الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      فائدة [ العبادة هي الطاعة لله تعالى ] العبادة هي الطاعة لله تعالى . وقال بعض أصحاب أبي حنيفة : بما افتقر من الطاعات إلى النية . قاله الشيخ أبو إسحاق في " الملخص " : قال : والطاعة : موافقة الأمر ، وقال ابن الصباغ في " العدة " : الطاعة موافقة الأمر ، والمعصية مخالفة الأمر . وقالت المعتزلة : الطاعة موافقة المطاع ، والمعصية مخالفة المراد . وقيل : مخالفة المعاصي ، وهذا بناء منهم على أن الأمر شرطه الإرادة . قال : والعبادة ما كان طاعة لله منويا به سواء كان فعلا كالصلاة ، أو تركا كالزنا ، وقالت الحنفية : الوضوء ليس بعبادة ; لعدم افتقاره إلى النية ، ولنا : أن العبادة مشتقة من التعبد ، وعدم النية لا يمنع كونه عبادة ، وهكذا ذكره أصحابنا ، وعندي : أن العبادة والطاعة والقربة إنما يكون فعلا وتركا إذا فعل [ ص: 391 ] المكلف ذلك تعبدا أو تركه تعبدا ، فأما إذا فعله لا بقصد التعبد بل لغرض آخر ، أو ترك شيئا من المحرمات لغرض آخر غير التعبد ، فلا يكون ذلك عبادة منه لقوله تعالى : { ذلك خير للذين يريدون وجه الله } وأما إزالة النجاسة فإنما صحت من غير نية ; لأن طريقها الترك فصح ، وإن لم يقصد به التعبد ; لأنه عدم الفعل ، ولكن لا يثاب عليه إلا إذا قصد به الإزالة للصلاة أو لأجل النهي عنه ، فحينئذ يكون عبادة . وأما القربة فقال القفال المروزي : ما كان معظم المقصود منه رجاء الثواب من الله تعالى . حكاه عنه القاضي الحسين في " الأسرار " قال : ولا يرد عليه قضاء الديون ورد المغصوب ; لأن المقصود منها ، ومن سائر المعاملات النفع للآدمي .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية