[ ص: 612 ] آ. (36) قوله : فلما جاء سليمان : أي: فلما جاء الرسول، أضمره لدلالة قولها "مرسلة" فإنه يستلزم رسولا. والمراد به الجنس لا حقيقة رسول واحد بدليل خطابه لهم بالجمع في قوله: "أتمدونن" إلى آخره. ولذلك قرأ "فلما جاؤوا" وقرأ "فارجعوا" إليهم اعتبارا بالأصل المشار إليه. عبد الله
قوله: "أتمدونني" استفهام إنكار. وقرأ بإدغام نون الرفع في نون الوقاية. وأما الياء فإنه يحذفها وقفا ويثبتها وصلا على قاعدته في الزوائد. والباقون بنونين على الأصل. وأما الياء فإن حمزة نافعا وأبا عمرو يثبتانها وصلا ويحذفانها وقفا، كحمزة يثبتها في الحالين، والباقون يحذفونها في الحالين. وروي عن وابن كثير أنه يقرأ بنون واحدة، فتكملت ثلاث قراءات، كما في "تأمروني أعبد". نافع
قال "فإن قلت ما الفرق بين قولك: أتمدونني بمال وأنا أغنى منكم، وبين أن تقوله بالفاء؟ الزمخشري:
قلت: إذا قلته بالواو فقد جعلت مخاطبي عالما بزيادتي عليه في الغنى، وهو مع ذلك يمدني بالمال. وإذا قلته بالفاء فقد جعلته ممن خفي عليه حالي، وإنما أخبره الساعة بما لا أحتاج معه إلى إمداده كأني أقول: أنكر عليك [ ص: 613 ] ما فعلت فإني غني عنه، وعليه ورد قوله: "فما آتاني الله" انتهى. وفي هذا الفرق نظر; إذ لا يفهم ذلك بمجرد الواو والفاء، ثم إنه لم يجب عن السؤال الأول: وهو أنه لم عدل عن قوله: "وأنا أغنى منكم" إلى قوله: "فما آتاني الله" ؟ وجوابه: أنه أسند إيتاء الغنى إلى الله إظهارا لنعمته عليه، ولو قال: وأنا أغنى منكم، كان في افتخار من غير ذكر لنعمة الله عليه.
قوله: "بل أنتم" إضراب انتقال. قال "فإن قلت: فما وجه الإضراب؟ قلت: لما أنكر عليهم الإمداد، وعلل إنكاره، أضرب عن ذلك إلى بيان السبب الذي حملهم عليه، وهو أنهم لا يعرفون سبب رضا إلا ما يهدى إليهم من حظوظ الدنيا التي لا يعرفون غيرها. والهدية يجوز إضافته إلى المهدي. وإلى المهدى إليه وهي هنا محتملة للأمرين". الزمخشري:
قال الشيخ: "وهي هنا مضافة للمهدى إليه. وهذا هو الظاهر. ويجوز أن تكون مضافة إلى المهدي أي: بل أنتم بهديتكم هذه التي أهديتموها تفرحون فرح افتخار". قلت كيف يجعل هذا الأول هو الظاهر، ولم ينقل أن سليمان صلى الله عليه وسلم أرسل إليهم هدية في هذه الحالة حتى يضيفها إليهم؟ بل الذي يتعين إضافتها إلى المهدي.