الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              ( 386 ) باب الرخصة في الجمع بين الصلاتين في السفر ، وإن كان المرء نازلا في المنزل غير سائر وقت الصلاتين " " .

              [ ص: 478 ] 968 - أنا أبو طاهر ، نا أبو بكر نا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أن مالكا ، حدثه ، عن أبي الزبير المكي ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، أن معاذ بن جبل أخبره أنهم ، خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء قال : فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ، ثم دخل ، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا ، ثم قال : " إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك ، وإنكم لن تأتوها حتى يضحي النهار ، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي " قال : فجئناها وقد سبق إليها رجلان ، والعين مثل الشراك تبض بشيء من ماء ، فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل مسستما من مائها شيئا ؟ " ، فقالا : نعم ، فسبهما ، وقال لهما ما شاء الله أن يقول ، ثم غرفوا من العين بأيديهم قليلا قليلا حتى اجتمع في شيء ، ثم غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وجهه ويديه ، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير ، فاستقى الناس ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما هنا قد ملئ جنانا " قال أبو بكر : في الخبر ما بان وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، وهو نازل في سفره غير سائر وقت جمعه بين الصلاتين ؛ لأن قوله : أخر الصلاة يوما ، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ، ثم دخل ، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا ، تبين أنه لم يكن راكبا سائرا في هذين الوقتين اللذين جمع فيهما بين المغرب والعشاء ، وبين الظهر والعصر ، وخبر ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع بين الصلاتين ليس بخلاف هذا الخبر ؛ لأن ابن عمر قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما حين جد به السير ، فأخبر بما رأى من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعاذ بن جبل قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بين الصلاتين ، وهو نازل في المنزل غير سائر ، فخبر بما رأى النبي صلى الله عليه وسلم فعله ، فالجمع بين الصلاتين إذا جد بالمسافر السير جائز ، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك جائز له الجمع بينهما ، وإن كان نازلا لم يجد به السير كما فعله صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل ابن عمر إن الجمع بينهما غير [ ص: 479 ] جائز إذا لم يجد به السير لا آثرا عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، ولا مخبرا عن نفسه " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية