الياء والواو في يبرين ويبرون ليستا لامين ، وإنما هما كهيئة الجمع كفلسطين وفلسطون ، وإذا كانت واو جمع كانت زائدة وبعدها النون زائدة أيضا ، فحروف الاسم على ذلك ثلاثة كأنه ، يبر ، ويبر ، وإذا كانت ثلاثة فالياء فيها أصل لا زائدة ; لأن الياء إذا طرحتها من الاسم فبقي منه أقل من الثلاثة لم يحكم عليها بالزيادة ألبتة ، على ما أحكمه لك سيبويه في باب علل ما تجعله زائدا من حروف الزوائد ، يدلك على أن ياء يبرين ليست للمضارعة أنهم قالوا أبرين ، فلو كان حرف مضارعة لم يبدلوا مكانه غيره ، ولم نجد ذلك في كلامهم ألبتة ، فأما قولهم أعصر ويعصر ، اسم رجل فليس مسمى بالفعل ، وإنما سمي بأعصر جمع عصر ، الذي هو الدهر وإنما سمي به لقوله أنشده أبو زيد :


                                                          أخليد إن أباك غير رأسه     مر الليالي واختلاف الأعصر


                                                          وسهل ذلك في الجمع ; لأن همزته ليست للمضارعة ، وإنما هي لصيغة الجمع ، والله تعالى أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية