الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 556 ] الحادي عشر : إذا قدم المتن كقال النبي صلى الله عليه وسلم كذا ، أو المتن وأخر الإسناد كروى نافع عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا ، ثم يقول أخبرنا به فلان عن فلان حتى يتصل صح وكان متصلا ، فلو أراد من سمعه هكذا تقديم جميع الإسناد فجوزه بعضهم ، وينبغي فيه خلاف كتقديم بعض المتن على بعض بناء على منع الرواية بالمعنى ، ولو روى حديثا بإسناد ثم أتبعه إسنادا قال في آخره مثله فأراد السامع رواية المتن بالإسناد الثاني فالأظهر منعه ، وهو قول شعبة ، وأجازه الثوري ، وابن معين إذا كان متحفظا مميزا بين الألفاظ ، وكان جماعة من العلماء إذا روى أحدهم مثل هذا ذكر الإسناد ثم قال مثل حديث قبله متنه كذا ، واختار الخطيب هذا ، وأما إذا قال نحوه فأجازه الثوري ، ومنعه شعبة ، وابن معين .

        قال الخطيب : فرق ابن معين بين ( مثله ونحوه ) يصح على منع الرواية بالمعنى ، فأما على جوازها فلا فرق ، قال الحاكم : يلزم الحديثي من الإتقان أن يفرق بين ( مثله ونحوه ) فلا يحل أن يقول مثله إلا إذا اتفقا في اللفظ ويحل نحوه إذا كان بمعناه .

        التالي السابق


        ( الحادي عشر : إذا قدم ) الراوي ( المتن ) على الإسناد ( ك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ) ثم يذكر الإسناد بعده ( أو المتن ، وأخر الإسناد ) من أعلى ، ( كروى نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا ، ثم يقول : أخبرنا به فلان ، عن فلان حتى يتصل ) بما قدمه ( صح ، وكان متصلا .

        فلو أراد من سمعه هكذا تقديم جميع الإسناد ) بأن يبدأ به أولا ثم يذكر المتن ( فجوزه بعضهم ) أي أهل الحديث من المتقدمين ، قال المصنف في الإرشاد : وهو الصحيح .

        قال ابن الصلاح : ( وينبغي ) أن يكون ( فيه خلاف ، كتقديم بعض المتن على بعض ) أي كالخلاف فيه ، فإن الخطيب حكى فيه المنع ( بناء على منع الرواية بالمعنى ) والجواز على جوازها .

        قال البلقيني : وهذا التخريج ممنوع ، والفرق أن تقديم بعض الألفاظ على بعض [ ص: 557 ] يؤدي إلى الإخلال بالمقصود في العطف وعود الضمير ، ونحو ذلك بخلاف تقديم السند كله أو بعضه ، فلذلك جاز فيه ولم يتخرج على الخلاف . انتهى .

        قلت : والمسألة المبني عليها أشار إليها المصنف كابن الصلاح ، ولم يفردها بالكلام عليها وقد عقد الرامهرمزي لذلك بابا ، فحكى عن الحسن والشعبي وعبيدة وإبراهيم وأبي نضرة الجواز إذا لم يغير المعنى .

        قال المصنف وينبغي القطع به إذا لم يكن للمقدم ارتباطا بالمؤخر .

        فائدة : قال شيخ الإسلام : تقديم الحديث على السند يقع لابن خزيمة إذا كان في السند من فيه مقال فيبتدئ به ، ثم بعد الفراغ يذكر السند .

        قال وقد صرح ابن خزيمة بأن من رواه على غير ذلك الوجه لا يكون في حل منه ، فحينئذ ينبغي أن يمنع هذا ، ولو جوزنا الرواية بالمعنى .

        ( ولو روى حديثا بإسناد ) له ، ( ثم أتبعه بإسناد آخر ) ، وحذف متنه أحاله على المتن الأول ، ( وقال في آخره مثله فأراد السامع ) لذلك منه ( رواية المتن ) الأول ( بالإسناد الثاني ) فقط ، ( فالأظهر منعه ، وهو قول شعبة ، [ ص: 558 ] وأجازه سفيان ( الثوري وابن معين إذا كان ) الراوي ( متحفظا ) ضابطا ( مميزا بين الألفاظ ) ومعناه ، إن لم يكن كذلك .

        ( وكان جماعة من العلماء إذا روى أحدهم مثل هذا ذكر الإسناد ثم قال : مثل حديث قبله متنه كذا ، واختار الخطيب هذا .

        وأما إذا قال نحوه فأجازه الثوري ) أيضا كمثله ، ( ومنعه شعبة ) وقال : هو شك ، بل هو أولى من المنع في مثله ، ( وابن معين ) أيضا وإن جوزه في مثله .

        ( قال الخطيب : فرق ابن معين بين مثله ونحوه يصح على منع الرواية بالمعنى ، فأما على جوازها فلا فرق قال الحاكم : ) إن مما ( يلزم الحديثي من ) الضبط ، و ( الإتقان أن يفرق بين مثله ونحوه ، فلا يحل أن يقول مثله إلا إذا ) علم أنهما ( اتفقا في اللفظ ويحل ) أن [ ص: 559 ] يقول ( نحوه إذا كان بمعناه ) .




        الخدمات العلمية