الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ توا ]

                                                          توا : التو : الفرد . وفي الحديث : " الاستجمار تو والسعي تو والطواف تو " ، التو الفرد يريد أنه يرمي الجمار في الحج فردا وهي سبع حصيات ، ويطوف سبعا ويسعى سبعا ، وقيل : أراد بفردية الطواف والسعي أن الواجب منهما مرة واحدة لا تثنى ولا تكرر ، سواء كان المحرم مفردا أو قارنا ، وقيل : أراد بالاستجمار الاستنجاء ، [ ص: 248 ] والسنة أن يستنجي بثلاث ، والأول أولى لاقترانه بالطواف والسعي . وألف تو : تام فرد . والتو : الحبل يفتل طاقة واحدة لا يجعل له قوى مبرمة ، والجمع أتواء . وجاء توا أي : فردا ، وقيل : هو إذا جاء قاصدا لا يعرجه شيء ، فإن أقام ببعض الطريق فليس بتو ، هذا قول أبي عبيد . وأتوى الرجل إذا جاء توا وحده ، وأزوى إذا جاء معه آخر ، والعرب تقول لكل مفرد : تو ، ولكل زوج : زو . ويقال : وجه فلان من خيله بألف تو ، والتو : ألف من الخيل يعني بألف رجل أي : بألف واحد . وتقول : مضت توة من الليل والنهار أي : ساعة ، قال مليح :


                                                          ففاضت دموعي توة ثم لم تفض علي ، وقد كادت لها العين تمرح .



                                                          وفي حديث الشعبي : فما مضت إلا توة حتى قام الأحنف من مجلسه ، أي : ساعة واحدة . والتوة : الساعة من الزمان . وفي الحديث : أن الاستنجاء بتو أي : بفرد ووتر من الحجارة وأنها لا تشفع ، وإذا عقدت عقدا بإدارة لرباط مرة قلت : عقدته بتو واحد ; وأنشد :


                                                          جارية ليست من الوخشن     لا تعقد المنطق بالمتنن
                                                          إلا بتو واحد أو تن

                                                          .

                                                          أي : نصف تو ، والنون في تن زائدة ، والأصل فيها تا خففها من تو ، فإن قلت على أصلها تو خفيفة مثل لو جاز ، غير أن الاسم إذا جاءت في آخره واو بعد فتحة حملت على الألف ، وإنما يحسن في لو ؛ لأنها حرف أداة وليست باسم ، ولو حذفت من يوم الميم وحدها وتركت الواو والياء ، وأنت تريد إسكان الواو ، ثم تجعل ذلك اسما تجريه بالتنوين وغير التنوين في لغة من يقول هذا حا حا مرفوعا ; لقلت في محذوف يوم يو ، وكذلك لوم ولوح ، ومنعهم أن يقولوا في لولا ; لأن لو أسست هكذا ولم تجعل اسما كاللوح ، وإذا أردت نداء قلت : يا لو أقبل فيمن يقول يا حار ؛ لأن نعته باللو بالتشديد تقوية للو ، ولو كان اسمه حوا ثم أردت حذف أحد الواوين منه قلت : يا حا أقبل ، بقيت الواو ألفا بعد الفتحة ، وليس في جميع الأشياء واو معلقة بعد فتحة إلا أن يجعل اسما . والتو : الفارغ من شغل الدنيا وشغل الآخرة . والتو : البناء المنصوب ، قال الأخطل يصف تسنم القبر ولحده :


                                                          وقد كنت فيما قد بنى لي حافري     أعاليه توا وأسفله لحدا .



                                                          جاء في الشعر دحلا وهو بمعنى لحد ، فأداه ابن الأعرابي بالمعنى . والتوى مقصور : الهلاك ، وفي الصحاح : هلاك المال . والتوى : ذهاب مال لا يرجى ، وأتواه غيره . توي المال ، بالكسر ، يتوى توى ، فهو تو : ذهب فلم يرج ، وحكى الفارسي أن طيئا تقول : توى . قال ابن سيده : وأراه على ما حكاه سيبويه من قولهم : بقى ورضى ونهى . وأتواه الله : أذهبه . وأتوى فلان ماله : ذهب به . وهذا مال تو ، على فعل . وفي حديث أبي بكر ، وقد ذكر من يدعى من أبواب الجنة فقال : ذلك الذي لا توى عليه ، أي : لا ضياع ولا خسارة ، وهو من التوى الهلاك . والعرب تقول : الشح متواة ، تقول : إذا منعت المال من حقه أذهبه الله في غير حقه . والتوي : المقيم ; قال :


                                                          إذا صوت الأصداء يوما ، أجابها     صدى ، وتوي بالفلاة غريب .



                                                          قال ابن سيده : هكذا أنشده ابن الأعرابي ; قال : والثاء أعرف . والتواء من سمات الإبل : وسم كهيئة الصليب طويل يأخذ الخد كله ، عن ابن حبيب من تذكرة أبي علي . النضر : التواء سمة في الفخذ والعنق ، فأما في العنق فأن يبدأ به من اللهزمة ويحدر حذاء العنق خطا من هذا الجانب وخطا من هذا الجانب ثم يجمع بين طرفيهما من أسفل لا من فوق ، وإذا كان في الفخذ فهو خط في عرضها ، يقال منه بعير متوي ، وقد تويته تيا ، وإبل متواة ، وبعير به تواء وتواءان وثلاثة أتوية . قال ابن الأعرابي : التواء يكون في موضع اللحاظ إلا أنه منخفض يعطف إلى ناحية الخد قليلا ، ويكون في باطن الخد كالثؤثور . قال : والأثرة والثؤثور في باطن الخد ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية