الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (270) قوله تعالى: وما أنفقتم من نفقة : كقوله: [ ص: 607 ] "ما ننسخ"" وما تفعلوا من خير" وقد تقدم تحقيق القول فيهما. وتقدم أيضا مادة "نذر" في قوله: "أأنذرتهم"، إلا أن النذر له خصوصية: وهو عقد الإنسان ضميره على شيء والتزامه، وفعله: نذر - بالفتح - ينذر وينذر: بالكسر والضم في المضارع، يقال: نذر فهو ناذر، قال عنترة:


                                                                                                                                                                                                                                      1077 - الشاتمي عرضي ولم أشتمهما والناذرين إذا لم ألقهما دمي

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: "فإن الله يعلمه" جواب الشرط إن كانت "ما" شرطية، أو زائدة في الخبر إن كانت موصولة. ووحد الضمير في "يعلمه" وإن كان قد تقدم شيئان: النفقة والنذر لأن العطف هنا بـ "أو"، وهي لأحد الشيئين، تقول: "إن جاء زيد أو عمرو أكرمته"، ولا يجوز: أكرمتهما، بل يجوز أن تراعي الأول نحو: "زيد أو هند منطلق، أو الثاني نحو: زيد أو هند منطلقة، والآية من هذا، ولا يجوز أن يقال: منطلقان. ولهذا تأول النحويون: "إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما" كما سيأتي. ومن مراعاة الأول قوله: "وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها"، وبهذا الذي قررته لا يحتاج إلى تأويلات ذكرها المفسرون هنا: فروي عن النحاس أنه قال: "التقدير: وما أنفقتم من [ ص: 608 ] نفقة فإن الله يعلمها، أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه، فحذف، ونظره بقوله: "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها" وقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      1078 - نحن بما عندنا وأنت بما     عندك راض والرأي مختلف

                                                                                                                                                                                                                                      وقول الآخر:


                                                                                                                                                                                                                                      1079 - رماني بأمر كنت منه ووالدي     بريئا ومن أجل الطوي رماني

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا لا يحتاج إليه; لأن ذلك إنما هو في الواو المقتضية للجمع بين الشيئين، وأما "أو" المقتضية لأحد الشيئين فلا. وقال ابن عطية: "ووحد الضمير في "يعلمه" وقد ذكر شيئين من حيث إنه أراد ما ذكر أو ما نص"، ولا حاجة إلى هذا أيضا لما عرفت من حكم "أو".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية