الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 226 ] حرف الشين المعجمة

" شعيب " : قال ابن إسحاق: وهو ابن ميكاييل، كذا بخط الذهبي في اختصار المستدرك، وقال غيره: ابن ملكاين.

ورأيت بخط النووي في تهذيبه ابن ميكيل بن يشجن بن مدين بن إبراهيم الخليل، كان يقال له خطيب الأنبياء، وبعث إلى أمتين: مدين، وأصحاب الأيكة رسولا، وكان كثير الصلاة، وعمي في آخر عمره.

وقد قدمنا قولا بأن مدين وأصحاب ليكة واحدة.

قال ابن كثير: ويدل على ذلك أن كلا منهما وعظ بوفاء الكيل والميزان، فدل على أنهما واحد.

واحتج الأول بما أخرجه السدي وعكرمة، قالا: لم يبعث الله نبيا مرتين إلا شعيبا: مرة إلى مدين فأخذهم الله بالصيحة، ومرة إلى أصحاب ليكة، فأخذهم الله بعذاب يوم الظلة.

وأخرج ابن عساكر في تاريخه، عن عبد الله بن عمرو -مرفوعا- أن قوم مدين وأصحاب ليكة أمتان بعث الله إليهما شعيبا، قال ابن كثير: وهو غريب.

وفي سر رفعه نظر، قال: ومنهم من زعم أنه بعث إلى ثلاث أمم، والثالثة أصحاب الرس.

(شعر) بالأمر يشعر، أي: علمه.

والشعور: العلم من طريق الجسم، ومنه: وما يشعرون [البقرة: 9] ، أي: لا يشعرون أنهم يخدعون أنفسهم.

فإن قلت: هل العلم والشعور بمعنى واحد؛ لأنه يظهر من تكرير قوله: " لا يشعرون " أنهما بمعنيين؟ [ ص: 227 ] والجواب ما قاله أبو الفضل بن الخطيب: إنما قال ذلك في قوله تعالى: ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون [البقرة: 13] ، وفيما قبلها: ولكن لا يشعرون [البقرة: 12] ، لوجهين: أحدهما: أن الوفق على أن المؤمنين على الحق، وهم على الحق أمر عقلي نظري، وأما أن النفاق وما فيه من البغي يفضي إلى الفساد في الأرض فضروري، جار مجرى المحسوس.

والثاني: أنه لما ذكر السفه، وهو جهل، كان ذكر العلم أحسن طباقا.

والله أعلم.

" شكور " [إبراهيم: 5، ولقمان: 31] : من أسماء الله؛ لأنه المجازي للعباد على أعمالهم بجزيل الثواب.

وقيل: المثني على العباد.

وأما الشكور من عباده فهو المصرف جوارحه فيما أمر الله به عباده من الطاعة، وهو موجب للزيادة كما قدمنا.

وقام -صلى الله عليه وسلم- حتى تفطرت قدماه، وقال: أفلا أكون عبدا شكورا، فالشكر إذا طاعة الله في كل نعمة بما هو الأولى مع رؤية منة الله تعالى! والحياء من تتابع نعمه واستعظام صغيرها، واعترافه بعجزه عن شكرها، وأنها وشكرها نعمة منه تعالى، وعدم ركونه إلى غير المنعم، وأعظم النعم حسن خلق؛ لأنه ما ضر أبدا كسوء خلق، ويجب العلم بما قبحه الشرع وبما حسنه، وكل نعمه فإنها منه تعالى إجماعا، فالشكر بما يجب حتم، وبما يستحب ندب، ولما كانت نعم الله تعالى مبذولة لم يشكر الجاهل إلا ما خصه بقوله الحمد لله، ولو عمي مثلا لتسخط وشكى، ولو عاد بصره شكر.

شروا [البقرة: 102] : بمعنى باعوا، كقوله تعالى: وشروه بثمن بخس [يوسف: 20] .

شطر المسجد الحرام [البقرة: 144] : تلقاءه، بلسان الحبشة، [ ص: 228 ] وكان -صلى الله عليه وسلم- يرفع رأسه إلى السماء رجاء أن يؤمر بالصلاة إلى الكعبة، لأنها قبلة إبراهيم، أو كان يحب ذلك من أجل أن اليهود كانوا يقولون: يخالفنا محمد في ديننا ويتبعنا في قبلتنا، فقال لجبريل: وددت أن يحولني الله إلى الكعبة، فإنها قبلة إبراهيم، فقال جبريل: إنما أنا عبد مثلك، وأنت كريم على ربك، فاسأل أنت ربك، فعرج جبريل إلى السماء، فأنزل الله الآية، فهي متأخرة تلاوة مقدمة معنى، لأنها رأس القصة، وأول ما نسخ من أمور الشرع أمر القبلة.

فإن قلت: ما فائدة تكريرها ثلاث مرات؟ [144، 149، 150 من سورة البقرة]؟

فالجواب أن الأولى لنسخ القبلة، والثانية للسبب، وهو قوله: وإنه للحق من ربك ، والثالثة لعلة، وهو قوله: لئلا يكون للناس عليكم حجة .

وقيل: الأولى في مسجد المدينة، والثانية خارج المسجد، والثالثة خارج البلد.

وقيل: في الآية خروجان: خروج إلى مكان ترى فيه الكعبة، وخروج إلى مكان لا ترى أي الحالتين فيه سواء.

وقيل: في الجواب غير هذا حذفناه لطوله.

شهيدين من رجالكم [البقرة: 282] : نص في رفض شهادة الكفار والصبيان والنساء، وأما العبيد فاللفظ يتناولهم، ولذلك أجاز ابن حنبل شهادتهم، ومنعها مالك والشافعي لنقص الرق، وإنما أمر الله بالإشهاد في البياعات حفظا للأموال، فشهادة الرجلين أو رجل وامرأتين جائزة في الأموال لا في غيرها بشرط العدالة، ومعناها اجتناب الذنوب الكبائر وتوقي الصغائر مع المحافظة على المروءة.

وروي أن آدم - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - لما رأى ذريته عند خروجها من ظهره، فسأل الله عنهم، فقال له: هم الأنبياء من أولادك، فقال: يا رب، كم أعمارهم، فأخبره بعمر كل واحد، فوجد عمر داود أربعين، فقال: يا رب، قد وهبت له من عمري أربعين أخرى، فلما بقي من عمره هذه الأربعون أتى ملك الموت ليقبض روحه، فقال: إني لم أهب شيئا.

[ ص: 229 ] فقال الله له: أمرا أحدثته بين أولادك،
فمن كان عليه حق أنكره، فلذلك أمره الله بالإشهاد، فقال: واستشهدوا شهيدين من رجالكم [البقرة: 282] .

ولذلك وكل على كل أحد من الآدميين ملكين شاهدين حتى لا يجد إلى الإنكار سبيلا.

فانطر هذا التأنيس العظيم لأمة هذا النبي الكريم.

وقيل: إنه كان نور المصطفى في وجه آدم ينظر إليه، فقال: يا رب، هل بقي في ظهري من هذا النور شيء، قال: نور أصحابه.

قال: يا رب، اجعله في بقية أصابعي، فجعل نور أبي بكر في الوسطى، ونور عمر في البنصر، ونور عثمان في الخنصر، ونور علي في الإبهام، فكان آدم -صلى الله عليه وسلم- ينظر إلى تلك الأنوار ويعجب منها إلى أن أهبطه الله من الجنة، ومارس أعمال الدنيا، فعادت الأنوار إلى ظهره.

وأنت يا عاصي، تمارس المعاصي والفواحش، ولا تخاف من زوال نور الإيمان من قلبك! ألم تسمع إلى قول ربك: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون [المطففين: 14] .

فإن قلت: ما بال آدم لم يرد الرجوع إلى الجنة، بل رجع فيما وهب لداود.

وكان قد بكى عليه بعد خروجه منها حتى لو أجريت السفن في دموعه لجرت؟

والجواب أن آدم عليه السلام لما ذاق حلاوة النعمة في الجنة بكى على فراقها، فلما خرج إلى الدنيا وكلفه الله فيها بالعبادة، لأنها محل تكليف، وذاق حلاوته، اختار ما فيه رضا الله على حظ النفس.

وقيل: كره الخروج من الجنة لطلب الراحة وخوف الموت؛ لأن الله أخبره أنه لا موت فيها، ولما خرج إلى الدنيا، وعلم بمرارة الموت فيها لم يرد الخروج منها، فإذا أبو بكر المطهر من الذنوب يخاف من هذه الأهوال، فكيف بك أيها الغريق لا تخاف من الفراق، وقطع حبل التلاق.

[ ص: 230 ] وشاورهم في الأمر [آل عمران: 159] : أمر الله رسوله بمشاورة أصحابه في الحروب وغيرها لا في أحكام الشريعة.

وقال ابن عباس: وشاورهم في بعض الأمر، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يشاورهم في مواطن كثيرة، كيوم بدر، ويوم الأحزاب، والطائف، وغير ذلك.

وينبغي للإنسان أن يشاور في أموره من يثق منه بعقل صحيح وود صريح.

ولا يستغني برأيه، فإن استغنى برأيه زل.

قال -صلى الله عليه وسلم-: "المشاورة تزيد الرجل ذكاء".

وقد ورد في هذا المعنى من الأحاديث والأخبار ما لا نطيل بذكره.

والله الموفق.

شجر بينهم [النساء: 65] ، أي اختلط.

واختلفوا فيه، ومعنى الآية أنهم لا يؤمنون حتى يرضوا بحكم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونزلت الآية والتي قبلها في المحاكمة بين المنافقين.

فإن قلت: كثيرا ما يذكر المفسرون لنزول الآية أسبابا متعددة فبأي السبب نأخذ؟

والجواب أن الاعتماد في ذلك أن تنظر إلى العبارة الواقعة؛ فإن عبر أحدهم بقوله: نزلت في كذا، والآخر نزلت في كذا، وذكر أمرا آخر، فهذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول، فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهما، وإن عبر واحد بقوله نزلت في كذا، وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فهو المعتمد.

وقد يكون للآية أسباب، وقد أفرد أسباب النزول بالتصنيف جماعة أقدمهم علي بن المديني شيخ البخاري، وألف فيه شيخ الإسلام أبو الفضل بن جعفر كتابا مات عليه مسودة فلم يقف عليه كاملا.

وقد ألفت فيه كتاب النقول في أسباب النزول، فقف عليه لعل قلبك يميل.

شنآن قوم [المائدة: 2] ، أي: بغضهم وحقدهم.

ومعنى الآية: لا يحملنكم عداوة قوم على أن تعتدوا عليهم من أجل أن يصدوكم عن المسجد الحرام.

[ ص: 231 ] ونزلت عام الفتح حين ظفر المسلمون بأهل مكة، فأرادوا أن يستأصلوهم بالقتل؛ لأنهم كانوا قد صدوهم عن المسجد الحرام عام الحديبية، فنهاهم الله عن قتلهم لعلمه بأنهم يؤمنون.

شهادة بينكم [المائدة: 106] : مرفوع بالابتداء، وخبره اثنان.

التقدير شهادة بينكم شهادة اثنين، أو شهادة "آخران" على أن تكون إذا بمنزلة حين لا تحتاج جوابا.

ويجوز أن تكون شرطية، وجوابها محذوف يدل عليه ما تقدم قبلها، فإن المعنى إذا حضر أحدكم الموت فينبغي أن يشهد.

وسبب نزول الآية أن رجلين خرجا إلى الشام، وخرج معهما رجل آخر لتجارة، فمرض في الطريق، فكتب كتابا قيد فيه كل ما معه، وجعله في متاعه، وأوصى الرجلين أن يؤديا رحله لورثته، فمات فقدم الرجلان المدينة، ودفعا رحله إلى ورثته، فوجدوا فيه كتابه، وفقدوا منها أشياء قد كتبها.

فسألوهما عنها، فقالا: لا ندري، هذا الذي قبضناه، فرفعوهما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستحلفهما، فبقي الأمر مدة، ثم عثر على إناء عظيم من فضة، فقيل لمن وجده عنده: من أين لك هذا، فقال: اشتريته من فلان وفلان - يعني الرجلين، فارتفع الأمر في ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمر رجلين من أولياء الميت أن يحلفا، فحلفا واستحقاه،
فمعنى الآية: إذا حضر الموت أحدا في السفر فليشهد عدلين بما معه، فإن وقعت ريبة في شهادتهما حلفا أنهما ما كذبا، ولا بدلا، فإن عثر بعد ذلك على أنها كذبا أو خانا حلف رجلان من أولياء الميت، وغرم الشاهدان ما ظهر عليهما.

قال مكي: هذه الآية أشكل آية في القرآن إعرابا ومعنى وحكما، وتلخيصها ما ذكرناه.

شك [النساء: 157] : الشك تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على [ ص: 232 ] الآخر، نحو: شك الإنسان في الغيم غير المشف أنه سيمطر.

وقيل: التردد بين حكمين من غير تغليب لأحدهما على الآخر.

شعائر الله : ما جعله الله علما لطاعته، واحدتها شعيرة، مثل الجرائم، يقول: لا تحلوه، وكان المشركون يحجون ويعتمرون، فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم، فقيل لهم: لا تغيروا عليهم ولا تصدوهم.

وقيل: هي الحرم، وإحلاله الصيد فيه.

وقيل: هي ما يحرم على الحاج من النساء والصيد وغير ذلك، وإحلاله فعله.

شاقوا الله ورسوله [الأنفال: 13] .

أي: حاربوهما وصاروا في شق غير شق المؤمنين.

فشرد بهم من خلفهم [الأنفال: 57] .

أي افعل بهم من النقمة ما يزجر غيرهم من القتل والتعذيب.

ويقال: شرد بهم: سمع بهم، بلغة قريش.

شهرا [التوبة: 36] : قال الجواليقي: ذكر بعض أهل اللغة أنه بالسريانية.

شفا جرف [التوبة: 109] : طرف حفرة.

وشفا الوادي والقبر شفيره.

شغفها حبا [يوسف: 30] : بلغ شغاف قلبها، وهو غلافه.

وقيل: السويداء منه.

وقيل: الشغاف داء يصل إلى القلب يقتل من تمكن منه.

وقولهم فلان مشغوف بحب فلانة إذا ذهب به الحب أقصى المذهب.

"شجرة ملعونة" [الإسراء: 6]: يعني شجرة الزقوم، وذلك أن قريشا لما سمعوا أن في جهنم شجرة الزقوم سخروا من ذلك، وقالوا: كيف تكون شجرة في النار، والنار تحرق الشجر، فقال أبو جهل: ما أعرف الزقوم إلا التمر بالزبد، وهذا كله استهزاء وتهكم بنبينا ومولانا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وإلا فقد علموا قدرة الله، وكيف لا وهم يخرجون من الشجر الأخضر نارا ينتفعون بها.

فإن قلت: أين لعنت شجرة الزقوم في القرآن؟ [ ص: 233 ] والجواب أن المراد - لعنة آكلها.

وقيل: إن اللعنة هنا بمعنى الإبعاد والكراهية.

لأنها في أصل الجحيم.

شاكلته [الإسراء: 84] : ناحيته وطريقته التي تشاكله.

ويدل على ذلك قوله: فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا [الإسراء: 84] .

وقيل: شاكلته طبيعته، وهو من الشكل، يقال: لست على شكلي وشاكلتي.

" شططا " [الكهف: 14، والجن: 4] أي: جورا وغلوا، أي: لو دعونا من دونه إلها لقلنا قولا شططا.

شتى [طه: 53] ، أي: أصنافا مختلفة.

شجرة الخلد [طه: 120] : هذا من قول إبليس لآدم وحواء، وعدهما بأن من أكل منها لا يموت.

شاطئ الواد [القصص: 30] ، أي: شطه.

شاخصة [الأنبياء: 97] : من الشخوص، وهو إحداد النظر من الخوف، لا تكاد تبصر.

شجرة تخرج في أصل الجحيم [الصافات: 64] أي: تنبت في قعر جهنم، وترتفع أغصانها إلى دركاتها.

وشبه طلعها برؤوس الشياطين مبالغة في قبحه وكراهته؛ لأنه قد تقرر في نفوس الناس كراهتها، وإن لم يروها، ولذلك يقولون للقبيح المنظر: وجه شيطان.

وقيل: رؤوس الشياطين شجرة معروفة باليمن.

وقيل: هو صنف من الحيات.

" شوبا من حميم " [الصافات: 67] .

أي: مزاجا من حميم حار.

فإن قلت: لم تعطف هذه الجمل ب: ثم؟ فالجواب من وجهين: أحدهما أنه لترتيب تلك الأحوال في الزمان.

[ ص: 234 ] والمعنى أنهم يملئون البطون من شجرة الزقوم، وبعد ذلك يشربون الحميم.

والثاني أنه لترتيب مضاعفة العذاب، فالمعنى أن شربهم للحميم أشد مما ذكر قبله.

شكله [ص: 58] .

أي: مثله ونوعه.

والمعنى أن الله تعالى نوع على أهل النار أنواعا من العذاب.

شرع لكم من الدين [الشورى: 13] : قد قدمنا أن الله تعالى فتح لنا بالدين الذي هو التوحيد والإيمان برسله وكتبه والدار الآخرة.

شريعة من الأمر [الجاثية: 18] ، أي: ملة ودين.

شطأه [الفتح: 29] : قد قدمنا أنها فراخ السنبلة التي تنبت حول الأصول.

ويقال بإسكان الطاء وفتحها دون مد، وفتحها مع المد، وهي لغات.

شديد القوى [النجم: 5] : هو جبريل، وقيل: الله تعالى.

والأول أرجح، لقوله: ذي قوة عند ذي العرش .

والقوى جمع قوة.

"شوى" [المعارج: 16] : أطراف الجسد.

وقيل: جلد الرأس.

والمعنى أن النار تنزعها ثم تعاد.

شرابا طهورا [الإنسان: 21] .

أي: ليس بنجس كخمر الدنيا.

وقيل: معناه أنه لم تعصره الأقدام، وقيل: معناه، لا يصير أذى.

شامخات [المرسلات: 27] ، أي: مرتفعات.

ومنه يقال: شمخ بأنفه.

"شفق" [الكهف: 49] : الحمرة التي تبقى بعد غروب الشمس.

وقال أبو حنيفة: هو البياض.

وقيل: هو النهار كله.

وهذا ضعيف، والأول هو المعروف عند الفقهاء، وأهل اللغة.

وشاهد ومشهود [البروج: 3] : يحتمل الشاهد أن يكون من الشهادة على الأمر، أو يكون من معنى الحضور، وحذف المعمول، وتقديره مشهود عليه، أو مشهود به، أو مشهود فيه.

[ ص: 235 ] وقد اضطرب الناس في تفسير الشاهد والمشهود اضطرابا عظيما، ويتلخص من أقوالهم في الشاهد ستة عشر قولا، يقابلها في المشهود اثنان وثلاثون قولا: قيل: الشاهد هو الله تعالى، لقوله: وكفى بالله شهيدا [النساء: 79] .

والمشهود على هذا يحتمل ثلاثة أقوال: أحدها أن يكون الخلق، بمعنى أنه يشهد فيه، أي: يحضر للحساب والجزاء، أو تقع فيه الشهادة على الناس.

وقيل: إن الشاهد محمد -صلى الله عليه وسلم- لقوله: ويكون الرسول عليكم شهيدا [البقرة: 143] .

والمشهود على هذا يحتمل أن يكون أمته؛ لأنه يشهد عليهم، أو أعمالهم؛ لأنه يشهد بها، أو يوم القيامة؛ لأنه يشهد فيه، أي: يحضر، أو تقع فيه الشهادة على الأمة.

وقيل: الشاهد أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- لقوله: وتكونوا شهداء على الناس [الحج: 78] .

والمشهود على هذا سائر الأمم؛ لأنهم يشهدون عليهم، أو أعمالهم، أو يوم القيامة.

وقيل: الشاهد عيسى عليه السلام، والمشهود أمته، لقوله: وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم [المائدة: 117] .

أو أعمالهم، أو يوم القيامة.

وقيل: إن الشاهد جميع الأنبياء، والمشهود أممهم؛ لأن كل نبي يشهد على أمته: أو يشهد بأعمالهم، أو يوم القيامة لأنه يشهد فيه.

وقيل: إن الشاهد الملائكة الحفظة.

والمشهود على هذا أعمال الناس؛ لأن الملائكة يشهدون بها، أو يوم القيامة، أو صلاة الصبح، لقوله: إن قرآن الفجر كان مشهودا [الإسراء: 78] .

وقيل: إن الشاهد جميع الناس؛ لأنهم يشهدون يوم القيامة، لقوله: وذلك يوم مشهود [هود: 103] .

وقيل: الشاهد الجوارح، والمشهود عليه أصحابها، لقوله: يوم تشهد عليهم ألسنتهم [النور: 24] .

[ ص: 236 ] أو الأعمال؛ لأن الجوارح تشهد بها، أو يوم القيامة لأن الشهادة تقع فيه.

وقيل: الشاهد الله والملائكة وأولو العلم، لقوله تعالى: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم [آل عمران: 18] .

والمشهود به الوحدانية.

وقيل: الشاهد جميع المخلوقات.

والمشهود به وجود خالقها، وإثبات صفاتها من الحياة والقدرة وغير ذلك.

وقيل: الشاهد النجم، لما ورد في الحديث: "لا صلاة بعد العصر حتى يطلع الشاهد، وهو النجم".

والمشهود على هذا الليل والنهار؛ لأن النجم يشهد بانقضاء النهار ودخول الليل.

وقيل: الشاهد الحجر الأسود.

والمشهود الناس الذين يحجون، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة".

وذلك لأن يوم الجمعة يشهد بالأعمال، ويوم عرفة يشهده جميع عظيم من الناس.

وقيل: الشاهد يوم عرفة والمشهود يوم النحر.

وقيل: الشاهد يوم التروية.

والمشهود يوم عرفة.

وقيل: الشاهد يوم الإثنين.

والمشهود يوم الجمعة.

"شفع": يعني ثني، وأما قوله تعالى: والشفع والوتر [الفجر: 3] ، فقد كثرت فيه الأقاويل.

وفي الحديث أن الشفع يوم النحر، والوتر يوم عرفة.

وذلك لأن يوم النحر عاشر، فعدده شفع، ويوم عرفة تاسع، فعدده وتر.

وروي عنه عليه السلام أنها الصلوات، منها شفع ووتر.

وقيل: الشفع التنفل بالصلاة مثنى مثنى، والوتر: الركعة الواحدة المعروفة.

وقيل: الشفع: العالم، والوتر الله؛ لأنه واحد.

وقيل: الشفع آدم وحواء، والوتر الله تعالى.

وقيل: الشفع الصفا والمروة، والوتر البيت الحرام.

وقيل: الشفع أبواب الجنة؛ لأنها ثمانية، والوتر أبواب النار، لأنها سبعة.

وقيل: الشفع قران الحج والوتر إفراده.

[ ص: 237 ] وقيل: المراد الأعداد منها شفع ووتر، فهذه عشرة أقوال.

وقيل: الشفع الصلوات، والوتر المغرب.

وقيل: الشفع رجب وشعبان، والوتر رمضان.

وقيل: الشفع صفات الخلق كالعجز والقدرة، والعلم والجهل، والعز والذل.

وقيل: الشفع ما يتكرر من الفرائض، كالصلاة، والصوم.

والوتر: ما لا يتكرر.

وقرئ الوتر بفتح الواو وكسرها، وهما لغتان.

شرعا [الأعراف: 163] : بضم الشين: ظاهرة قريبة منهم.

يقال: شرع منا فلان، إذا دنا، وقصتهم أن الله تعالى أكرم موسى عليه السلام بيوم السبت، وأمره أن يأمر بني إسرائيل بتعظيمه، ولا يشغلوا بشيء من أحوال الدنيا، وكانت بلدة يقال لها أيلة، وكان أهلها صيادين يصطادون السمك، فأرسل الله تعالى إليهم داود عليه السلام، وأمره أن يمنع الصيادين عن صيد السمك في يوم السبت، وأباح لهم في سائر الأيام، فبلغ داود عليه السلام رسالة ربه، فلم يقبل اليهود، فابتلاهم الله تعالى، فكانت تدخل سمك جميع الأبحر في بحرهم يوم السبت، ولا تدخل في سائر الأيام سمكة قط، فوقع القحط والغلاء، وسقط الله عليهم الجوع، فاضطروا فحفروا حياضا وأنهارا، وأسالوا الماء من الأنهار في الحياض يوم السبت، فإذا رأوا امتلاء الحياض ألقوا شباكهم يوم الجمعة بعد العصر، وأخرجوها يوم الأحد، فيأكلون ويبيعون، فنصحهم العلماء والحكماء الزهاد بالكف عن صيدهم، فلم يمتنعوا.

فلما لم يسمعوا مواعظهم خرجوا من ديارهم كي لا يعاقبوا معهم، فلما أراد الله عقوبتهم بعد إمهالهم سنتين أرسل إليهم رسولا لينصحهم ويعظهم، فلم يتعظوا، فيوما من الأيام دخل العلماء في البلدة فلم يروا فيها أحدا من الناس، ففتحوا أبواب البيوت، ودخلوا فرأوا الذكور والإناث كلهم قد مسخوا قردة، قال تعالى: فلما نسوا ما ذكروا به [الأنعام: 44] ، الآية... والإشارة فيه كأن الله تعالى يقول: من احتال في صيد السمك جزاؤه أن أحول صورته قردة، فكيف بمن احتال في تحليل ما حرمت من خمر وربا، أفلا يخاف من تحويل صورته وإن رفع الله مسخ الظاهر ببركة سيدنا ومولانا محمد الطاهر، فإن مسخ البواطن معلوم كما هو مشاهد في [ ص: 238 ] الشرط والجلاوزة وشبههم، تراهم طول يومهم يروعون الناس، ويغضبون في وجوههم، فهؤلاء مسخوا على صورة الكلاب، ومنهم على صورة الخنازير، وهم أهل القذارة والبلادة، وهكذا تتبع بنظرك صفة كل شخص في خلقه تستدل بذلك على مسخ قلبه ما هو.

وقد يبقى متحيرا لا مسخ في قلبه، إلا أن قلبه قد مات، وقد أخبر بذلك الصادق المصدوق في قوله: "يأتي على الناس زمان يموت فيه قلب المرء كما يموت بدنه، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم.

لأن القلب إذا لم تبق فيه تلك الحرارة الغريزية حتى يفقه مصالحه فهو ميت، وقد يكون موته حقيقيا. والله أعلم.

والقدرة صالحة أن يكون حسيا أو معنويا، فإنه إذا لم ينتفع بقلبه في النوع الذي أريد منه، وتوالت عليه الشهوات حتى لا يرى إلا هي، فذلك موته؛ لأن الفائدة التي في حياة القلب معدومة منه، ولذلك شبه -صلى الله عليه وسلم- الذاكر به بالحي، والغافل بالميت، واحتمل أن يكون موته حسيا حيث شاء الله كما ييبس عضو من أعضاء الشخص مثل يده أو رجله أو غيره من الجوارح، وباقي بدنه صحيح القدرة صالح.

وقد ذكر بعض شراح البخاري عن بعض من سمع الحديث: أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام في الصلاة أن يحول الله رأسه رأس حمار! فاستهونه، ورفع رأسه امتحانا بما صح عن الصادق المصدوق، فحول الله رأسه رأس حمار، وصار عجبا ينظر إليه.

فإن قلت: قد صح أنه -صلى الله عليه وسلم- أمان من المسخ، فكيف يمسخ هذا، وما معنى الحديث؟ فالجواب: أن معناه تحويل بعض الأجزاء من الإنسان لا مسخه كله، وهب أنه مسخ كله فهو أمان في الغالب وفي جميع الأمة، وأما في بعض الأفراد فممكن والله أعلم.

وإذا تأملت إخبار الله لرسوله في أصحاب السبت في مواضع تجد ذلك تحريضا وتأكيدا للنهي عن ارتكاب ما حرم الله ورسوله، أولها قوله: [ ص: 239 ] إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه [النحل: 124] .

ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت [البقرة: 65] .

أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت [النساء: 47] .

وقلنا لهم لا تعدوا في السبت [النساء: 154] .

واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم [الأعراف: 163] .

وافترقت بنو إسرائيل ثلاث فرق: فرقة عصت بالصيد يوم السبت، وفرقة نهت عن ذلك واعتزلت، وفرقة سكتت واعتزلت ولم تنه ولم تعص، وإن هذه الفرقة لما رأت مهاجرة الناهية وطغيان العاصية قالوا للفرقة الناهية: لم تعظون قوما يريد الله أن يهلكهم أو يعذبهم، فقالت الناهية: ننهاهم معذرة إلى الله، ولعلهم يتقون: فهلكت الفرقة العاصية، ونجت الناهية، واختلف في الثالثة، هل هلكت لسكوتها أو نجت لاعتزالها وتركها العصيان.

فانظر يا محمدي، كيف يكون حالك لولا أن الله من عليك بنبي كريم شفع لك وفيك، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "حياتي خير لكم ومماتي خير لكم، أما حياتي فأسن لكم وأشرع لكم الشرائع، وأما مماتي فإن ذنوبكم تعرض علي، فما كان منها سيئا استغفرت الله لكم".

فأكثر من الصلاة عليه صلى الله عليه وعلى آله في كل وقت وحين.

"شقة" [التوبة: 42] ، أي طريق ومسافة.

"شعوب" [الحجرات: 13] جمع شعب بفتح الشين، وهو أعظم من القبيلة، وتحته القبيلة، ثم البطن، ثم الفخذ، ثم الفصيلة، وهم القرابة الأدنون، فمضر وربيعة وأمثالهما شعوب، وقريش قبيلة، وبنو عبد مناف، وبنو هاشم فخذ - ويقال بإسكان الخاء فرقا بينه وبين الجارحة، وبنو عبد المطلب فصيلة.

وقيل: الشعوب في العجم والقبائل في العرب، والأسباط في بني إسرائيل.

شواظ [الرحمن: 35] : لهب نار.

وقرئ بكسر الشين، وهما لغتان.

"شهب" [الجن: 8، 9] : جمع شهاب، وهو كل متوقد مضيء.

[ ص: 240 ] فإن قلت: ما فائدة تكريره في سورة الجن [8، 9] في موضع واحد؟

والجواب: أنه كرره لاختلاف اللفظ، ووصف الحرس بالشديد، وهو مفرد؛ لأنه يحتمل أن يريد به الملائكة الحراس أو النجوم الحارسة.

"شيث" : ولد آدم عليه السلام.

" شيبا " وهو في اللغة الأبيض الرأس، وقوله تعالى: لا شية [البقرة: 71] ، أي: لا لون فيها غير الصفرة، وهو من وشى، ففاؤه واو محذوفة كعدة.

" شقاق " [ص: 2] : عداوة وقصد المخالفة وقد قدمنا أن تنكير العزة والشقاق للدلالة على شدتهما وتفاقم الكفار فيهما.

شرعة [المائدة: 48] ، أي: شريعة يتبعونها، وقد استدل بها من قال إن شريعة من قبلنا في الفروع ليست شرعا لنا.

وقيل: الشرعة معناها ابتداء الطريق.

" شيعا " [الأنعام: 65، 159، والقصص: 4، والروم: 23] : جمع شيعة، أي: متفرقين، كل فرقة تتشيع لمذهبها.

وقوله: في شيع الأولين [الحجر: 10] ، أي: أمم الأولين.

" شق الأنفس " [النحل: 7] ، أي: مشقتها.

" شرذمة " [الشعراء: 54] .

أي: طائفة من الناس، وفي هذا احتقار لهم، على أنا قدمنا أنهم كانوا ستمائة ألف، ولكن جنود فرعون أكثر منهم بكثير.

" شرب " [الشعراء: 155، والقمر: 28]: نصيب.

" شيعته " [القصص: 15، والصافات: 83]: أعوانه، مأخوذ من الشياع، وهو الحطب الصغار الذي يشعل به النار ويعين الحطب الكبار على اتقاد النار.

وقيل: الشيعة الأتباع من قولهم: شاعك كذا وكذا إذا اتبعك.

" شعرى " [النجم: 49] : نجم في السماء، ويسمى كلب الحيار، وهما شعريان: الغميصاء، والعبور.

وقد قدمنا تخصيصهما بالذكر لعبادة بعض العرب لهما.

التالي السابق


الخدمات العلمية