الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                28 حدثنا داود بن رشيد حدثنا الوليد يعني ابن مسلم عن ابن جابر قال حدثني عمير بن هانئ قال حدثني جنادة بن أبي أمية حدثنا عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق وأن النار حق أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء وحدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا مبشر بن إسمعيل عن الأوزاعي عن عمير بن هانئ في هذا الإسناد بمثله غير أنه قال أدخله الله الجنة على ما كان من عمل ولم يذكر من أي أبواب الجنة الثمانية شاء

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( حدثنا داود بن رشيد حدثنا الوليد يعني ابن مسلم عن ابن جابر قال : حدثني عمير بن هانئ قال : حدثني جنادة بن أبي أمية قال : حدثنا عبادة بن الصامت ) أما ( رشيد ) فبضم الراء وفتح الشين . وأما ( الوليد بن مسلم ) فهو الدمشقي صاحب الأوزاعي وقد قدمنا في أول هذا الباب بيانه . وقوله ( يعني ابن مسلم ) قد قدمنا مرات فائدته ، وأنه لم يقع نسبه في الرواية فأراد إيضاحه من غير زيادة في الرواية . وأما ( ابن جابر ) فهو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الدمشقي الجليل . وأما ( هانئ ) فهو بهمز آخره . وأما ( جنادة ) بضم الجيم فهو جنادة بن أبي أمية واسم أبي أمية كبير بالباء الموحدة . وهو دوسي أزدي نزل فيهم شامي . وجنادة وأبوه صحابيان هذا هو الصحيح الذي قاله الأكثرون . وقد روى له النسائي حديثا في صوم يوم الجمعة أنه دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثمانية أنفس وهم صيام . وله غير ذلك من الحديث الذي فيه التصريح بصحبته . قال أبو سعيد بن يونس في تاريخ مصر : كان من الصحابة ، وشهد فتح مصر . وكذا قال غيره . ولكن أكثر رواياته عن الصحابة . وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي : قال ابن عبد الله العجلي : وهو تابعي من كبار التابعين . وكنية جنادة أبو عبد الله كان صاحب غزو - رضي الله عنه - . والله أعلم .

                                                                                                                وهذا الإسناد كله شاميون إلا داود بن رشيد فإنه خوارزمي سكن بغداد .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( من قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء ) هذا حديث عظيم الموقع وهو أجمع أو من أجمع الأحاديث المشتملة على العقائد فإنه - صلى الله عليه وسلم - جمع فيه ما يخرج عن جميع ملل الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدهم فاختصر - صلى الله عليه وسلم - في هذه [ ص: 184 ] الأحرف على ما يباين به جميعهم وسمى عيسى عليه السلام كلمة لأنه كان بكلمة " كن " فحسب من غير أب بخلاف غيره من بني آدم . قال الهروي سمي كلمة لأنه كان عن الكلمة فسمي بها . كما يقال للمطر رحمة . قال الهروي : وقوله تعالى : وروح منه أي رحمة . قال : وقال ابن عرفة : أي ليس من أب إنما نفخ في أمه الروح وقال غيره وروح منه أي مخلوقة من عنده وعلى هذا يكون إضافتها إليه إضافة تشريف كناقة الله وبيت الله . وإلا فالعالم له سبحانه وتعالى ومن عنده . والله أعلم .

                                                                                                                قوله : ( حدثنا إبراهيم الدورقي ) هو بفتح الدال وقد تقدم بيانه في المقدمة . وتقدم أن اسم الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو مع بيان الاختلاف في الأوزاع التي نسب إليها .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( أدخله الله الجنة على ما كان من عمل ) هذا محمول على إدخاله الجنة في الجملة فإن كانت له معاص من الكبائر فهو في المشيئة فإن عذب ختم له بالجنة وقد تقدم هذا في كلام القاضي وغيره مبسوطا مع بيان الاختلاف فيه . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية