الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ثبر ]

                                                          ثبر : ثبره يثبره ثبرا وثبرة ، كلاهما : حبسه ; قال :


                                                          بنعمان لم يخلق ضعيفا مثبرا

                                                          وثبره على الأمر يثبره : صرفه . والمثابرة على الأمر : المواظبة عليه . وفي الحديث : من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة ; المثابرة : الحرص على الفعل والقول وملازمتهما . وثابر على الشيء : واظب . أبو زيد : ثبرت فلانا عن الشيء أثبره رددته عنه . وفي حديث أبي موسى : أتدري ما ثبر الناس ؟ أي ما الذي صدهم ومنعهم من طاعة الله ، وقيل : ما أبطأ بهم عنها . والثبر : الحبس . وقوله تعالى : وإني لأظنك يافرعون مثبورا ; قال الفراء : أي : مغلوبا ممنوعا من الخير ; ابن الأعرابي : المثبور الملعون المطرود المعذب . وثبره عن كذا يثبره ، بالضم ، ثبرا أي حبسه ; والعرب تقول : ما ثبرك عن هذا أي ما منعك منه وما صرفك عنه ؟ وقال مجاهد : مثبورا أي هالكا . وقال قتادة في قوله : هنالك ثبورا ; قال : ويلا وهلاكا . ومثل العرب : إلى أمه يأوي من ثبر أي من أهلك . والثبور : الهلاك والخسران والويل ; قال الكميت :


                                                          ورأت قضاعة في الأيا     من ، رأي مثبور وثابر

                                                          أي : مخسور وخاسر ، يعني : في انتسابها إلى اليمن . وفي حديث الدعاء : أعوذ بك من دعوة الثبور ; هو الهلاك وقد ثبر يثبر ثبورا . وثبره الله : أهلكه إهلاكا لا ينتعش ، فمن هنالك يدعو أهل النار : واثبوراه ! فيقال لهم : لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا . قال الفراء : الثبور مصدر ولذلك قال ثبورا كثيرا ; لأن المصادر لا تجمع ، ألا ترى أنك تقول قعدت قعودا طويلا وضربته ضربا كثيرا ؟ قال : وكأنهم دعوا بما فعلوا كما يقول الرجل : واندامتاه ! وقال الزجاج في [ ص: 8 ] قوله ( عز وجل ) : دعوا هنالك ثبورا ; بمعنى هلاكا ، ونصبه على المصدر كأنهم قالوا : ثبرنا ثبورا ، ثم قال لهم : لا تدعوا اليوم ثبورا ، مصدر فهو للقليل والكثير على لفظ واحد . وثبر البحر : جزر . وتثابرت الرجال في الحرب : تواثبت . والمثبر ، مثال المجلس : الموضع الذي تلد فيه المرأة وتضع الناقة من الأرض ، وليس له فعل ، قال ابن سيده : أرى أنما هو من باب المخدع . وفي الحديث : أنهم وجدوا الناقة المنتجة تفحص في مثبرها ; وقال نصير : مثبر الناقة أيضا حيث تعضى وتنحر ; قال أبو منصور : وهذا صحيح ومن العرب مسموع ، وربما قيل لمجلس الرجل : مثبر . وفي حديث حكيم بن حزام : أن أمه ولدته في الكعبة وأنه حمل في نطع وأخذ ما تحت مثبرها فغسل عند حوض زمزم ، المثبر : مسقط الولد ، قال ابن الأثير : وأكثر ما يقال في الإبل . وثبرت القرحة : انفتحت . وفي حديث معاوية : أن أبا بردة قال : دخلت عليه حين أصابته قرحة ، فقال : هلم يا ابن أخي فانظر ، قال : فنظرت فإذا هي قد ثبرت ، فقلت : ليس عليك بأس يا أمير المؤمنين ; ثبرت أي : انفتحت . والثبرة : تراب شبيه بالنورة يكون بين ظهري الأرض فإذا بلغ عرق النخلة إليه وقف . يقال : لقيت عروق النخلة ثبرة فردتها ; وقوله أنشده ابن دريد :


                                                          أي فتى غادرتم بثبرره

                                                          إنما أراد بثبرة فزاد راء ثانية للوزن . والثبرة : أرض رخوة ذات حجارة بيض ، وقال أبو حنيفة : هي حجارة بيض تقوم ويبنى بها ، ولم يقل : إنها أرض ذات حجارة . والثبرة : الأرض السهلة ; يقال : بالغت النخلة إلى ثبرة من الأرض . والثبرة : الحفرة في الأرض . والثبرة : النقرة تكون في الجبل تمسك الماء يصفو فيها كالصهريج ، إذا دخلها الماء خرج فيها عن غثائه وصفا ; قال أبو ذؤيب :


                                                          فثج بها ثبرات الرصا     ف حتى تزيل رنق الكدر

                                                          أراد بالثبرات نقارا يجتمع فيها الماء من السماء فيصفو فيها . التهذيب : والثبرة النقرة في الشيء والهزمة ; ومنه قيل للنقرة في الجبل يكون فيها الماء : ثبرة . ويقال : هو على صير أمر وثبار أمر بمعنى واحد . وثبرة : موضع وقول أبي ذؤيب :


                                                          فأعشيته من بعد ما راث عشيه     بسهم كسير الثابرية لهوق

                                                          قيل : هو منسوب إلى أرض أو حي وروي التابرية ، بالتاء . وثبير : جبل بمكة . ويقال : أشرق ثبير كيما نغير وهي أربعة أثبرة : ثبير غيناء ، وثبير الأعرج ، وثبير الأحدب ، وثبير حراء . وفي الحديث ذكر ثبير ; قال ابن الأثير : وهو الجبل المعروف عند مكة ، وهو أيضا اسم ماء في ديار مزينة أقطعه النبي - صلى الله عليه وسلم - شريس بن ضمرة . ويثبرة : اسم أرض ، قال الراعي :


                                                          أو رعلة من قطا فيحان حلأها     عن ماء يثبرة الشباك والرصد

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية