1456 - كأين في المعاشر من أناس أخوهم فوقهم وهم كرام
والثانية : " كائن "بزنة " كاعن "وبها قرأ وجماعة ، وهي أكثر استعمالا من " كأين "وإن كانت تلك الأصل . قال الشاعر : ابن كثير
1457 - وكائن بالأباطح من صديق يراني لو أصبت هو المصابا
وقال :
1458 - وكائن رددنا عنكم من مدجج ... ... ... ...
واختلفوا في توجيه هذه القراءة فنقل عن أنها اسم فاعل من : كان يكون فهو كائن ، واستبعده المبرد قال : " لإتيان "من " بعده ولبنائه على [ ص: 423 ] السكون " . وكذلك مكي قال : " وهو بعيد الصحة ، لأنه لو كان كذلك لكان معربا ، ولم يكن فيه معنى التكثير "لا يقال : هذا يحمل على أبو البقاء ، فإن هذا لازم لهم أيضا ، فإن البناء ومعنى التكثير عارضان أيضا ، لأن التركيب عهد فيه مثل ذلك كما تقدم في " كذا "و " لولا "ونحوهما ، وأما لفظ مفرد ينقل إلى معنى ويبنى من غير سبب فلم يوجد له نظير . وقيل : هذه القراءة أصلها " كأين "كقراءة الجماعة إلا أن الكلمة دخلها القلب فصارت " كائن "مثل " جاعن " . المبرد
واختلفوا في تصييرها بالقلب كذلك على أربعة أوجه ، أحدها : أنه قدمت الياء المشددة على الهمزة فصار وزنها كعلف لأنك قدمت العين واللام وهما الياء المشددة ، ثم حذفت الياء الثانية لثقلها بالحركة والتضعيف كما قالوا في " أيهما " : أيهما ، ثم قلبت الياء الساكنة ألفا كما قلبوها في نحو : " آية "والأصل : أية ، وكما قالوا : طائي ، والأصل : طيئي ، فصار اللفظ : كائن كجاعن كما ترى ، ووزنه " كعف " ؛ لأن الفاء أخرت إلى موضع اللام ، واللام قد حذفت .
الوجه الثاني : أنه حذفت الياء الساكنة التي هي عين وقدمت المتحركة التي هي لام ، فتأخرت الهمزة التي هي فاء ، وقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار "كائن " ووزنه : كلف .
الوجه الثالث : - ويعزى - أنه قدمت إحدى الياءين في موضع الهمزة فحركت بحركة الهمزة وهي الفتحة ، وصارت الهمزة ساكنة في موضع الياء ، فتحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا ، فالتقى ساكنان : الألف المنقلبة [ ص: 424 ] عن الياء والهمزة بعدها ساكنة ، فكسرت الهمزة على أصل التقاء الساكنين ، وبقيت إحدى الياءين متطرفة فأذهبها التنوين بعد سلب حركتها كياء قاض وغاز . للخليل
الوجه الرابع : أنه قدمت الياء المتحركة فانقلبت ألفا ، وبقيت الأخرى ساكنة فحذفها التنوين مثل قاض ، ووزنه على هذين الوجهين أيضا كلف لما تقدم من حذف العين وتأخير الفاء ، وإنما الأعمال تختلف .
اللغة الثالثة : "كأين " بياء خفيفة بعد الهمزة على مثال : كعين ، وبها قرأ ابن محيصن والأشهب العقيلي ، ووجهها أن الأصل : كأين كقراءة الجماعة : فحذفت الياء الثانية استثقالا فالتقى ساكنان : الياء والتنوين ، فكسرت الياء لالتقاء الساكنين ثم سكنت الهمزة تخفيفا لثقل الكلمة بالتركيب فصارت كالكلمة الواحدة كما سكنوا : "فهو " و "فهي " .
اللغة الرابعة : "كيئن " بياء ساكنة بعدها همزة مكسورة ، وهذه مقلوب القراءة التي قبلها ، وقرأ بها بعضهم .
واللغة الخامسة : "كئن " على مثال كع ، ونقلها قراءة عن الداني ابن محيصن أيضا . وقال الشاعر :
1459 - كئن من صديق خلته صادق الإخا أبان اختباري أنه لي مداهن
وفيها وجهان أحدهما : أنه حذف الياءين دفعة واحدة لامتزاج الكلمتين بالتركيب ، والثاني : أنه حذف إحدى الياءين على ما تقدم تقريره ، ثم حذف الأخرى لالتقائها ساكنة مع التنوين ، ووزنه على هذا : "كف " لحذف العين واللام منه .
[ ص: 425 ] واختلفوا في "أي " : هل هي مصدر في الأصل أم لا ؟ فذهب جماعة إلى أنها ليست مصدرا وهو ظاهر قول فإنه قال : "وكأين الأصل فيه : " أي "التي هي بعض من كل ، أدخلت عليها كاف التشبيه " وفي عبارته عن "أي " بأنها بعض من كل نظر ، لأنها ليست بمعنى بعض من كل ، نعم إذا أضيفت إلى معرفة فحكمها حكم "بعض " في مطابقة الخبر وعود الضمير نحو : أي الرجلين قام ؟ ولا تقول : "قاما " ، وليست هي التي "بعض " أصلا . أبي البقاء
وذهب أنها في الأصل مصدر "أوى يأوي " إذا انضم واجتمع ، والأصل : أوي نحو : طوى يطوي طيا ، الأصل : طوي ، فاجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء ، وكأن ابن جني ينظر إلى معنى المادة من الاجتماع الذي يدل عليه "أي " فإنها للعموم ، والعموم يستلزم الاجتماع . ابن جني
وهل هذه الكاف الداخلة على "أي " تتعلق بشيء كغيرها من حروف الجر أم لا ؟ والصحيح أنها لا تتعلق بشيء أصلا لأنها مع "أي " صارتا بمنزلة كلمة واحدة وهي "كم " ، فلم تتعلق بشيء ؛ ولذلك هجر معناها الأصلي وهو التشبيه .
وزعم أنها تتعلق بعامل ، ولا بد من إيراد نصه لتقف عليه فإنه كلام غريب . قال : " أما العامل في الكاف فإن جعلناها على حكم الأصل فمحمول على المعنى ، والمعنى : أصابتكم كإصابة من تقدم من الأنبياء وأصحابهم ، وإن حملنا الحكم على الانتقال إلى معنى "كم " كان العامل بتقدير الابتداء وكانت في موضع رفع ، و "قتل " الخبر ، و "من " متعلقة بمعنى [ ص: 426 ] الاستقرار ، والتقدير الأول أوضح لحمل الكلام على اللفظ دون المعنى بما يجب من الخفض في "أي " وإذا كانت "أي " على بابها من معاملة اللفظ فـ "من " متعلقة بما تعلقت به الكاف من المعنى المدلول عليه " . انتهى . الحوفي
واختار الشيخ أن " كأين "كلمة بسيطة غير مركبة وأن آخرها نون هي من نفس الكلمة لا تنوين ، لأن هذه الدعاوي المتقدمة لا يقوم عليها دليل ، والشيخ سلك في ذلك الطريق الأسهل ، والنحويون ذكروا هذه الأشياء محافظة على أصولهم ، مع ما ينضم إلى ذلك من الفوائد وتشحيذ الذهن وتمرينه . هذا ما يتعلق بـ " كأين "من حيث الإفراد .
أما ما يتعلق بها من حيث التركيب فموضعها رفع بالابتداء وفي خبرها أربعة أوجه ، أحدها : أنه " قتل "فإن فيه ضميرا مرفوعا به يعود على المبتدأ والتقدير : كثير من الأنبياء قتل . قال : " والجيد أن يعود الضمير على لفظ "كأين " كما تقول : "مئة نبي قتل " فالضمير للمئة ، إذ هي المبتدأ . فإن قلت : لو كان كذلك لأنثت فقلت : "قتلت . قيل : هذا محمول على المعنى ، لأن التقدير : كثير من الرجال قتل . انتهى " كأنه يعني بغير الجيد عوده على لفظ "نبي " ، فعلى هذا يكون "معه ربيون " جملة في محل نصب على الحال من الضمير في "قتل " [وهو أولى لأنه من قبيل المفردات ، وأصل الحال والخبر والصفة أن تكون مفردة ] . ويجوز أن يكون "معه " وحده هو الحال و "ربيون " فاعل به ، ولا يحتاج هنا إلى واو الحال لأن الضمير هو الرابط ، أعني الضمير في "معه " ، ويجوز أن يكون حالا من "نبي " وإن كان نكرة لتخصيصه بالصفة حينئذ ، ذكره أبو البقاء ، وعمل الظرف هنا لاعتماده على ذي [ ص: 427 ] الحال . قال الشيخ : "هي حكاية حال ماضية فلذلك ارتفع " ربيون "بالظرف وإن كان العامل ماضيا لأنه حكى الحال الماضية كقوله تعالى : مكي وكلبهم باسط ذراعيه وهذا على رأي البصريين ، وأما فيعمل اسم الفاعل العاري من أل مطلقا " . وفيه نظر لأنا لا نسلم أن الظرف يتعلق باسم فاعل حتى يلزم عليه ما قال من تأويله اسم الفاعل بحال ماضية ، بل ندعي تعلقه بفعل تقديره : استقر معه ربيون . الكسائي
الوجه الثاني : أن يكون "قتل " جملة في محل جر صفة لـ "نبي " و "معه ربيون " هو الخبر ، ولك الوجهان المتقدمان في جعله حالا ، أعني إن شئت أن تجعل "معه " خبرا مقدما و " ربيون " مبتدأ مؤخرا ، والجملة خبر "كأين " ، وإن شئت أن تجعل "معه " وحده هو الخبر ، و " ربيون " فاعل به ، لاعتماد الظرف على ذي خبر .
الوجه الثالث : أن يكون الخبر محذوفا تقديره : "في الدنيا " أو "مضى " أو "صائر " ونحوه ، وعلى هذا فقوله : "قتل " في محل جر صفة لـ "نبي " ، و "معه ربيون " حال من الضمير في "قتل " على ما تقدم تقريره ، ويجوز أن يكون "معه ربيون " صفة ثانية لـ "نبي " وصف بصفتين : بكونه "قتل " وبكونه "معه ربيون " .
الوجه الرابع : أن يكون "قتل " فارغا من الضمير مسندا إلى " ربيون " ، وفي هذه الجملة حينئذ احتمالان ، أحدهما : أن تكون خبرا لـ "كائن " ، والثاني : أن تكون في محل جر صفة لـ "نبي " ، والخبر محذوف على ما تقدم ، وادعاء حذف الخبر ضعيف لاستقلال الكلام بدونه . وقال [ ص: 428 ] : "ويجوز أن يكون " قتل "صفة لربيين ، فلا ضمير فيه على هذا ، والجملة صفة " نبي "ويجوز أن تكون خبرا ، فيصير في الخبر أربعة أوجه ، ويجوز أن تكون صفة لـ " نبي "والخبر محذوف على ما ذكرنا " . أما قوله "صفة لـ " ربيين "يعني أن القتل من صفتهم في المعنى . وقوله : " فيصير فيه أربعة أوجه "يعني مع ما تقدم له من أوجه ذكرها . وقوله : فلا ضمير فيه على هذا ، والجملة صفة نبي " غلط لأنه يبقى المبتدأ بلا خبر . فإن قلت : إنما يزعم هذا لأنه يقدر خبرا محذوفا . قلت : قد ذكر هذا وجها آخر حيث قال : "ويجوز أن يكون صفة لـ " نبي "والخبر محذوف على ما ذكرنا " . أبو البقاء
ورجح كون "قتل " مسندا إلى ضمير النبي أن القصة بسبب غزوة أحد وتجادل المؤمنين حين قيل : إن محمدا قد مات مقتولا ، ويؤيده قوله : أفإن مات أو قتل وإليه ذهب ابن عباس وجماعة ، وعن والطبري في قوله : ابن عباس وما كان لنبي أن يغل : "النبي يقتل فكيف لا يخان . وذهب الحسن وجماعة إلى أن القتل للربيين قالوا : لأنه لم يقتل نبي في حرب قط . ونصر وابن جبير هذا بقراءة " قتل "بالتشديد ، يعني أن التكثير لا يتأتى في الواحد وهو النبي . وهذا الذي ذكره الزمخشري سبقه إليه الزمخشري ، وسيأتي تأويل هذا . ابن جني
وقرأ ابن كثير ونافع : " قتل "مبنيا للمفعول ، وأبو عمرو كذلك [ ص: 429 ] إلا أنه شدد التاء ، وباقي السبعة : " قاتل " ، وكل من هذه الأفعال يصلح أن يرفع ضمير " نبي "وأن يرفع ربيين على ما تقدم تفصيله . وقال وقتادة : " إن قراءة "قتل " بالتشديد يتعين أن يسند الفعل فيها إلى الظاهر ، أعني ربيين . قال : "لأن الواحد لا تكثير فيه " . قال ابن جني : "ولا يمتنع أن يكون فيه ضمير الأول لأنه في معنى الجماعة " انتهى . يعني أن "من نبي " المراد به الجنس فالتكثير بالنسبة لكثرة الأشخاص لا بالنسبة إلى كل فرد فرد ، إذ القتل لا يتكثر في كل فرد . وهذا الجواب الذي أجاب به أبو البقاء استشعر به أبو البقاء أبو الفتح وأجاب عنه . قال : "فإن قيل : يسند إلى " نبي "مراعاة لمعنى " كم "فالجواب : أن اللفظ قد فشا على جهة الإفراد في قوله : من نبي ، ودل الضمير المفرد في " معه "على أن المراد إنما هو التمثيل بواحد ، فخرج الكلام عن معنى " كم " . قال : " وهذه القراءة تقوي قول من قال : إن "قتل " و "قاتل " يسندان إلى الربيين .
قال الشيخ : "وليس بظاهر لأن " كأين "مثل " كم " ، وأنت إذا قلت : " كم من عان فككته " [فأفردت ] راعيت لفظها ، ومعناها جمع ، فإذا قلت : " فككتهم "راعيت المعنى ، فلا فرق بين " قتل معه ربيون "و " قتل معهم ربيون " ، وإنما جاز مراعاة اللفظ تارة والمعنى أخرى في " كم "و " كأين "لأن معناهما " جمع " ، و " جمع "يجوز فيه ذلك ، قال تعالى :
أم يقولون نحن جميع منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر فراعى اللفظ في قوله "منتصر " والمعنى في قوله : "يولون " .
[ ص: 430 ] ورجح بعضهم قراءة "قاتل " لقوله بعد ذلك : فما وهنوا قال : "وإذا قتلوا فكيف يوصفون بذلك ؟ إنما يوصف بهذا الأحياء ، والجواب : أن معناه " قتل بعضهم " ، كما تقول : " قتل بنو فلان في وقعة كذا ثم انتصروا " . وقال : " قراءة من قرأ "قاتل " أعم في المدح ، لأنه يدخل فيها من قتل ومن بقي ، ويحسن عندي على هذه القراءة إسناد الفعل إلى الربيين ، وعلى قراءة "قتل " إسناده إلى "نبي " . قال الشيخ : "بل " قتل "أمدح وأبلغ في مقصود الخطاب ، فإن " قتل "يستلزم المقاتلة من غير عكس " . ابن عطية
وقوله : من نبي تمييز لـ "كأين " لأنها مثل "كم " الخبرية . وزعم بعضهم أنه يلزم جره بـ "من " ، ولهذا لم يجئ في التنزيل إلا كذا ، وهذا هو الأكثر الغالب كما قال ، وقد جاء تمييزها منصوبا قال :
1460 - اطرد اليأس بالرجاء فكائن آلما حم يسره بعد عسر
وقال آخر :
1461 - وكائن لنا فضلا عليكم ورحمة قديما ولا تدرون ما من منعم
وأما جره فممتنع لأن آخرها تنوين وهو لا يثبت مع الإضافة .
والربيون : جمع "ربي " وهو العالم منسوب إلى الرب ، وإنما كسرت راؤه تغييرا في النسب نحو : "إمسي " بالكسر منسوب إلى "أمس " . وقيل : كسر للإتباع ، وقيل : لا تغيير فيه وهو منسوب إلى الربة وهي الجماعة . وهذه [ ص: 431 ] القراءة بكسر الراء قراءة الجمهور ، وقرأ علي وابن مسعود وابن عباس : "ربيون " بضم الراء ، وهو من تغيير النسب إن قلنا هو منسوب إلى الرب ، وقيل : لا تغيير وهو منسوب إلى الربة وهي الجماعة ، وفيها لغتان : الكسر والضم ، وقرأ والحسن في رواية ابن عباس : "ربيون " بفتحها على الأصل ، إن قلنا : منسوب إلى الرب ، وإلا فمن تغيير النسب إن قلنا : إنه منسوب إلى الربة . قال قتادة : "والفتح لغة ابن جني تميم " . وقال النقاش : هم المكثرون العلم من قولهم : "ربا يربو " إذا كثر " . وهذا سهو منه لاختلاف المادتين ، لأن تيك من راء وباء وواو ، وهذه من راء وباء مكررة . و " كثير "صفة لـ " ربيون "وإن كان بلفظ الإفراد لأن معناه جمع .
قوله : فما وهنوا الضمير في " وهنوا "يعود على الربيين بجملتهم إن كان " قتل "مسندا إلى ضمير النبي ، وكذا في قراءة " قاتل "سواء كان مسندا إلى ضمير النبي أو إلى الربيين ، وإن كان مسندا إلى الربيين فالضمير يعود على بعضهم ، وقد تقدم ذلك عند الكلام في ترجيح قراءة " قاتل " .
والجمهور على "وهنوا " بفتح الهاء ، والأعمش وأبو السمال بكسرها ، وهما لغتان : وهن يهن ، كوعد يعد ، ووهن يوهن كوجل يوجل ، وروي عن أبي السمال أيضا : "وهنوا " بسكون الهاء ، وهو من تخفيف فعل لأنه حرف حلق نحو : نعم وشهد في : نعم وشهد . وعكرمة
و "لما " متعلق بـ "وهنوا " ، و "وما " يجوز أن تكون موصولة اسمية أو مصدرية أو نكرة موصوفة . والجمهور قرؤوا : "ضعفوا " بضم العين ، [ ص: 432 ] وقرئ : "ضعفوا " بفتحها ، وحكاها لغة . الكسائي
وقوله : وما استكانوا فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه استفعل من الكون ، والكون : الذل ، وأصله : استكون ، فنقلت حركة الواو على الكاف ، ثم قلبت الواو ألفا . وقال الأزهري : "هو من قول العرب : " بات فلان بكينة سوء "على وزن " جفنة "أي : بحالة سوء " فألفه على هذا من ياء ، والأصل : استكين ، ففعل بالياء ما فعل بأختها . وأبو علي
الثالث : قال : "وزنه افتعل من السكون ، وإنما أشبعت الفتحة فتولد منها ألف كقوله : الفراء
1462 - أعوذ بالله من العقراب الشائلات عقد الأذناب
يريد : العقرب الشائلة " . ورد على بأن هذه الألف ثابتة في جميع تصاريف الكلمة نحو : استكان يستكين فهو مستكين ومستكان إليه استكانة ، وبأن الإشباع لا يكون إلا في ضرورة . وكلاهما لا يلزمه : أما الإشباع فواقع في القراءات السبع كما سيمر بك ، وأما ثبوت الألف في تصاريف الكلمة فلا يدل أيضا ؛ لأن الزائد قد يلزم ألا ترى أن الميم في تمندل وتمدرع زائدة ، ومع ذلك هي ثابتة في جميع تصاريف الكلمة قالوا : تمندل يتمندل تمندلا فهو متمندل ومتمندل به ، وكذا تمدرع ، وهما من الندل والدرع . وعبارة أبي البقاء أحسن في الرد فإنه قال : "لأن الكلمة في جميع تصاريفها ثبتت عينها والإشباع لا يكون على هذا الحد " . الفراء
[ ص: 433 ] ولم يذكر متعلق الاستكانة والضعف فلم يقل "فما ضعفوا عن كذا ، وما استكانوا لكذا " للعمل به أو للاقتصار على الفعلين نحو : كلوا واشربوا ليعم ما يصلح لهما .