الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الثاني في أحكامها

                                                                                                                                                                        وهي ثلاثة .

                                                                                                                                                                        الأول : الضمان . فإذا تلفت العين في يد المستعير ، ضمنها ، سواء تلفت بآفة سماوية أم بفعله ، بتقصير أم بلا تقصير ، هذا هو المشهور . وحكي قول : أنها لا تضمن إلا بالتعدي فيها ، وهو ضعيف . ولو أعار بشرط أن يكون أمانة ، لغا الشرط وكانت مضمونة ، وإذا ضمن ، ففي القيمة المعتبرة أوجه .

                                                                                                                                                                        أصحها : قيمته يوم التلف .

                                                                                                                                                                        والثاني : يوم القبض .

                                                                                                                                                                        والثالث : أقصى القيم من يوم القبض إلى يوم التلف . ويبنى على هذا الخلاف ، أن العارية إذا ولدت في يد المستعير ، هل يكون الولد مضمونا في يده ؟ إن قلنا بالثالث ، كان مضمونا ، وإلا فلا . وليس له استعماله بلا خلاف .

                                                                                                                                                                        قلت : ولو استعار دابة وساقها ، فتبعها ولدها ، ولم يتكلم المالك فيه بإذن ولا نهي ، فالولد أمانة ، قاله القاضي حسين في " الفتاوى " . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        والمقبوض على جهة السوم ، إذا تلف ، في المعتبر من قيمته هذه الأوجه ، لكن قال الإمام : الأصح فيه قيمته يوم القبض . وقال غيره : الأصح يوم التلف [ ص: 432 ] هذا إذا تلفت العارية لا بالاستعمال ، أما إذا تلفت بالاستعمال المأذون فيه ، بأن انمحق الثوب باللبس ، فلا يجب ضمانه على الأصح كالأجزاء . وقيل : يضمن ، فعلى هذا ، وجهان :

                                                                                                                                                                        أحدهما : يضمن العين بجميع أجزائها ، وبه قطع الإمام . وأصحهما : يضمنه في آخر حالات التقويم ، وبه قطع البغوي . وأما الأجزاء ، فما تلف منها بسبب استعمال المأذون فيه ، كانمحاق الثوب باللبس ، لا يجب ضمانه على الصحيح ، وما تلف منها بغير الاستعمال ، ففيه وجهان :

                                                                                                                                                                        أحدهما : لا يضمن ، كالتالف بالاستعمال . وأصحهما : الضمان ، كتلف العين كلها . وأما إذا تلفت الدابة بسبب الركوب والحمل المعتاد ، فهو كانمحاق الثوب ، وتعييبها به كالانمحاق . وعن القفال : لو قرح ظهرها بالحمل وتلفت منه ، يضمن ، سواء تعدى بما حمل ، أم لا ؛ لأنه إنما أذن في الحمل ، لا في الجراحة ، وردها إلى المالك لا يخرجه عن الضمان ؛ لأن السراية تولدت من مضمون ، وهذا في الحمل الذي هو غير متعد به ، تفريع على وجوب الضمان في صورة الانمحاق ، كذا ذكره الإمام .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        مؤنة الرد على المستعير ، هذا كله إذا استعار من المالك . فلو استعار من المستأجر أو الموصى له بالمنفعة ، فتلفت العين ، فوجهان :

                                                                                                                                                                        أحدهما : يضمن كما لو استعار من المالك . وأصحهما : لا يضمن ؛ لأن المستأجر لا يضمن وهذا نائبه ، ومؤنة الرد في هذه الاستعارة على المستعير إن رد على المستأجر ، وعلى المالك إن رد عليه كما لو رد عليه المستأجر .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية