والثاني : أن "أو " هنا بمعنى "إلا أن " كقولهم : "لألزمنك أو تقضيني حقي " أي : إلا أن تقضيني .
الثالث : [أن ] "أو " بمعنى "حتى " أي : ليس لك من الأمر شيء حتى يتوب . وعلى هذين القولين فالكلام متصل بقوله : "ليس لك من الأمر شيء " والمعنى : ليس لك من الأمر شيء إلا أن يتوب عليهم بالإسلام فيحصل لك سرور بهدايتهم إليه أو يعذبهم بقتل أو نار في الآخرة . فيتشفى بهم . وممن ذهب إلى ذلك الفراء . قال وأبو بكر ابن الأنباري : "ومثل هذا الكلام : " لأذمنك أو تعطيني "على معنى : إلا أن تعطيني ، وحتى تعطيني . وأنشد الفراء في ذلك قول ابن الأنباري امرئ القيس :
1425 - فقلت له لا تبك عينك إنما تحاول ملكا أو تموت فتعذرا
أراد : حتى تموت ، أو : إلا أن تموت " قلت : وفي تقديره بيت امرئ القيس بـ "حتى " نظر ، إذ ليس المعنى عليه ؛ لأنه لم يفعل ذلك لأجل هذه الغاية والنحويون لم يقدروه إلا بمعنى "إلا " .
[ ص: 393 ] الثالث : أنه منصوب بإضمار "أن " عطفا على قوله : "الأمر " كأنه قيل : "ليس لك من الأمر أو من توبته عليهم أو تعذيبهم شيء " ، فلما كان في تأويل الاسم عطف على الاسم قبله فهو من باب قوله :
1426 - ولولا رجال من رزام أعزة وآل سبيع أو أسوءك علقما
وقولها :
1427 - للبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشفوف
الرابع : أنه معطوف بالتأويل المذكور على "شيء " والتقدير : ليس لك من الأمر من شيء أو توبة الله عليهم أو تعذيبهم أي : ليس لك أيضا توبتهم ولا تعذيبهم ، إنما ذلك راجع إلى الله تعالى .
وقرأ : "أو يتوب ، أو يعذبهم " برفعهما على الاستئناف في جملة اسمية أضمر مبتدؤها أي : أو هو يتوب ويعذبهم . أبي